+ -

 إنّ الإسلام لا يرضى للفرد، سواء أكان أعزبًا أم متزوّجًا، وسواء أكان عقيمًا أم ذا بنين، أن يقضي حياته في عالم ذاته المحدود، فلا بدّ له أن ينقل الأفراد كلّهم إلى الواقع الاجتماعي الأكبر الّذي تصبح فيه ذات الفرد ملكًا للجماعة، والجماعة ملك لله، وتمسي جهود الفرد استمرارًا لحياة المجتمع والمجتمع كلّه يصير إلى الله، فهو واهب الحياة في الفرد والجماعة، وهو واهبها في الكون كلّه، وإليه يرجع الأمر كلّه، قال جلّ علاه: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمُ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} الملك:2.وفي الواقع الاجتماعي الأكبر يجد الإنسان نفسه أمام الدولة وأمام نظام حكمها القائم، ولقد يتيسّر للفرد أن يتوازن توازنًا داخليًا ثمّ يتيسّر له أن يعين بالتّوجيه والإرشاد جميع أعضاء بيته على التّوازن المنشود، إلّا أنّهم جميعًا يصطدمون بعد ذلك بإرادة مسيطرة جبّارة بيدها السّلطة والقانون تكاد بجبروتها تسلبهم توازنهم واستقرارهم.وهنا يتدخّل الإسلام بروحه الاجتماعي الّذي لا يحابي الجماعة على حساب الفرد ولا الفرد على حساب الجماعة، فيضع للدولة من نظم الحكم ومن ضمانات العدالة القضائية ومن ضمانات الأمن والسّلام ومن ضمانات المعيشة الاقتصادية المعتدلة، ما يجعل الدولة خادمًا حقيقيًا للفرد، يأتمنها على ماله وعرضه ودمه وفكره ومعتقده، وتضمن هي له ماله غير منقوص وعرضه غير مبذول ودمه غير مستباح وفكره غير مهان ومعتقده غير مقاوم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: