الأخ سعد.. تحية أخوية وبعد، لا شك أنك سمعت وقرأت مثلي، التهويل الإعلامي الذي أقامته وزيرة التربية، في الأيام الأخيرة، في كل أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية وكل الصحف اليومية، حول رزنامة الامتحانات المدرسية السنوية التي وافقت عليها الحكومة.. نعم الحكومة ؟ وسمعتها تقول في الإذاعة بنوع من الفرح إن الحكومة وافقت على رزنامة الامتحانات التي أعدتها بعد مشاورة الشركاء الاجتماعيين، أي النقابات. أخي سعد، لقد عملت في قطاع التربية منذ الاستقلال ولم يسبق لي أن سمعت أن رزنامة الامتحانات تدرسها الحكومة والنقابة؟ أمر غريب فعلا. فهذا العمل يقوم به مدير الامتحانات لا غير. فالحكومة لها قضايا ومهام أخرى. لكن يظهر أن حكومتنا لها وقت كاف.محمد سعيد1- أبشر يا سعيد، الحكومة ستتكفل هذا العام بتصحيح أوراق امتحان الشهادة الابتدائية وشهادة التعليم المتوسط، وستدعو الأمم المتحدة للإشراف على تصحيح شهادة البكالوريا! ألم تقل الحكومة إنها ستستعمل بطاقات التعريف البيومترية للتعرف على تلاميذ البكالوريا! ألم تقم الحكومة بدعم حراسة امتحان البكالوريا بالشرطة والدرك.. وربما ستستخدم الحكومة هذا العام وحدات الجيش والطائرات العسكرية لحماية نصوص امتحان البكالوريا من السطو؟! والعمل على نقلها جوا حتى لا تتعرض للسطو.2- لاحظ أيضا يا أخي سعيد أن وزراء آخر الزمان أصبحوا لا يعملون في مكاتبهم أكثر من العمل في الزرد اليومية أمام عدسات قنوات العار الإعلامي الوطني! كل يوم يقوم وزير من وزراء الحكومة بإقامة نشاط وزاري يحمل معنى “الزردة” ويدعو إليه زملاءه من الوزراء الذين يتركون وزاراتهم ويذهبون لحضور هذه الاجتماعات، وفي بعض الأحيان يصل عدد الوزراء إلى 10 أو حتى نصف تشكيلة الحكومة! ويتنقل هؤلاء من “زردة” وزارية إلى أخرى، تاركين مصالح الناس والبلد معطلة!3- لاحظ أيضا أن وزيرة مثل وزيرة البريد والمواصلات سكنت في بعض القنوات الإعلامية التي تدفع لها الإشهار من شركة موبيليس بتعليمات خاصة، وأن عدد ظهور هذه الوزيرة في هذه القنوات وصل إلى أكثر من 500 مرة منذ توليها الوزارة! في حين تعاني البلاد من تخلف رهيب في تدفق الأنترنات على الشركات والمصالح إلى درجة عطلت التنمية والتطور.. حتى أن البنوك العمومية والخاصة تشكو الآن من صعوبات جدية في إنجاز التعاملات البنكية والبريدية المالية بالسرعة التي يتطلبها التطور في العالم الحديث! في العهدات السابقة، سكن الرئيس في التلفزة.. لكن اليوم وزراء البطالة الحكومية المقننة سكنوا في القنوات الفضائية، حتى بات هذا النشاط هو النشاط الوحيد البارز في عمل الحكومة! إنني تعبان مثلك يا أخي سعيد، وكلما رأيت وزيرا يجمع زملاءه في “زردة” وزارية أصاب بالكآبة لمدة أسبوع.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات