38serv
في الوقت الذي قطعت المؤسسات التعليمية الإفريقية حتى لا نقول الأوروبية أشواطا هائلة في مسيرتها التعليمية وتطوير مناهجها التدريسية، وذلك عبر إيلائها كل الرعاية والاهتمام بهدف تطوير التحصيل العلمي للتلميذ والحصول على نتائج نوعية وثمار تربوية واضحة، لاتزال المدارس التربوية الجزائرية تقبع في دوامة من المشاكل الخاصة ببنيتها القاعدية وهياكلها المؤسساتية، ليبقى التركيز على المناهج المُدرّسة ونوعية الطريقة التربوية الصحيحة وكذا التعامل السوسيو سيكولوجي مع التلميذ في هذه العملية المعقدة مرتبطا بكلمة “إنجاز مع وقف التنفيذ”! ليس أدلَّ على هذا من الوضعية التي تتواجد عليها المدرسة الابتدائية الشهيد مقلاتي بلخير المتواجدة بمكانين مختلفين، الأول منه جغرافي ببلدية الحاسي شمال باتنة، لكن تموقعها الثاني هو التهميش والنسيان في أجندة أولويات مسؤولي الولاية! كيف لا وهي التي اضطرت الظروف القاهرة مسؤوليها لتحويل المسكن الوظيفي المتواجد بساحة المدرسة إلى مجموعة من المرافق البيداغوجية، حيث تم تخصيص الغرفة الأولى والضيقة جدا إلى قسم يزاول التلاميذ فيه العملية التعليمية، في الوقت الذي تم تحويل حجرة أخرى إلى قاعة لاجتماع المعلمين، وتحويل القاعة الثالثة إلى مكتب للمدير، في حين حُوِّل مطبخ المسكن إلى مخزن للمواد الغذائية الخاصة بالمطعم المدرسي!ولم تتوقف معاناة جميع من يشتغل بهذه المدرسة عند هذا الحد فحسب، فرغم الكلام الشفوي المتداول على لسان مسؤولي الولاية بخصوص إعطاء الأولوية لهذا القطاع، إلا أن ذلك لم يمنع من تعريض التلاميذ لقساوة البرد، حيث لم يتم تزويدهم بالشطر الثاني من مادة المازوت، رغم تزويدهم في المواسم السابقة بشطرين من هذه المادة، وهو ما جعل التلاميذ بين مطرقة البرد الشديد وسندان غياب الوقود ومعها توقف أجهزة التدفئة. ولم تتوقف مشاكل هذه الابتدائية عند هذا الحد فحسب، بل تجاوزها لافتقاد الابتدائية لحارس ليلي، وهو ما يجعلها عرضة لمختلف عمليات السرقة، فضلا عن المعاناة التي تعيشها الطباخة التي تشتغل لمدة 14 سنة في إطار عقود تشغيل الشباب دون ترسيمها لحد الآن، حيث سئمت من الوعود الشفوية المقدمة لها في كل مرة في ظل معاناتها من المرض الذي أنهك جسدها، بالإضافة إلى أن أغلب المعلمين يشتغلون وفق عقود الاستخلاف، وهو ما من شأنه أن يؤثر على عطاء المعلم، حيث أكد مدير المدرسة لـ«الخبر” أن نتائج نهاية التعليم الابتدائي لم تتجاوز الـ20 ٪ قبل سنتين من الآن.ويأتي هذا في الوقت الذي تحاول وزارة التربية الوطنية، عبر برامجها “المكتوبة”، إلى عصرنة القطاع، غير أن الكثير من المؤسسات التربوية تفتقر لأدنى شروط التدريس، ناهيك عن الهاتف الثابث وشبكة الأنترنت والمكتبة وغيرها، والتي أصبحت كماليات بل لا يسمع بها بعض التلاميذ ولا يرونها أصلا!
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات