"لا علاقة للاستقرار الأمني بمن يكون رئيسا للجزائر"

38serv

+ -

يرى منسق الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب، جيل دو كيرشوف، أن الوضع الأمني المستقر في الجزائر لن يتأثر بتطورات الوضع السياسي أو الاقتصادي. ويشير إلى ضرورة ضبط استراتيجية تعاون موحدة بين الاتحاد الأوربي وبلدان المتوسط، ومنها الجزائر، للتصدي لعودة المقاتلين الأجانب في سوريا إلى بلدانهم. ويوضح دو كيرشوف في حوار له مع “الخبر”، على هامش زيارته إلى الجزائر، أن الاتحاد الأوروبي لا يمتلك قوة عسكرية حتى يحسم أمر التدخل العسكري في ليبيا.هل التدخل العسكري في ليبيا ضد الجماعات الإرهابية بات مطروحا في أجندة الاتحاد الأوروبي؟ كما تعلمون الاتحاد الأوروبي ليس قوة عسكرية حتى يمكنني الإجابة بالنفي أو الإيجاب عن مسألة التدخل العسكري في ليبيا. موقف الاتحاد الأوروبي هو في دعم الجهود الأممية لإيجاد حلّ يكون ليبيا داخليا سريعا، حتى نتمكن من إيجاد شريك على الجانب الليبي، يمكننا معه التصدي للتحديات التي تواجهها ليبيا وعلى رأسها مكافحة تنظيم داعش، ولكن ليس الإرهاب فقط، فهناك مشكل الهجرة غير الشرعية، واستقرار المنطقة أيضا.فما نلاحظه أن ثمة قلقا كبيرا لدى الجزائر والسودان والنيجر وكل جيران ليبيا من الوضع في هذا البلد، وعند النظر إلى تأثير الجنوب الليبي على تطور الجماعات الإرهابية في الساحل، مثل تنظيم القاعدة والمرابطون، نلاحظ أن الجهود الدولية التي سخرت من أجل القضاء على هذه التنظيمات أصبحت في جزء منها غير مجدية، بسبب قدرة هذه التنظيمات على التواجد في الجنوب الليبي.نحن نعمل حاليا على تأمين إمكانيات للمساعدة في إعادة تشكيل القطاع الأمني بليبيا، ولدينا مهمات في المنطقة لهذا الغرض مع دول أخرى في الساحل. نأمل فقط في إيجاد شريك ليبي شرعي يحظى بدعم البرلمان حتى يمكننا التنسيق معه، والاتحاد الأوروبي سيكون مستعدا لتأمين الإمكانيات اللازمة للمساعدة.ليس من صلاحياتكم الحديث عن تدخل عسكري.. لكن نظريا هل تعتقدون أن التدخل يساعد في القضاء على الإرهاب، أم يفاقم من خطره؟ حاليا لدينا تحالف ضد داعش في سوريا والعراق باستعمال الإمكانيات العسكرية.. الجيش العراقي وقوات البشمركة بفضل ذلك استطاعت استعادة أراض في العراق، وفي سوريا هناك مجموعات في المعارضة تمكنت هي الأخرى من التقدم.. التدخل العسكري في سوريا تحوّل إلى ضرورة بسبب حجم هذا التنظيم الإرهابي الذي بات لديه آلاف المقاتلين، ويتحكم في أراض شاسعة، ولديه إمكانيات مالية كبيرة وقدرة على التواصل أيضا.. إذا المجموعة الدولية قدرت أن التدخل العسكري مطلوب..ما رأيكم في المبررات المقدمة من الجزائر حول مخاطر التدخل العسكري في ليبيا؟ مرة أخرى لا أريد أن أنخرط في ثنائية مع أو ضد التدخل العسكري. المسؤولون السياسيون يحاولون وضع كل عناصر المعادلة من أجل الحصول على تقدير لما يجب فعله.. في حالة سوريا داعش كان يجب أن يقاوم بعدة طرق، ولهذا كان للتحالف محور عسكري وآخر خاص بتجفيف منابع التمويل، ومحور للتعاون الاستخباراتي، ومحور لمحاربة خطاب داعش.. لا يمكن الاكتفاء بعامل واحد لمحاربة الإرهاب، ولكن ينبغي حسب الحاجة تطوير مقاربة متعددة.. لا يعني ذلك طبعا أن التحالف يمكن أن يكرر نفس السيناريو في ليبيا لمحاربة داعش.. فلكل حالة خصائصها التي ينبغي أن تدرس بعناية.لكن هل الوجود الإرهابي حاليا في ليبيا يتجاوز الحل السياسي باعتقادك؟ هو سؤال قد يتجاوزني.. لكن ما أستطيع قوله أنه في مجال الدعم هناك إرادة لدى الاتحاد الأوروبي لذلك.. لكن يفترض وجود شريك.. نحن ندعم قوى محلية ونتمنى أن نجند موارد أكثر لإعادة هيكلة الدولة الليبية.هل يمكن معرفة هدف زيارتك إلى الجزائر؟ هناك بعدان للزيارة.. الأول أن المجلس الأوروبي اتخذ قرارا بتعزيز التزام الاتحاد الأوروبي مع جيرانه في البحر المتوسط من أجل خلق شراكات أمنية لمكافحة الإرهاب.. نعلم أن بلدان المغرب العربي تواجه نفس التحديات التي نواجهها.. ولديها عدد كبير من مواطنيها الذين ذهبوا للقتال مع داعش في سوريا أو ليبيا، وستكون هذه البلدان معرضة لخطر عودة هؤلاء المقاتلين الأجانب.. في الجزائر مثلا تتحدثون أن بداية العشرية السوداء كانت مع عودة الأفغان.. تخيلوا الصعوبات التي ستواجهها الديمقراطية الشابة التونسية في استقبال الآلاف من مواطنيها الذين ذهبوا إلى سوريا ويعودون بقدرة عسكرية وتطرف شديد في الأفكار، وقد يكون لبعضهم النية لتنفيذ هجمات.. نعتقد إذن أننا كلنا في نفس الباخرة، لأن هؤلاء المقاتلين سيستعملون طرقا متعددة للعودة.. ولأننا نراقب عدة مسالك يمكننا أن نرصد تحركات هؤلاء.. وسيكون ممكنا أن أشخاصا من مواطنينا أو مواطنيكم يستعملون طرقا في أوروبا أو إفريقيا الشمالية للعبور.. هذا يتطلب العمل معا.. وضعت مجموعة من المختصين من كل البلدان من المغرب حتى تركيا من أجل التفكير في كل الحلول الممكنة لظاهرة المقاتلين الأجانب.. خاصة في العمل بشكل أفضل مع الأنتربول وكيفية التبادل.. هناك تحدي جوازات السفر، فهناك الآلاف من جوازات السفر السورية لأشخاص متوفين أو مسجونين أو مزورة ويتم استعمالها في المرور.. وهذا ما يدعونا معا للعمل على كيفية ضبطها.الأمر الثاني نعتقد أنه يجب أن نساعد بعض الدول في المتوسط.. الأمر ليس مطروحا بشكل كبير للجزائر، لأنها طورت مسارا لمكافحة التطرف متطورا جدا ومتماسكا.. إذن الجزائر ليست في نفس الوضع مثل تونس مثلا.. لأن الربيع التونسي أدى إلى إعادة هيكلة الجهاز الأمني، لكن المسار لم يكتمل بعد.. وهذا ما يتطلب منا المساعدة.ما هي نظرتكم لتعزيز الاستقرار في مالي؟ من حسن الحظ أنه جرى تدخل عسكري فرنسي في مالي. يمكننا أن ننتقد دائما العمليات العسكرية، لكن في مالي كان الإرهابيون على مقربة من باماكو.. لم يكن ممكنا الحديث عن تنمية لولا استعادة الأمن.. أعلم الحساسية الجزائرية من التدخلات الأجنبية في الأراضي السيدة، ولكن في هذه الحالة الأمر قد لا ينطبق.. أنا مؤمن بالعلاقة بين الأمن والتنمية.. لذلك استراتيجيتنا تشتمل على عناصر واضحة هي الحوكمة والتنمية والأمن والوقاية من الإرهاب.. وهذا ما نعمل عليه.كيف تنظرون إلى الوضع في الجزائر.. هل هو مستقر أو هش؟ ليس هناك شعور في الجزائر باللاأمن كما كان في السابق.. فأنتم تتحدثون الآن عن بقايا الإرهاب.. عدد الشباب الجزائريين الذين ذهبوا إلى سوريا وليبيا، لا يتجاوز 200 إلى 300، وهو رقم محدود جدا بالنظر إلى عدد السكان الذي يقارب 40 مليونا.. في تونس مثلا هناك 3 إلى 5 آلاف وفي المغرب 1500.. هذا يبين أن كل عائلة جزائرية تعرف معنى الإرهاب، بعد أن كلفها ثمنا باهظا، سنوات العشرية السوداء للأسف. لذلك أنا واثق من استقرار الجزائر. بقي فقط الوضع الاقتصادي، فمع هبوط أسعار النفط واضح أن الجزائر تواجه تحديا اقتصاديا.. وهذا لا يمس الجزائر فقط بل عدة دول تضررت من ذلك.تحد اقتصادي فقط.. ألا يوجد تحد سياسي أيضا في الجزائر يتعلق بالديمقراطية وانتقال الحكم؟ رأيت الجهود التي قامت بها الجزائر لتعديل الدستور وتحسين الحوكمة.. والقول بأن الحياة السياسية تشكل تهديدا أمنيا ليس معقولا في اعتقادي.. لا أرى رابطا بين الجانبين.. من قبل كنتم معرضين لإرهاب جزائري داخلي.. الآن هناك ظاهرة إرهاب لا علاقة لها بالجزائر.. ما يوجد في منطقة القبائل (دروكدال) محدود جدا.. الآن التهديد هو داعش وتنظيم القاعدة في المغرب الذي أعيد تشكيله.. وهذا ليس مرتبطا بالسياسة في الجزائر.. لا يوجد رابط بين من يكون الرئيس أو الوزير الأول ومسألة الإرهاب.. التهديد اليوم خارجي يأتي من ليبيا والساحل، ويجب مواجهته أمنيا وليس بمعرفة من يكون الرئيس أو الوزير الأول.هل تتصورون وجود علاقة بين مشكل الهجرة والإرهاب؟ مشكل الإرهاب يأتي من أوروبيين تأثروا بالقاعدة وداعش وليس من الأجانب. انشغالنا منصب الآن على مراقبة نقاط العبور التي يستعملها هؤلاء الإرهابيون الأوربيون.. إذا كان هناك 2 أو 3 استعملوا هذه المسالك، فهذا لا يعني أن مشكل الإرهاب صار مرتبطا باللاجئين.. لأن هذا لا يصب سوى في مصلحة الأحزاب من شكل “بيغيدا” (اليمين المتطرف) التي تحاول اللعب على هذا الوتر.. ومنهم من يضيف إلى ذلك ما حدث في كولونيا (التحرش الجنسي) ليصنع “كوكتيلا ساما” يجعل من المهاجرين مجرمين بالضرورة.. أنا آسف هذا ليس صحيحا.. يمكن أن يمر 2 أو 3.. لكن الذين ضربوا باريس مثلا بلجيكيون، أي أنهم أوروبيون.. لذلك يجب التوقف عن الخلط بين المهاجرين والإرهابيين.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات