+ -

 فمسألة أخذ الأنثى نصف ما يأخذه الذّكر، أو أنّ الذّكر يأخذ ضعف ما تأخذه الأنثى ففي مسائل محصورة ومعدودة، وحقٌ قضى الله به وإن خفيت علينا حِكمته، ومع ذلك فقد أجاب العلماء عن هذه القضية فقالوا: إنّ المرأة ترث في شريعة الإسلام ميراثًا مغمورًا بالرّحمة، وقد أعطتها الشّريعة فوق ما تتصوّر، فهي مُنعّمة ومُرفهة أكثر من الرجل، وهي تُشارك الرّجل في الميراث دون أن تتحمّل النّفقات والتّبعات.لقد حدّد علماء الفقه الإسلامي أحوال ميراث المرأة فوجدوها أربعًا وثلاثين حالة، ترث فيها المرأة بنسب مختلفة، وهي كالآتي: عشر حالات ترث المرأة مثل الرّجل، وعشر حالات أخرى ترث المرأة فيها أكثر من الرّجل، وعشر حالات تَحجُب المرأة فيها الرّجل وتأخذ الإرث كاملاً، وأربع حالات فقط هي الّتي يكون فيها للذّكر مثل حظّ الأنثيين.وإننا نطرح بين أيديكم هذا المثال لتعلموا عَدْل الشّريعة في حقّ المرأة، وتتبيّنوا زَيْفَ وزَيْغَ ادِّعَاءِ المغرضين: لو أنّ رجلاً هلك وترك مالاً، وليس له من الورثة سوى والديه وبِنتٍ، فكم هو نصيب كلّ واحد؟ إنّ البنت تأخذ النّصف كما هو مقرّر، والوالدان معًا لهما النّصف الآخر، أليست البنت قد أخذت أكثر من والد الميت الّذي أنفق على ولده، وضحّى لأجله بالكثير، ثمّ تأتي البنت فتأخذ أكثر منه، ومع ذلك لا تُنفق من مالها على نفسها، بل يتولّى والد والدها النّفقة عليها، ويعطف عليها ويرحمها ويغدق عليها بالنِّعم. فما أعظم شريعة الإسلام، وما أكبر جناية أعدائه، وما أقبح جرأة مَن زعم أنّ الإسلام هضم المرأة حق، {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآَبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا}.وإنّ مِن أعظم آثار العدل في قسمة الميراث كما ورد في كتاب ربّنا تصافي القلوب بين الورثة، وعدم كتمان الضّغينة والحقد بينهم، وعدم الشّعور بالظُّلم أو الانتقاص من الحقّ، عندما يرضى الورثة بقسمة الله سبحانه، وواجب أن يرضوا، لأنّ ذلك من علامات الإيمان، قال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}، عندما يأخذ كلّ وارث نصيبه المفروض له تغمره السّكينة، ولا تلحقه لومةُ لائم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات