+ -

 وضعُ الجزائر العام، اليوم، يشبه وضع العراق في عهد صدام قبل سقوطه! فالحدود الجزائرية شبه مغلقة مع كل جيرانها الستة، باستثناء الشقيقة تونس، وهي الدولة السابعة التي لها حدود نشطة مع الجزائر، منذ فجر الاستقلال، وحتى قبله.العلاقات الجزائرية - التونسية لم تتعرض إلى هزات كبيرة يمكن أن تؤثر في حركة الأشخاص والبضائع.. وهذا طوال تاريخ استقلال البلدين، حتى في لحظات التأزم كانت مسألة الحدود في منأى عن أي تأثير.تونس توجد في خاصرة الجزائر، وهي تشبه في علاقتها بالجزائر علاقة لبنان بسوريا، لكن لم يحدث أبدا أن تصرفت الجزائر مع تونس كما تصرفت سوريا مع لبنان، وحين عقد المرحوم بورقيبة اتفاقية الوحدة مع القذافي في السبعينات تشنجت العلاقة بعض الشيء، ولكنها بقيت تحت السيطرة، ولم يحدث ما يعكر صفو تنقل المواطنين بين البلدين.في الثمانينات، عرفت المناطق الحدودية بين البلدين من وادي سوف إلى القالة إطلاق برنامج إنمائي للمناطق الحدودية سمي ببرنامج تنمية الحدود.. وبالفعل نفذت فيه مشاريع هامة منها مصانع للإسمنت وعمليات فلاحية ومائية.. كما تمت عملية شق الطرق، وأيضا عمليات لتعزيز الوضع الأمني في تنقل الأشخاص والبضائع.كانت تونس تدفع باستمرار إلى تطوير مسألة المغرب العربي في سياق تطوير مشروعها السياسي.وعندما نشبت الأزمة بين ليبيا وتونس، في أواسط الثمانينات، بما سمي بأزمة العمال التوانسة في ليبيا، قامت الجزائر بدعم تونس بدفع أجور حوالي 30 ألف عامل لمدة سنوات، في إطار التبرع من العمال الجزائريين لفائدة عمال تونس بيوم عمل كامل.تونس كانت سعيدة باتفاقية نشوء اتحاد المغرب العربي.. ولعلها كانت أسعد البلدان بهذا الاتفاق. لكن اليوم تونس يتهددها الوضع في ليبيا أكثر من غيرها من البلدان التي لها علاقة مع ليبيا، والجزائر كانت دائما الحائط الذي تستند إليه تونس في الأخطار التي تأتي من ليبيا، لأنها هي أيضا العمق الأمني للجزائر الذي لا ينبغي المساس به.. والتاريخ يشهد أيضا أن أمن الجزائر لم يهدد أبدا من الشقيقة تونس حتى في عز الأزمة الجزائرية في التسعينات، فقد بقيت الحدود الجزائرية مع تونس آمنة.اليوم عاد الحديث عن إحياء اتحاد المغرب العربي بعد قتله، ومع الأسف، يعود الحديث عن هذا الموضوع على وقع قنبلة ليبيا وتململ في تونس وتمهبيل سياسي في الجزائر.. ولا أتحدث عما يحدث في المغرب وموريتانيا، وهي حالة لا تبعث سوى على الأسف.. وقادة هذه المنطقة يتبادلون تهاني ميلاد مولود ميت اسمه اتحاد المغرب العربي.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات