+ -

يتعجب بعض الناس كيف يقوم العقيد بن شريف في الجلفة بغلق المحكمة لأنها حكمت على أحد أقاربه! واضطر القضاة إلى الهرب من الباب الخلفي، حتى لا يطالهم غضب العقيد المتقاعد.. زميل رئيس الجمهورية في مجلس الثورة قبل 40 سنة!في الدولة التي يقوم فيها رئيس الجمهورية بغلق الرئاسة ونقل نشاطها إلى بيته في زرالدة ولا يتحرك أحد، لا تنتظروا أقل من أن يغلق عقيد متقاعد محكمة أو حتى وزارة العدل كاملة؟!شخصيا لا اعتبر ما قام به العقيد بن شريف فيه خطورة بمثل خطورة غلق رئاسة الجمهورية ونقل نشاطها الرئاسي إلى بيت الرئيس! حتى استقبالات رؤساء الدول واجتماعات مجلس الوزراء أصبحت تجرى في بيت الرئيس وليس في الرئاسة المغلقة عمليا!زعيم الأرندي، الحزب الحاكم، يقبل أن يكون «فاڤماستر» بين الرئاسة وبيت الرئيس دون أن يجد حرجا في ذلك! وزعيم الأفالان سعداني يذهب إلى أبعد من ذلك ويقول: إن البلاد اليوم في حاجة إلى الرئيس بوتفليقة أكثر من أي وقت مضى! أي الجزائر في حاجة لأن يحكمها الرئيس من بيته في زرالدة.. لا المجلس الدستوري ولا أي هيئة أخرى من هيئات الدولة السياسية والمدنية وغير السياسية!رئيس الحكومة (عفوا الوزير الأول) يرى أن الدستور الذي بقي عشر سنوات يعده مع الرئيس لا يجبر الرئيس على تغيير الحكومة.. وما يجبر الرئيس على تغيير الحكومة هو مزاجه فقط! دولة بهذه المواصفات وبهذه النوعية من الرجال في السياسة لا يمكن أن تتعجبوا إذا ما أغلق فيها عقيد متقاعد محكمة! ألم تذكر الأخبار أن ابن جنرال سعى إلى غلق باب الرئاسة ذات يوم ولم يحدث شيء؟!حتى المعارضة تسير أيضا في نفس منطق سيادة العسكري على غيره من المؤسسات! ألم يصرح زعيم أكبر حزب إسلامي معارض مرخص له.. وهو حزب (حمس) بأن الجيش يجب أن يترفع ولا ينزل بنشاطه إلى السياسة، لأن الجيش له رسالة أنبل من السياسة؟! أليس هذا اعترافا بأن السياسة في الجزائر ملوثة وتحتاج إلى حالة غسيل! السياسة في البلدان الأخرى هي سيدة المهن، وهي مهنة تتحكم في مصائر المهن الأخرى! أما عندنا فهي مبتذلة مثل أصحابها.. وماذا ننتظر من زعماء أحزاب يعترفون بأن سياستهم ملوثة ولا ينبغي للجيش أن يتلوث بها؟!تشرشل قال إن الحرب مسألة جدية أكبر من أن تترك للعسكريين! وعندنا يقول مقري إن السياسة مسألة قذرة من الخطأ أن يمارسها العسكر؟!أوباما عندما انتقده ضابط في أفغانستان.. استدعاه وقال له أنا القائد الأعلى للقوات المسلحة، والشعب الأمريكي أعطاني هذه المهمة، فلا حق لك أنت أن تطعن فيها!عندما يصل الشعب الجزائري إلى مرحلة ممارسة حقه في تعيين وعزل حكامه، ستختفي مظاهر وجود حكام يحكمونه من بيوتهم.. وتختفي مظاهر غلق العدالة من طرف «كابران» برتبة عقيد، وتختفي النماذج السياسية المتهالكة والمهلكة للسياسة من أمثال سعداني وأويحيى وسلال ومقري وغيرهم.. وهذا الوقت لن نعيشه نحن بل لن يعيشه حتى أبناؤنا.. وقد يلحق به أبناء أبنائنا إن شاء الله؟!

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات