"مقالك تصفية حسابات ومحاولة لكسب الشهرة"

+ -

أوردت صحيفة “هسبريس” الإلكترونية المغربية، أول أمس، أن مقال الروائي ووزير الثقافة المغربي السابق، بنسالم حميش، حول المفكر الراحل محمد أركون، أثار امتعاض أرملته ثريا يعقوبي أركون، مغربية الجنسية. وذكرت الصحيفة المغربية أن أرملة أركون ردت في مقال على ما كتبه حميش في مقال سابق نشرته الصحيفة ذاتها بعنوان “أركون بين الاختزال والافتراء”، مبدية استغرابها من هجوم حميش على أستاذه أركون، حسب تعبيرها، مضيفة أن “التعرض لاسم أركون بداعي الشهرة تصرف خسيس”. جاء في رسالة ثريا يعقوبي أركون: “أصبتُ حقاً بالدهشة والذهول بعد أن اطلعت على الهجوم الذي شنّه بعنف بنسالم حميش ضد محمد أركون على صفحتكم الإلكترونية، كما على إحدى شاشات التلفزة. لذا رأيتُ من الواجب علي التدخل لكي أبدي بعض الإشارات التي فاته أن يذكرها”. وأضافت متسائلة: “لماذا امتنع صاحب المقال عن التعبير عن آرائه يوم كان أستاذه على قيد الحياة؟ لماذا حجب هذه الآراء يوم حضر جنازة أركون وتصدر المقاعد الأولى في 17 سبتمبر 2010؟ لماذا أعلن أمام عدسات التلفزة ما أوجزته الصحافة كالآتي: “على هامش مراسم دفن المرحوم أركون في مدافن “الشهداء”، صرّح وزير الثقافة بنسالم حميش بأن أركون قد دافع عن المفاهيم الفكرية الكبرى، لذا من الحكمة بما كان القيام بترجمة أعماله لكي نسمح لأكبر عدد من القراء بالاستفادة من فكره؛ كما أعلن عزم وزارة الثقافة تنظيم مؤتمر كبير حول فكره في إطار المعرض الدولي للنشر والكتاب، المنعقد في الدار البيضاء، يستدعى له عدد لا بأس به من الأخصائيين، لتخليد ذكرى أركون والاستفادة مما أنتجه من فكر”.حميش يصفي حساباته مع أركونوذكرت أرملة أركون أن كل ما تم إنجازه من وعود من قبل وزير الثقافة المغربي السابق، يمكن حصره في إطلاق اسم محمد أركون على إحدى قاعات المحاضرات خلال أعمال الـمعرض الدولي للنشر والكتاب، لا أكثر. وكتبت: “إذا عمّقنا النظر، يمكن القول إن الكراهية التي يظهرها حميش تعود إلى زمن بعيد! في أواسط السبعينات من القرن الماضي، جاء السيد حميش لتسجيل أطروحته مع محمد أركون، هذه الأطروحة التي لم يتمكن يوماً من إنجازها نظراً لعدم مثابرته في العمل”. وكشفت أرملة المفكر الجزائري الراحل أنها عثرت بين مراسلات أركون على نص كتبه حميش إلى أستاذه يعتذر فيه عن تغيبه المتكرر. وكتبت: “ومن الضروري أن أذكّر هنا بمزايا أركون الأستاذ الذي عُرف بدقته وانضباطه وتشدده في تطبيق القواعد العلمية الصارمة، وهذا ما يشهد عليه اليوم طلابه الكُثر في العالم”. إن الانقلاب في المواقف الذي نشهده اليوم عند بنسالم حميش، حسب ثريا أركون، “يبدو أنه نوع من تصفية الحسابات أكثر من كونه نشاطاً فكرياً؛ إذ إن هذا الموقف غير مبرر وجاء متأخراً”. وتعتقد ثريا أركون أن الدافع للتعرض إلى اسم أستاذ معروف مثل محمد أركون، بهدف اكتساب سمعة ما أو شهرة خاصة “يُعتبر أمراً خسيساً. كما أن اتهام أركون بعدم تمكنه من اللغة العربية يعتبر ضرباً من الهذيان”، مضيفة: “من هنا يمكننا أن نسأل عن المستوى الأخلاقي وعن المصداقية التي يتمتّع بها هذا المثقف الذي يدلي بتصريح رسمي علني في العام 2010 ويتراجع عنه ليقول العكس تماماً في 2016”.“علاقة أركون بالإسلام علاقة متوترة صدامية”وكان الروائي بنسالم حميش قد كتب مقالا نشره بصحيفة “هسبريس” الإلكترونية، تحدث فيه عن ما أسماه “النظرة الاختزالية لدى المفكر الجزائري”، وكتب ما يلي: “ما تنطبع به الكتابات الأركونية هو نهجها الاختزالي الصارخ، فهو مثلا يُسقط من حسابه التراث الأدبي والصوفي العربي-الإسلامي بكل نصوصه الهائلة وتجلياته الإبداعية الشيقة؛ والأدهى منه والأعجب تقريره الاعتباطي بنهاية الفلسفة في الإسلام مع وفاة أبي الوليد ابن رشد، غير آبه لتراث ضخم أنتجه أعلام عظام برزوا في القرون التالية، من مصاف الشيخ الأكبر ابن عربي وابن سبعين وابن خلدون والسهروردي والملا صدرا الشيرازي، وغيرهم كثير، وذلك خلافا لما ذهب إليه باحثون أكفاء (هنري كوربان، لوي ماسينيون، آن- ماري شيمل، كريستيان جامبي، عبد الرحمن بدوي..). ويشمل ذلك المنهج الاختزالي التعسفي قطاعات عديدة من الأعمال الفكرية والدراسية بالعربية، إذ يرميها، حتى من دون اطلاع، في أتون “الإيديولوجيا” التي هي عنده نقيض “العلم”؛ والعلم هو، في اعتقاده الراسخ، ما يضطلع به ويمارسه هو. ويذهب به الأمر إلى ادعاء القدرة على التفكير في ما يظل عند الآخرين، حتى من النخب، طيَّ منطقة اللامفكر فيه”. وأضاف بنسالم بكثير من التحامل على أركون: “اللافت للنظر عند أركون هو علاقته المتوترة الصدامية مع موضوعاته الرئيسية (الإسلام)، شُغل أيامه وأعماله الشاغل، به يتعيش ويتقلب في الألقاب والمناصب؛ إنها علاقة - يا للمفارقة الثقيلة!- مشوبة بالعداء والكراهية، تبعده عن سبل الفكر الفلسفي الصحيح العميق”.وبعد أن قدم حميش أستاذه أركون كرجل بمواصفات سلبية، منها أنه “يخبط خبط عشواء” و”أقل قيمة من العربي العروي وهشام جعيط”، كتب حميش: “لا عجب أن تستقبله أوساط أوروبية، وخصوصا فرنسية، بالترحيب والتهليل، وأن تحتضنه داخليا وعبر مراكزها المبثوثة في العالم العربي، لكن دونها دور النشر الكبرى (وهنا مكمن جرحه الغائر الآخر)”. وختم مقاله: “إن سلوك أركون المستميت والمدمن على استعمال أفكار ومقولات متشنجة راسخة والترويج لها يبعده عن دوائر الفكر الفلسفي، وحتى عن البحث القويم والموضوعي في الإنسانيات، ويدخله في المقابل بين طيات الكتابات المؤدلجة التي لا تفيد الفكر ولا العلم، ولا تصمد أمام رياح التصفيات النهائية فالنسيان”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات