قدمت، أمس، بالمركز الفرنسي بالجزائر، الباحثة ليندة قاردل، باحثة بالمؤسسة العامة للبحوث والهندسة المدرسية بانجلترا، رفقة محمد بن قرنة مدير مركز البحث في الاقتصاد التطبيقي من أجل التنمية بالجزائر، دراسة عن واقع النخبة المغاربية بفرنسا، حيث كشفت قاردل أن فرنسا تعتبر البلد الثالث في العالم من حيث استقبال المغاربة خاصة النخبة المثقفة ومنهم الطلبة على وجه الخصوص، مشيرة إلى أن 35 بالمائة من الشباب المغاربة أصحاب الشهادات العليا نجدهم بالمدارس الفرنسية. عادت الباحثة، خلال هذه الدراسة الميدانية التي أجريت على فئة المهندسين بفرنسا والتي دامت أربع سنوات (2011-2014)، أعدها مجموعة من الباحثين الفرنسيين رفقة نظرائهم من مركز البحث في الاقتصاد التطبيقي من أجل التنمية بالجزائر، إلى ظروف التحاق التلاميذ والطلبة المغاربة (الجزائريين والتونسيين والمغربيين)، بفرنسا مقسمة دراستها إلى ثلاثة مراحل وهي مرحلة الوصول إلى فرنسا، وبعدها تتبع المشوار الدراسي للطالب، وأخيرا مرحلة ما بعد التخرج والتفكير في الاستقرار أو العودة إلى الوطن الأم.خصصت هذه الدراسة لفئة المهندسين كونها الفئة التي تضم عددا كبيرا من النخب المغاربية بفرنسا حسب الباحثة قاردل، التي سلطت الضوء على المراحل الدقيقة في حياة الطالب المهندس. وقالت إن الدراسة خصت أبحاثا أقيمت على مئات العينات من الطلبة المغاربة بين سنوات 1995 و2013، لمهندسين درسوا وتكوّنوا وتخرجوا في تلك المرحلة، بدءا باختيار التخصص إلى وضعية إدماجهم في المجتمع الفرنسي، وطريقة تصرفهم في بلد غريب، وكيفية التفاوض لإجراء التربص أو الحصول على منصب عمل وأخيرا القرار النهائي بالبقاء.توصل البحث، تضيف الباحثة، إلى أن 80 بالمائة من المهندسين يحصلون على منصب عمل في المؤسسات التي يجرون بها تربصا. كاشفة أن أغلب الطلبة والتلاميذ المغاربة الذين يقصدون فرنسا تكون أهدافهم الأولية هي الدراسة والعودة بشهادات تشرّف عائلاتهم وتضمن لهم منصبا محترما في بلادهم لا أكثر، لكن حسب الدراسة، فإن الحالة تختلف بعد التخرج، أين تأخذ الأهداف في معظم الأحيان منحا آخر، ويبدأ المهندس في التفكير بالاستقرار هناك.وقفت قاردل على عينات لنخبة مغاربية متنوعة ومختلفة، حيث جسدت النخبة المغربية التميّز مقارنة بالنخبة الجزائرية التي قالت عنها الباحثة إنها تفضل البقاء والاستقرار بفرنسا، حيث أن احتمال العودة ضئيل، عكس المغاربة الذين يفضل أغلبية من تحدثت معهم العودة بعد إتمام الدراسة أو العمل لبعض السنوات والحصول على خبرة. وأرجعت السبب إلى ”الحركة الاقتصادية بالمغرب التي تمثل عاملا يشجع على العودة وبالتالي الاستقرار والحصول على منصب عمل محترم”، لكن هذا لا يعني أن قرار العودة يكون بسهولة، بالعكس المغاربة يتركون احتمال العودة لفرنسا ممكن في أغلب الأحيان وذلك بالبحث عن بطاقة الإقامة بفرنسا والحصول على الجنسية، هذا ما يسهل عليهم التنقل بسهولة. إضافة إلى احتواء الدراسة على عيّنات ممن فرض عليهم العودة إلى المغرب اضطراريا، لكن يبقى جانب الحصول على منصب عمل جيد المغناطيس الذي يجذب النخبة للعودة إلى الوطن الأم، مع الأخذ بعين الاعتبار المسائل الاجتماعية والثقافية للشاب، فهناك من يسهل عليه العيش والتأقلم مع المجتمع الفرنسي. عالجت الدراسة أوجه عديدة ومواقف مختلفة ومتنوعة لنخبة مغاربية، وخلصت إلى أن باب العودة يبقى مفتوحا للنخبة المغاربية مهما كان وضعها ومستواها وتطلعاتها، ذلك أن المهندس المغاربي سواء جزائري أو تونسي أو مغربي، يكون له حنين العودة إلى الوطن الأم كلما أتيحت له الفرصة لذلك.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات