أطفـــــــال التوحــــــد ضحايــــــا البيروقراطيـــــــــة

+ -

تتجرع أمهات الأطفال المصابين بالتوحد طعم مرارة الحياة وهن يحاولن جاهدات إدماجهم في المجتمع، بالسهر على تنفيذ رغباتهم وتلقينهم أساليب التعامل، متحملات عزلتهم وحرمانهم من العيش كباقي الأطفال، بل ومسلوبين من الحق في التكفل الاجتماعي والدراسة بفعل البيروقراطية.غاصت بنا رئيسة جمعية ولائية في العاصمة تتكفل بالأطفال المصابين بالتوحد، بلوناس آمال، في عالم معاناة أولياء المتوحدين، وجزمت بأنهم قادرون على انتشال فلذات أكبادهم من هذه المعاناة قبل تجاوزهم عمر 7 سنوات فقط، ودعتهم إلى الاعتماد على أنفسهم باتباع طرق علمية وميدانية، طالما لا يوجد تكفل من الجهات الرسمية، سواء من حيث العلاج أو الدراسة، وقدمت ابنها نموذجا على ذلك، فبعدما كان غارقا في عالم آخر استطاعت “استرجاعه” وصقل سلوكاته وتقويم شخصيته باتباع عدة مراحل، في مقدمتها تلقينه أساليب التعامل مع الأشياء والتجاوب مع طلبات والديه ومن ثم زرع روح المبادرة فيه واحترام قوانين الفضاء العام وكذا غرس القيم الإنسانية التي يفتقر إليها، كاحترام الأشياء التي لا يملكها وعدم تلطيخ نفسه.وعدّدت المتحدثة، في لقاء مع أولياء المتوحدين الذين تتكفل بهم جمعيتها بمدينة معالمة بزرالدة، بحر الأسبوع الماضي، العقبات والمشاكل التي تحول دون تماثل الأطفال المتوحدين للشفاء، وتمكنهم من ممارسة حياتهم ولو بدرجة متوسطة، كحرمانهم من التكفل في وقت يكونون في أمس الحاجة إلى متابعتهم عن كثب وبشكل دائم من طرف مختصين، خاصة أن الأولياء لا يفقهون كثيرا في مناهج التعامل مع هذا المرض، في ظل انعدام أقسام خاصة بهم في المدارس الابتدائية والمتوسط لتأهيل مهاراتهم الاجتماعية وتنمية معارفهم.وطالبت المتحدثة مديريات النشاط الاجتماعي بإلغاء ما يسمى “قائمة الانتظار” للظفر بحصص علاجية حين يتقدم إليها أولياء المتوحدين، واعتبرتها أكبر هاجس يواجهه أولياء الأطفال لعلاج أبنائهم وضبط سلوكهم، واصفة إياها بأنها عقبة تؤدي إلى تفويت فرصة العلاج على الأطفال الانطوائيين، حيث ينتظرون مطولا لينالوا مواعيد علاجية، وإن توفرت فإنها تكون متباعدة وغير كافية، مشيرة إلى أن هذه الحالات لاتزال دون هوية بالجزائر من حيث الاستفادة من الضمان الاجتماعي أو بطاقات خاصة ويتم وصفهم على أنهم معاقون. وتنصح المتحدثة الأولياء بالاعتماد على أنفسهم دون انتظار المراكز التابعة لمديرية النشاط الاجتماعي، والشروع في تدريب أبنائهم على التعرف على الأشياء من خلال الصور، ودفعهم على الكلام، ما يحفز المخ على النشاط ومنه اكتساب معارف تتراكم بفعل التكرار، والعمل على تكوين شخصيتهم، وتأهيل مهارات التواصل الاجتماعي وتكثيف المتابعة، إلى جانب عدم تركهم وحيدين.ومن الأعراض التي تتجلى في سلوك الانطوائيين، ذكرت المتحدثة عدم الخوف من الأماكن المرتفعة وكذا الأخطار، وقد يؤذون أنفسهم دون الإحساس بالألم، كما أنهم يتسمون باللامبالاة.. يقاومون تغيير الملابس والاستحمام والحلاقة، يرغبون في الاصطدام القوي بالأشياء، وأكل أشياء غير صالحة للأكل، تجنب خوض تجارب جديدة، ونوبات بكاء وضحك حادة، وكلها أمور قد ينجح الأولياء في تغييرها لكن بإصرار كبير، كما يقول الخبراء، رغم وجود إجماع على أن المرض قد يلازمهم مدة من الزمن.وتقدم الجمعية خدمات يستفيد منها الأطفال المتوحدون في إطار تأهيل مهاراتهم، كتنظيم نشاطات ركوب الخيل والسباحة، بالإضافة إلى التكفل بهم على مستوى مقر الجمعية بإشراف أخصائيين في الأرطوفونيا وعلم النفس.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات