في الوقت الّذي يحتفظ فيه الإسلام للعقل الإنساني بمكانته السّامية لا يفتأ يذكره بقوّة الخالق وعظمته موجّهًا إليه الخطاب: “اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأرْضِ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمْ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ، وَسَخَّرَ لَكُمْ الْأَنْهَار وَسَخَّرَ لَكُمْ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارّ إبراهيم:32-34.وهنا يفتح كتاب الكون على مصراعيه، يفتح أمام الكيِّس العاقل، اللّبيب الحاذق، فتنطق سطوره الهائلة بنعم الله الّتي لا تُحصى، وتتوالى صفحاته الضخمة الفسيحة بألوان هذه النّعم على مَدّ البصر.. هذه الصّفحات الكونية المعروضة على الأنظار، ولكن البشر في جاهليتهم لا ينظرون ولا يقرأون ولا يتدبّرون ولا يشكرون. “إنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّار” إبراهيم:33 ، أجل يُبدّل نعمة الله كُفرًا ويجعل لله أندادًا وهو الخالق الرّازق المسخّر الكون كلّه لهذا الإنسان.لا تفريط ولا إفراط، لله ملكه وعظمته، وللعقل الإنساني تقديره ومكانته، ولم يقف الإسلام من العلم إلاّ موقف التّقدير والإعظام، وحضّ المسلمين على طلبه والاغتراب في سبيل تحصيله.. وإلى هذا يشير القرآن الكريم بقوله: “قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ” الزُّمَر:9، وقال: “وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا” طه:114.. والسُّنَّة النّبويّة بدورها تدعو إلى العلم وترفع من منزلة العلماء، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الصّحاح: “طلب العلم فريضة على كلّ مسلم”، وقال أيضًا عليه الصّلاة والسّلام: “مَن سُئِل عن عِلم فكتَمه ألْجَمَهُ الله يوم القيامة بلجام من نار”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات