38serv
قال الروائي والشاعر العراقي برهان شاوي إنه ترك الشعر وتوجه لكتابة الرواية بعد أربعين سنة من الكتابة الشعرية، تكرس من خلالها في المشهد الثقافي العربي والعراقي كشاعر. واعتبر أن الروائي وهو يكتب الرواية قادما من فضاء الشعر، عليه أن “يتجنب الشطحات الشعرية”، مضيفا: “لما أريد أن أكتب القصيدة، أذهب إلى الشعر”.
اعتبر الكاتب العراقي برهان شاوي، مؤلف سلسلة روائية بعنوان “المتاهات”، صدر منها إلى حد الآن ستة أجزاء، صدرت بالجزائر عن منشورات “الاختلاف”، أن مسألة انتقال الشاعر من القصيدة إلى كتابة الرواية يعتبر أمرا عاديا، بدليل، حسب اعتقاده، أن كثيرا من الكتاب عبر العالم بدأوا كروائيين وتركوا أعمالا روائية خالدة. ففي الأدب الروسي يوجد “ميخاييل ليرمنتوف” صاحب رواية “بطل من هذا الزمان”، ويوجد “ألكسندر بوشكين” أب الرواية الروسية رغم أنه بدأ شاعرا، وفي الآداب الفرنسية والآداب الإسبانية، كما لا تخلو الآداب الأمريكية من شعراء انتقلوا لكتابة الرواية.وقال شاوي، أمس، خلال نزوله ضيفا على فضاء “موعد مع الرواية” بقصر الثقافة مفدي زكريا، بحضور وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، إنه “ليس غريبا أن يتوجه الشاعر إلى كتابة الرواية حينما تضيق القصيدة، ولا تقدر على احتواء الأشعة الوجودية والنفسية التي تواجه الكاتب”. وأضاف: “كلما اتسعت الرواية، تفجرت الرؤية وفاض الكلام”.ويرى برهان شاوي أن التجربة الشعرية تضيق أحيانا، بالتالي يصبح اللجوء إلى كتابة الرواية بمثابة الحل. واعتبر أن هذا الانتقال في ما يخص مساره الإبداعي تم بشكل طبيعي، وقال: “كنت متحررا حتى داخل الشعر نفسه، كتبت كل أنواع الشعر، وجاءت نصوصي منفتحة لا تتقيد بوزن”، موضحا: “تلبسني الرواية منذ عقد من الزمن، وأصبحت أشعر أنني تكرست للرواية لطرح الأسئلة التي تعج في نفسي منذ خمسين عاما”.وعاد شاوي إلى تجربته مع الكتابة الإبداعية، وقال: “درستُ السينما وعلومها أكاديمياً في موسكو. وبعد الانتهاء من الدراسة كتبتُ دراسة طويلة عن السيناريو باعتباره شكلاً جديداً من الأدب. وعندما كتبتُ روايتي الأولى “الجحيم المقدس”، وضعتُ على غلافها تعبير “رواية سينمائية” كتجنيس جديد، لأني كنتُ أستخدم كل تقنيات السيناريو السينمائية عند الكتابة، من مونتاج متواز إلى القطع والانتقالات المتوازية في الزمان والمكان، إلى طبيعة اللقطات. أي توصيف الشخصيات والأحداث”. وأضاف: “هناك أثر السينما واضح في أعمال روائية عربية كثيرة. نجده في روايات عديدة لنجيب محفوظ وإسماعيل فهد إسماعيل على سبيل المثال”.وعن سؤال حول علاقة الرواية بالتاريخ، وهو الموضوع الذي تناولته الحلقة الثانية من “موعد مع الرواية”، قال برهان شاوي: “فوجئت بمعظم النقاشات التي تناولت هذا الموضوع تدور حول الرواية والعلاقة بالوثيقة. فالرواية في علاقتها مع التاريخ علاقة منفتحة. والرواية التاريخية ليست بالضرورة تلك التي تتخذ من الوثيقة موضوعا لها”. ويعتقد شاوي أن “كل رواية هي تاريخ، وهناك روايات ليست تاريخية بالمعنى العام، لكنها أصدق من التاريخ نفسه. فمن أراد أن يعرف شيئا عن حملة نابليون بونابرت على روسيا، عليه أن يقرأ رواية “الحرب والسلم” لتولستوي، ومن أراد أن يعرف شيئا عن قرطاج، عليه أن يقرأ رواية “سالامبو” لغوستاف فلوبير”. ويرى شاوي أن مثل هذه الرواية تجعلنا نكتشف روح العصر، أكثر من الوثيقة التاريخية، وقال: “الرواية تقدم التاريخ بشكل آخر، وهو شكل إنساني”. وقال معقبا: “لكن هناك خطورة في تناول الرواية للتاريخ، وتكمن هذه الخطورة في إمكانية التلاعب بالتاريخ وتأويل الأحداث”.وتحدث برهان شاوي عن علاقته بالكتابة الروائية، وكيف كتب ستة أجزاء من سلسلة روائية ضمت ست متاهات مختلفة بعد أن تفجرت الحرب الطائفية والهلية في العراق سنة 2007، وهي الحرب التي قال عنها: “زرع الأمريكان في هذه الحرب الروح الطائفية في العراق، وأسسوا للنظام الطائفي”. وقال: “حينما جئت للكتابة الروائية كانت بغداد قد تحولت إلى “مشرحة كبرى”، فالجيران تحولوا إلى أعداء ومن هنا بدأت المتاهات، آخرها “متاهة الأرواح المنسية”، وقبلها كان “متاهـة آدم”، “متـاهـة حـواء”، “متـاهة قابيـل”، “متـاهـة الأشـباح”، ومتاهـة إبليـس”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات