الشهيد بن خليف بوجمعة.. تلميذ الشيخ آيت علجت

+ -

ولد الشهيد بن خليف بوجمعة المدعو الشيخ جمعة أويخلف في 19 أوت 1918 بالماين ولاية برج بوعريريج، ابن محمد السعيد وحمدوش كلثوم، نشأ وسط عائلة ريفية، بدأ دراسته مبكرا وحفظ القرآن في زاوية سيدي يحيى العدلي بثامرة ولاية بجاية على يد الشيخ العلامة محمد الطاهر آيت علجت، درس القرآن ودرَّسه حينما كان إماما بمسجد اولاد هلال بالماين، انتقل إلى جامعة الزيتونة بتونس باحثا عن التحصيل العلمي. تفوق في دراسته وتحصل على الشهادة الأهلية نظرا للنشاط السياسي والفكري الذي تميز به في تلك الفترة العصيبة، وإلى جانب اجتهاده في التحصيل العلمي، كان الشيخ مناضلا نشيطا في كل من جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وحزب الشعب.ولما أنهى دراسته في جامعة الزيتونة بتونس، عاد إلى مسقط رأسه بالماين وتم تعيينه مدرسا وإماما في مسجد اولاد هلال، وتنقل في وظيفته بين مساجد قرى المنطقة، ومنها اجعفر، إغيل انتالة، أمالو، توفيرت، ثودار..وإلى جانب دراسته للقرآن الكريم، قام الشيخ بتدريس اللغة العربية، النحو، الصرف والأناشيد الوطنية للشباب، وعندما علم به القايد بن علي الشريف أحد عملاء الجيش الفرنسي هدد بنفيه ثم أمره بمغادرة المنطقة في أقل من 48 ساعة. عاد إلى الماين ثم التحق بمسجد اجعفر واستمر في نشر العلم والمعرفة لسكان المنطقة.كان الشيخ الشهيد رحمة الله عليه مثالا في التربية والتعليم ونشر الوعي الوطني بين الشباب، وكان يُدرِّس الصبيان في النهار والكبارَ في الليل، ويمزج بين التدريس والوعظ والإرشاد وتحفيظ القرآن الكريم، وقد تتلمذ على يد الشيخ العشراتُ من الذين يذكرون خصاله إلى اليوم، منهم أساتذة جامعيون ومحامون وضباط سامون ومواطنون صالحون، نذكر منهم الضابط في الجيش محمد الطاهر بوزغوب، والأستاذ أعمر بوخزار..الجدير بالذكر أن سبب تنقلاته المستمرة بين مساجد قرى المنطقة هو ملاحقته الدائمة من طرف السلطة الاستعمارية وأعوانها، والذين لا تنام أعينهم في ملاحقة ومتابعة الشيخ وأمثاله. كان الشيخ جمعة يُستدعى باستمرار من قِبل الدرك حينا ومن القائد حينا آخر، لقد مُنع من التدريس مرارا لأنه كان يدرب الشباب، وعلمهم الأناشيد الوطنية المحظورة آنذاك، هكذا كان الشيخ يمزج بين التدريس والوعظ والإرشاد وتحفيظ القرآن الكريم للكبار والصغار، وكله صدق ونشاط رغم العراقيل والملاحقات المستمرة.ولما أن حان موعد اندلاع الثورة التحريرية المباركة، كان من الأوائل المنخرطين فيها. فكلف بنشر الوعي بين المواطنين ونشر أهداف الثورة وبيان أول نوفمبر 54، وتجنيد الجماهير، ودحض دعاية المستعمر التي كانت تسعى لعزل الثورة عن الشعب بالترغيب تارة وبالترهيب تارة أخرى، كلما قام العدو بعمليات التمشيط ومحاصرة قرى ومداشر المنطقة قام المحافظ السياسي رفقة الشيخ جمعة بمخاطبة الأهالي المعرضين للحصار، وتخفيف عنهم الضغط، وزرَع في نفوسهم روح المقاومة وحثهم على الصبر وذكَّرهم بجزاء الصابرين عند الله. هكذا استمر الشيخ في نضاله وكفاحه مصباحا ينير درب الكفاح والجهاد في سبيل الله والوطن، وكان حقد الاستعمار عليه وعلى أمثاله لا يتصور.كانت عيون الإدارة الفرنسية وعملائها لا تنام، ترصد تحركاتهم وأنشطتهم أينما وجدوا وحيثما حلوا، وللشيخ الشهيد نشاطات مختلفة سياسية وعسكرية، عُين قاضيا لجيش التحرير الوطني بالمنطقة، استقبل والتقى عدة شخصيات سياسية ومسؤولين عسكريين على أعلى مستوى، مثل العقيد عميروش.حمل الشيخ جمعة السلاح ويحمل رتبة عسكرية وهو مفتي المنطقة. عندما تحصل العدو على معلومات دقيقة تتعلق بموقع مخبأ الشيخ المجاهد الذي كان في قرية ثودار، إثر جروح تعرض لها في إحدى المعارك، وفعلا تمت محاصرة القرية ومكان تواجده بتاريخ 1959، وتوجهت فرقة من المظليين إلى منزل الشيخ وقد عرفوا المكان بالتدقيق بسبب وشاية أحد العملاء، ونادوه باسمه يطلبون منه الاستسلام، لكنه رفض رفضا قاطعا الاستسلامَ للعدو، لأنه قاضي ومفتي المنطقة، وبحوزته ملفات ووثائق خاصة وسرية تخص جيش التحرير الوطني. فأشعل النار في محفظته وأحرق كل الوثائق. طلب منهم شرطا واحدا للاستسلام هو مقابلة القائد العسكري، فلما قبلوا الشرط وتقدم القائد برتبة نقيب (كابيتان) أطلق الشيخُ الرصاص عليه وعلى مساعديه وكلبهم. ورد عليه عساكر العدو برشاشاتهم وانتهى تبادل إطلاق النار بنسف المخبأ بالتفجيرات، واستشهد البطل وبُترت ذراعه، وطلب جيش العدو رميه وسط ساحة القرية ليشاهده أهلها. وصلت طائرة الهليكوبتر وحملت جثثها.طلب أعيان القرية حمل جثمان الشهيد في أسرع وقت كي لا تراه زوجته المتواجدة بين نساء القرية، ودُفن الشهيد في أقرب مقبرة وسط القرية رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه. المرجو من الذين يعرفون الشهيد بن خليف بوجمعة المدعو الشيخ جمعة أويخلف، والذي سقط في ميدان الشرف عام 1959 في قرية ثودار بجاية، ولديه معلومات حول الشهيد أو يملك وثائق تخصه أو له خطب الأعياد والجمعة أو يملك صورا فوتوغرافية: الاتصال بنجله بن خليف عبد الكريم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات