38serv

+ -

 كشف الرأي المعلّل للمجلس الدستوري والمنشور في موقع الأمانة العامة للحكومة، أن تبديلات تعرض لها نص الدستور بعد الموافقة عليه في اجتماع مجلس الوزراء. ويتعلق الأمر بإضافة 3 محاور تتعلق بالجيش الوطني الشعبي وعصرنته، ودور الدبلوماسية، فيما سكت المجلس عن تناقضات وضعت مسؤولي التشريع على مستوى البرلمان ومستشاري الرئيس بوتفليقة في ورطة.لم يتضمن مشروع مراجعة الدستور في الصيغة التي نشرها موقع الرئاسة إضافات على مستوى الديباجة التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من الدستور كما جاء في آخر الديباجة. في هذا الصدد، أضيفت الفقرة 16 التي تخص الجيش لتكون مقدمة للمادة 25 من الدستور التي لم يمسها التعديل، حيث أطنبت الفقرة الجديدة في مدح الجيش الوطني الذي هو سليل جيش التحرير (الذي خُص هو أيضا بمدح على مستوى الفقرة 6) ودوره البطولي وتضحياته الجسام كحام للوطن من كل الأخطار الخارجية، ومساهمته البارزة في حماية المؤسسات والمواطنين والممتلكات من خلال مكافحة الإرهاب، كما جاء في تبرير الرأي المعلل للمجلس الدستوري.غير أن هذه الإضافة لم تخل من الأخطاء، فقد اختلط الأمر على المجلس الدستوري حول الشطر الثاني لهذه المادة، لاسيما ما تعلق بالتسميات، إذ عوض أن يذكر الجيش الوطني الشعبي، نصت الإضافة على “يعتز الشعب الجزائري بجيش تحريره الوطني”، بينما الأصح “بحيشه الوطني الشعبي” في الفقرة التي تتحدث عن الجيش الوطني الشعبي دون جيش التحرير الوطني.ومما أضيف ولم يمر على مجلس الوزراء، الفقرة 17 التي تخص دور الدولة في ضمان احترافية الجيش وعصرنته، حتى يتوفر على القدرات الضرورية للحفاظ على الاستقلال والسيادة الوطنية ووحدة التراب وسلامته بريا وجويا وبحريا.ومن الملاحظات التي تدعو للتساؤل اشتمال رأي المجلس الدستوري الإضافة على مستوى المادة 51 من الدستور التي أسالت الكثير من الحبر، وجاء فيها “يحدد القانون قائمة المسؤوليات العليا والوظائف السياسية”، علما بأن هذه الإضافة أدرجت بعد تداول مجلس الوزراء حول مضمون المادة المذكورة بتاريخ 11 جانفي الماضي في بيان الرئاسة ليوم 12 جانفي. تجدر الإشارة هنا إلى أن هذه الإضافة غير متطابقة مع الفقرة التي سبقتها (الفقرة 2) التي تخص “المسؤوليات العليا في الدولة”، في حين تنص الإضافة على “المسؤوليات العليا” دون مصطلح “الدولة”، وكأن المسؤوليات العليا بالقطاع الخاص والشركات الأجنبية المعنية بقاعدة 51/49 معنية بهذه المادة.كما تضمن رأي المجلس الدستوري إضافة على مستوى الديباجة لم تكن في المشروع التمهيدي، وتخص تحديد الأهداف العامة للدبلوماسية الجزائرية وتكريس حضور الجزائر بين الأمم، كما جاء في الرأي المعلل للمجلس الدستوري.وفضلا عن ما جاء من إضافة في المادة 51، فإن المجلس الدستوري أبدى رأيه بدون تحفظ على جميع المواد، باستثناء المادة 14 حين استبدل مصطلح “التساهمية” بمصطلح “التشاركية” لتصبح “الديمقراطية التشاركية”، والمادة 21 التي استبدل فيها مصطلح “العهد” بمصطلح “العهدات” لتصبح “الوظائف والعهدات”، وأخيرا المادة 54 مكرر 2 التي استبدل فيها مصطلح “سليمة” بمصطلح “صحية” لتصبح “بيئة صحية”.وما يعاب على رأي المجلس الدستوري عدم خوضه في مواد الأحكام الانتقالية التي كان عليه أن يتمعن فيها، سواء بالزيادة أو الحذف. ففي جانب الزيادة كان على المجلس إدراج حكم يعالج أحكام المادة 118 الجديدة التي تنص على أن اجتماع البرلمان في دورة واحدة كل سنة لمدة 10 أشهر على الأقل تبتدئ في اليوم الثاني من أيام العمل في شهر سبتمبر. وعلى هذا الأساس إذا افترضنا أن رئيس الجمهورية سيوقع على نص التعديل الدستوري قبل افتتاح الدورة الربيعية فمعناه أن أعمال البرلمان ستجمد إلى غاية يوم الأحد 4 سبتمبر القادم! أما بالنسبة للحذف فكان الأجدر بالمجلس –حسب الخبراء- إلغاء أحكام المادة 181 مكرر 2 التي تنص على أن يكون نص التعديل الدستوري الذي تم إقراره موضوع تنسيق وترقيم في مواده.من جهة ثانية، يلفت قانونيون دستوريون الانتباه إلى تداول المجلس الدستوري على أحكام نص التعديل الدستوري فيها من 20 إلى 28 جانفي، أي 7 أيام، بدلا من 20 يوما التي تمنحها إياه صراحة المادة 167 من الدستور، بالرغم من أن هذه المراجعة مست 74 مادة وإنشاء 37 مادة أخرى، وبلغ إلى رئيس الجمهورية يوم 29 جانفي وتم نشره في الموقع الإلكتروني للجريدة الرسمية في 29 من ذات الشهر. أما نشره على الجريدة الرسمية (الورقية) فقد تأخر إلى 10 فيفري الجاري أي أن مدة نشره استغرقت أكثر من مدة المداولة عليه في المجلس الدستوري.ولقد تمت المصادقة بأغلبية 3 أرباع على مشروع نص التعديل الدستوري (499 نائب) في اجتماع الغرفتين يوم الأحد 7 فيفري، وعلى رئيس الجمهورية أن يصدر القانون في أجل 30 يوما ابتداء من تاريخ تسلمه إياه طبقا لأحكام المادة 126 من الدستور التي لم تمس. ويفترض، كما جرت به الأعراف، أن يتسلم القانون في اليوم نفسه ليبلغه بدوره إلى الأمانة العامة للحكومة لإعداد النص قبل تقديمه لتوقيع رئيس الجمهورية. وبالتالي، فإن أمام الرئيس إلى غاية يوم 7 مارس منتصف الليل للتوقيع على هذا القانون.ورطةوفي هذا الصدد، توحي المعطيات بأن الرئيس لن يوقع القانون قبل 4 مارس، لأن المؤسس الدستوري والمجلس الدستوري بكل بساطة أغفلا أحكام المادة 118 الجديدة، كما أنهما أغفلا الإشارة إلى حكم انتقالي يعفي البرلمان من أحكام المادة 118.وعليه فإن الرئيس ملزم بعدم التوقيع على القانون حتى تفتتح الدورة الربيعية للبرلمان بغرفتيه مع بداية مارس المقبل، لتبقى الدورة مجتمعة في دورة عادية إلى غاية انتهائها مطلع جويلية أو بداية أوت ليعاد افتتاحها في حلتها الجديدة في 4 سبتمبر.أما إذا وقعه قبل افتتاح الدورة الربيعية فمعناه تجميد أعمال البرلمان، أو بعبارة أخرى إجباره على أخذ عطلة إلى غاية 4 سبتمبر، وأن نية الرئيس في اللجوء إلى أحكام المادة 129 المعدلة بحل المجلس الشعبي الوطني أو إجراء انتخابات تشريعية مسبقة بعد استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الدستوري والوزير الأول، فإن هذا الإجراء مستبعد من الناحية الإجرائية لسببين:الأول أن إجراء الانتخابات في أجل أقصاه 3 أشهر يعني أن التشكيلة تعرف نهاية شهر ماي والدورة تبتدئ في سبتمبر، وهو ما يجبر البرلمان الجديد على الانعقاد بعد 3 أشهر من إعلان المجلس الدستوري عن نتائج الانتخابات التشريعية.أمام السبب الثاني الذي يحول دون لجوء الرئيس بوتفليقة لحل أو إجراء انتخابات مستبقة، فهو أن هذه الأخيرة تخص البرلمان دون مجلس الأمة، وبالتالي فإن الإشكال يبقى مطروحا، لذا وجب عليه عدم المغامرة بإمضاء قانون تعديل الدستور إلى غاية افتتاح الدورة الربيعية. كما أن الرئيس بهذا الإجراء يبقي على “السوسبانس” في أوجه فيما يخص الحكومة الجديدة، إلى غاية التوقيع

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات