+ -

 أعجبني تعبير زعيم الأرسيدي محسن بلعباس حين قال: إن النظام الجزائري يجري تفكيكه وينهار أمام أعيننا شيئا فشيئا”!هذه الملاحظة الدقيقة من حزب سياسي مثل الأرسيدي لها دلالة كبيرة جدا.فعلا النظام يتفكك أمام أعيننا ويفكك نفسه بإرادته أو بغير إرادته.. ونحن نتفرج عليه.. هل من الصدفة أن زعيمي الحزبين السياسيين اللذين يعتمد عليهما النظام في النفاذ إلى الشعب يجري بينهما هذا القتال الإعلامي السياسي على مرأى الرأي العام حول موضوع من يرضى عنه الرئيس لتشكيل الحكومة؟لماذا يفكك النظام جهازه السياسي بهذه الطريقة؟!المعروف عن النظام أنه منذ الاستقلال لا يخرج إلى الرأي العام “الهوشة” التي تجري بين سراياه إلى الرأي العام، فماذا حدث حتى يحدث هذا اليوم دون الإحساس بوجود أخطار التفكك الفعلي للنظام الذي تحدث عنه محسن بلعباس.ثم هل من الصدفة أيضا أن يجري في سرايا النظام الحساسة صراع آخر صامت ولكنه منظور للعيان.. صراع بين قيادة الأركان وقيادة الـ(D.R.S) ويحتكم الخصمان إلى الرئيس تماما مثلما يتصارع سعداني وأويحيى ويحتكمان إلى الرئيس ؟!نعم، الجيش بسبب هذا الصراع المفتعل أو الحقيقي لم يعد الملاذ السياسي للأمة إذا أوشك النظام على الانهيار! كما حدث في 1965 و1978 و1992، لأن التخلاط داخل هذه المؤسسة باسمها أو بها داخل سرايا الحكم قد أضر بصورة المؤسسة دون أن يفيد ذلك من أراد بناء مجده على أنقاض هذه المؤسسة. !الرئيس الآن ليس قويا كما كان قبل التخلاط داخل المؤسسة العسكرية والأحزاب السياسية التي يحكم بها النظام كواجهة، لم تعد هي أيضا بنفس القوة التي كانت عليها قبل أن تنخرط مع الرئيس في عملية إضعاف الجيش وإضعاف تدخله في السياسة.الطريقة التي مرر بها الرئيس الدستور تدل على منتهى ضعف النظام وليس قوته. والطريقة التي عالج بها الرئيس مسألة التعددية اللغوية تدل على ضعف الرئيس والنظام الذي يحكم به، ولا تدل على قوته.. فالرئيس كان مطالبا بإحداث تعددية سياسية بتعديل الدستور، فقام بإحداث تعددية لغوية زادت في هشاشة الأمة دون أن تقوي موقف الرئيس في المنطقة التي استهدفها بهذه التعددية اللغوية من الوجهة السياسية.. وظهور الأفافاس والأرسيدي مؤخرا بمظهر الأحزاب القوية تنظيميا بصورة أقوى من أحزاب الحكم نفسه، يدل على أن الرئيس أضعف نفسه بما فعل ولم يقوّها.والأيام القادمة ستكشف هشاشة أكثر للنظام عندما يواجه الرئيس صعوبة تشكيل الحكومة الشكلية، ويضطر إلى القيام بما يكره القيام به.. لهذا فإن ما قاله زعيم الأرسيدي هو معاينة دقيقة لواقع مؤسف ومرير ولكنه حقيقة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات