الرئيس يخرق الدستور قبل أن يجف حبره؟ǃ

+ -

شيء مضحك هذا الذي يجري في البلاد.. وكالة الأنباء الجزائرية تتحدث باسم الرئاسة وتقول: إن الرئيس بوتفليقة لا يريد تعديل أو تغيير الحكومة لأنه لا يوجد في الدستور ما يفرض عليه فعل ذلكǃ وعلينا أن نأخذ ما تقوله وكالة الأنباء الجزائر مأخذ الجد.. لأن الرئيس بوتفليقة قال ذات يوم إنه هو رئيس تحرير وكالة الأنباء.ǃ وحتى الآن لم يستقل الرئيس من هذه الوظيفة، ولذلك علينا أن نصدق ما تقوله الوكالة بخصوص نوايا الرئيس.المضحك ليس في هذه الصورة الكاريكاتورية التي يتعامل بها الرئيس والرئاسة والحكومة مع الرأي العام.. بل المضحك هو حال هؤلاء السياسيين الذين قالوا باسم الحكومة وباسم الرئيس وباسم الأحزاب السياسية للرأي العام الوطني والدولي إن البلاد مقبلة على نقلة نوعية وتغييرات عميقة تبشر بميلاد جمهورية جزائرية جديدة بعد المصادقة على تعديل الدستورǃ فإذا بنا نجد أنفسنا أن البلاد والرئيس أصبحا غير قادرين حتى على تغيير الحكومة وليس تغيير السياسة والاقتصاد والحياة في البلاد؟ǃ ما الفائدة إذن من تغيير الدستور إذا كانت الحكومة ما قبل الدستور هي الحكومة المأمولة ما بعد تغيير الدستور؟ǃلماذا لا تكون الرئاسة شجاعة وتقول للرأي العام الحقيقة وهي أن تغيير الدستور ليس فيه أي شيء من السياسة، إنما هو مجرد “هفة” من الهفات الرئاسية التي استمرت 15 سنة كاملة؟ ويقولون للناس صراحة: إن الرئيس لم يجد حتى الآن من هم أسوأ من الحكومة الحالية لتغييرها، وبالتالي فالحكومة لن تغير لعدم وجود الأسوأ؟ǃ ولا تتحدثوا عن البرنامج الذي يقول الدستور أن الحكومة تقدمه أمام البرلمان للموافقة عليه.. مادامت الحكومة لم تقدمه لا قبل الدستور ولا بعده.؟ǃ إنه العبث؟ǃاجتهادات جديدة جاء بها المتحدثون للرأي العام باسم الرئاسة عبر وكالة الأنباء، وهي أن الرئيس ليس ملزما دستوريا بمشاورة أحزاب الأغلبية في تعديل أو تغيير الحكومة؟ǃ ومتى كان الرئيس ملزما في احترام الدستور أصلا.؟ǃشيء واحد يمكن أن نفهمه من تسريبات الرئاسة لوكالة الأنباء الجزائرية، وهو أن الزمر السياسية المتصارعة بالرئيس وحول الرئيس على السلطة والنفوذ، لم تصل إلى توافق بشأن تغيير أو تعديل وزاري يتطابق ولو شكليا مع محتوى الدستور.. ولهذا صارت شرعية ما قبل الدستور أهم من شرعية ما بعد الدستور، وهذا لا يحدث إلا في سلطة تحكم دولة بعقلية بوكاسا.ǃشخصيا ما فهمته من حكاية عفس الدستور من طرف الرئيس قبل أن يجف حبره، هو أن الرئيس قد فقد السيطرة على الأمور.. وأن وضعه السياسي قبل الدستور كان أقوى من وضعه السياسي بعد الدستور، رغم أن الدستور لم ينزع له صلاحيات بل أضاف له صلاحيات أخرى على ما كان عنده.. لكن الذي حدث أن لعبة “الهف” و«جيبان” الوقت بالدستور قد انكشفت ولم تعد تنطلي على أحد في السلطة وفي المعارضة على السواء.

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات