+ -

 أفاد مصدر قضائي رسمي لـ”الخبر”، أن قرار حجز شقة وزير الطاقة السابق، شكيب خليل، المتواجدة بإقامة شعباني بالعاصمة، ألغي بناء على أمر من جهة عليا في السلطة. ويحمل هذا الإجراء مؤشرا قويا على تخلي القضاء الجزائري عن متابعته، من دون الإعلان رسميا عن إلغاء الأمر الدولي بالقبض عليه المعلن من طرف النيابة في 11 أوت 2013. إذا ما تم ربط استعادة خليل شقته العاصمية، بمجموعة إجراءات سابقة مثل إبعاد كل القضاة الذين اشتغلوا على الملف، بمحكمة سيدي امحمد، إلى جهات قضائية خارج العاصمة، وتنحية وزير العدل محمد شرفي الذي تمت في عهده متابعة خليل، وقبلها شطب جهاز الشرطة القضائية للمصالح العسكرية للاستخبارات، التي أجرت التحريات في “سوناطراك 2”، تتعزز فرضية تصفية ملف اسمه “خليل والفساد في سوناطراك”. وقد أعاد ظهور خليل في تلفزيون “بلومبرغ” الأمريكي، أول أمس، طرح موضوع متابعته من جديد.للتذكير أعاد رئيس الجمهورية شرطة المخابرات بموجب مرسوم، لكن حرمها من التحقيق في الجرائم الاقتصادية. وهذا الشرط مرتبط بقوة بقضية سوناطراك 2.هل كان الخطأ في الإجراءات مقصودا؟وسألت “الخبر” المحامي نور الدين بن يسعد، إن كان جائزا قانونا إلغاء مذكرة اعتقال صدرت ضد شخص دون اتباع إجراءات قانونية وفي الوضوح والشفافية، فقال: “رسميا لا يمكن ذلك قبل أن يفرغ المتهم الأمر بالقبض (يقضي 48 ساعة في السجن)، وأن يتقدم أمام القاضي الذي وحده من يقدّر رفع هذا الإجراء أو تثبيته”. وأشار المحامي إلى “الغموض الذي لفّ القضية منذ البداية، فالوقائع المنسوبة إليه تتعلق به كوزير أيام حدوثها، ومعروف أن الوزراء يحظون بحق امتياز المحاكمة”.ويقصد بن يسعد خطأ فادحا ارتكبه القضاء، في متابعة صديق طفولة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. فقد كان ينبغي أن تتكفل النيابة بالمحكمة العليا بالقضية وليس قاضي التحقيق بمحكمة سيدي امحمد، على أساس الامتياز القضائي الذي يعد حقا للوزراء الذين يختلفون عن المواطنين العاديين عندما يتعلق الأمر بمقاضاتهم. ووقت حدوث الوقائع كان خليل عضوا في الحكومة. إذن مذكرة الاعتقال ليست سليمة، لأن الإجراءات التي أفضت إليها ليست سليمة.ويقول بن يسعد عن ذلك: “لست أدري إن كان عدم سلامة الإجراءات ناتجة عن خطأ، أم مقصودة”. وحول إمكانية أن تأخذ الشرطة الدولية بمذكرة اعتقال غير صحيحة، قال المحامي: “أنتربول لا يملك سلطة التقدير في هذا الجانب، لكن دعني أشير إلى أن النيابة التي أعلنت الأمر بالقبض على خليل، تابعة للسلطة التنفيذية (تأخذ الأوامر مباشرة من وزير العدل). وقد استمعنا إلى النائب العام في هذه القضية، ولم نسمع لقاضي التحقيق”. في إشارة إلى تصريحات النائب العام بالعاصمة سابقا، بلقاسم زغماتي، حول التهم الموجهة لخليل و”شركائه”. بمعنى الجهة السياسية هي التي تحدثت في الملف وليس القضاء.الرشاوى مست 11 صفقة أبرمتها سوناطراك مع “سايبام”للتذكير، صرّح زغماتي أن خليل وزوجته الأمريكية، من أصل فلسطيني، وابنيه وفريد بجاوي وأشخاصا آخرين لم يذكر أسماءهم، متهمون بتلقي رشاوى في صفقات أبرمت بين سوناطراك و”سايبام”، فرع مجمع “إيني” الإيطالي. وقال إن قيمة الرشاوى 190 مليون دولار، وأعلن عن أمر دولي بالقبض يخص الوزير السابق وزوجته وابنيه وبجاوي. كل هؤلاء دخلت جيوبهم مبالغ الرشاوى. وفتش ضباط المخابرات المكلفين بالتحقيق إقامة خليل في وهران لكن لم يعثروا على شبهة تدينه، وتم تشميع شقته بالعاصمة. ولأول مرة يرد اسم السعيد بوتفليقة في القضية، وتم تسريب ذلك للصحافة على أساس أنه ضالع في الفساد.وفي نفس الفترة ذكر الوزير شرفي أن الأمر يتعلق بـ”شبكة فساد دولية”. وتزامن تصريحه مع إعلان نيابة ميلانو بإيطاليا، أن 11 صفقة بين سوناطراك “وسايبام”، طالتها الرشاوى. بعدها بفترة قصيرة اتضح أن قصة “الامتياز القضائي” لم تحترم في المتابعة، وراجت أخبار عن احتمال إلغاء مذكرة الاعتقال. وتهرّب وزير العدل الحالي، الطيّب لوح، من الخوض في الموضوع في عدة مناسبات.مشاريع سوناطراك ذات الأثر المالي من اختصاص خليلوأوضح مصدر قضائي مطلع على الملف، لـ”الخبر” أن محققي المخابرات استجوبوا عدة إطارات بسوناطراك، حول تسيير الشركة في الفترة التي ترأس فيها خليل القطاع (2000- 2010). ونقل عن أحدهم أن الوزير السابق كان يراقب ويشرف بنفسه على كل الصفقات التي أبرمتها سوناطراك مع شركائها الأجانب، وأن رئيس مدير عام الشركة كان “خضرة فوق عشا” في كل ما تعلق بالمشاريع التي لها أثر مالي. ونقل عنه أيضا أنه في ظرف 10 سنوات التي قضاها خليل كوزير للطاقة، 1000 صفقة على الأقل كانت محل شبهة. وذكر كادر آخر أن “اقتناء كرسي لمكتب في أي قسم بسوناطراك لم يكن ممكنا دون موافقة الوزير”، تعبيرا عن سيطرته التامة على المجمّع النفطي.ومحمد مزيان نفسه، رئيس المجمّع سابقا، صرّح خلال معالجة القضاء ملف سوناطراك 1، أنه كان يتلقى الأوامر منه مباشرة بخصوص التصرف في الصفقات، وأنه كان مهددا في منصبه إن لم ينفذها. يشار إلى أن مزيان يملك بيتا محاذيا لبيت خليل في إقامة شعباني.. فهل ذلك محض صدفة؟وقد استدعى قاضي التحقيق خليل لسماعه في القضية، عدة مرات، لكن المقيم بالولايات المتحدة لم يردّ عليها. وصرّح لصحف جزائرية بأنه لا يخشى مواجهة القضاء، بذريعة أن تهم الفساد التي تلاحقه ملفّقة. وبعد هذا التصريح ظهر خليل وزوجته، في نوفمبر الماضي في حفل رسمي بفندق شهير بواشنطن نظمته السفارة الجزائرية بالولايات المتحدة الأمريكية، بمناسبة ذكرى ثورة التحرير. كان ذلك مؤشرا آخر على طي الملف.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات