أفسدت السفارة الجزائرية بفرنسا محاضرة في إطار ندوة “الخبر”، كان مقررا أن ينشطها، اليوم، الباحث والكاتب سلام كواكبي، حفيد المفكر الإسلامي عبد الرحمن الكواكبي، المشتهر بكتاب “طبائع الاستبداد”. وتسببت بذلك، دون وجه حق، في حرمان الرأي العام الوطني من التفاعل مع واحد من المختصين في تفكيك الخطاب الاستبدادي والمطلعين على الملف السوري.تماطلت السفارة الجزائرية بباريس في منح الباحث السوري، سلام كواكبي، تأشيرة الدخول إلى الجزائر، رغم أنه قدم الطلب قبل أيام بعد أن وجهت جريدة “الخبر” الدعوة له لحضور ندوتها المفتوحة على كل وسائل الإعلام الوطنية. وبعد أن تقدم المعني للحصول على التأشيرة فوجئ بدعوته للمزيد من الانتظار دون توضيح لأسباب هذا التأخر الذي حرمه من الالتزام بالموعد الذي قطعه مع الجريدة، وعلى أساسه نشر إعلان المحاضرة للقراء.ولا يعلم لحد الآن سبب رفض السفارة الجزائرية منح الباحث تأشيرة الدخول، رغم كونه ليس غريبا عن الجزائر التي سبق له زيارتها، وهو ليس من حملة الأفكار المتطرفة التي قد تعطي الذريعة لمنعه من زيارة الجزائر. لكن طريقة التعامل تعطي الانطباع بأن المنع قد يكون لأسباب أمنية، فهل صارت الجزائر التي يتباهى مسؤولوها بوصف “القوة الإقليمية” تخشى من مجرد محاضرة لباحث لا يحمل سوى أفكاره؟هذا السلوك المتكرر في السفارات الجزائرية بالخارج، حوّل البلد إلى جزيرة معزولة في العالم، ممنوع على أبنائها التفاعل مع الباحثين والمفكرين إلا برخصة مسبقة يتحكم فيها “بيروقراطي تافه” أو “أمني مهووس”، بينما صارت البلدان والمجتمعات الحية من حول الجزائر، تتنافس على استقطاب العقول وعقد المؤتمرات والمنتديات التي تعود عليها بالفائدة في كل الجوانب الفكرية والسياحية والعلمية.للمفارقة، يأتي منع المحاضرة التي تتناول مفكرا ذا رمزية هائلة بسبب تصديه لأكبر داء أصاب العالم العربي والإسلامي، في وقت احتفى المسؤولون في الجزائر بدستور يكرس “الدولة المدنية” ويبني القطيعة مع “الدولة الأمنية”. لكن يبدو أن صاحب “طبائع الاستبداد” رغم رحيله قبل قرن، هو من يملك الإجابة عن سبب منع حفيده بمقولته الخالدة: “المستبد لا يأمن على بابه إلا من يثق به أنه أظلم منه للناس، وأبعد منه عن أعدائه”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات