"المعارضة سجلت موقفها والدولة فرضت منطقها"

+ -

يذكر رئيس حركة مجتمع السلم ووزير الدولة سابقا، في حوار مع “الخبر”، أن استحضار الإرهاب في تصريحات المسؤولين للتخويف من التغيير، “له ما يبرره”، ولكن يدعو إلى تجاوزه. واختار سلطاني لنفسه موقعا سماه “المعارض الناصح”، وقال إن الدستور المصادق عليه برلمانيا الأحد الماضي “هو دستور المعارضة والموالاة معا”.قال الرئيس بوتفليقة في رسالته إلى البرلمان، أول أمس، إن جيله أدى ما عليه. ماذا تفهم من هذا؟ إذا كان يقصد بذلك الجيل التاريخي الذي ساهم في تحرير الجزائر، بتفجير الثورة المباركة، فهذا كلام دقيق لأن أعظم إنجاز في القرن الماضي، هو استرجاع السيادة الوطنية. لكن الدولة التي انبثقت عن ثورة التحرير، لم تكن بمستوى تطلعات ما تم تدوينه في بيان أول نوفمبر 1954. الجيل الذي أدار دفة الحكم خلال 54 سنة، كان يستطيع أن يقدم الأفضل والأعلى لو أراد، فيترك الجزائر في وضع أكثر تقدما واستقرارا وأكثر أمنا. غير أن الظروف التي مرت بها الدولة الوطنية خلفت كثيرا من الثغرات المفتوحة، وسوف نكون أمام أجيال ملزمة ببذل جهود جبارة لأداء رسالة الشهيد.الرئيس حذر في نفس الرسالة مما سماه مغامرة خطيرة في حال التوجه نحو التغيير. كيف ترى استحضار الإرهاب دائما في خطاب المسؤولين؟ أفسره بسببين. الأول مرجعية المأساة الوطنية التي تم ترسيمها في الدستور، حيث صارت مرآة عاكسة لمستقبل الجزائر. والسبب الثاني ما حصل في محيط الجوار بسبب انتكاسة ثورات الربيع العربي، الأمر الذي صنع فوبيا الإرهاب، وجعل كل تطلع إلى تغيير الواقع تهمة تحمل صاحبها تداعيات ما تقوم به التيارات أو الجماعات الإرهابية، باستدعاء كل التراكمات التي صارت حقائق في محيطنا، تجعل كل مواطن يرضى بما هو فيه على الذهاب إلى ما يسمى مغامرة لا أحد يستطيع التنبؤ بتداعياتها المستقبلية.ولكن هل يستقيم برأيك التذرع بالإرهاب لرفض التغيير؟ هو واقع ينبغي أن نتجاوزه، لأن تعليق كل تأخر في الإصلاح على شماعة الإرهاب سوف يجعل الإرهاب حتمية تلازم الشعوب التي تدرك أن دولا كثيرة ضربها الإرهاب ولكنها تغلبت عليه، وتجاوزت فوبيا هذه الآفة وانتقلت إلى إعادة بناء نفسها والالتحاق بركب الدول المتحضرة جدا.كيف تقيم موقف المعارضة من التصويت على تعديل الدستور؟ بعضها قاطع جلسة البرلمان والبعض الآخر امتنع..المواقف لا تستطيع أن توقف الإرادة السياسية، فالمعارضة سجلت مواقفها والدولة فرضت منطقها.تقصد ربما أن النظام هو الذي فرض منطقه؟ أقول الدولة، وأضيف بأنه بعد 7 فبراير 2016 (المصادقة على تعديل الدستور)، لن يعود الحديث عن مشروع دستور أمرا قائما، بل يصبح الدستور واقعا وحقيقة يبحث لها أصحابها عن صيغ جديدة للتكيف مع واقع مفروض، سوف تجد له الحكومة ترسانة من مشاريع القوانين التي تعدل ما كانت قد بادرت به في مسمى الإصلاحات بين 2011 و2015، ويصبح الدستور الجديد دستور الموالاة والمعارضة على حد سواء.وعودة إلى سؤالك، أقول إنه من حق المعارضة، اليوم، أن تواصل نضالها باتجاه ما يحقق أحلامها ومشاريعها وتطلعاتها السياسية. وفي المقابل من واجب الذين سلكوا الطريق السهل لإقرار الدستور أن يجسدوا طموحات اجتماعية واقتصادية، سوف يفرضها الواقع بين سنتي 2016 و2019، وهي معركة شرسة، والخوف هو أن تنزلق بعض الأطراف إلى استخدام أدوات غير ديمقراطية.أنت في أي موضع تصنف نفسك، في المعارضة أم في الموالاة؟ أرى نفسي في المعارضة الناصحة التي تثمن الإيجابيات وتشير إلى ضرورة تلافي السلبيات الحاصلة من طرف من يريد أن يفرض سياسة الأمر الواقع، وآخر يريد تقديم بدائل يعلم أنه يخاطب بها آذانا صماء.هل تعتقد أن مراجعة الدستور هي باكورة ما يسمى “إصلاحات”. بمعنى هل انتهى زمن الإصلاح في عهد بوتفليقة، بتعديل الدستور؟ الرئيس بوتفليقة وعد بتغيير الدستور جذريا سنة 1999، ولكن بدل أن يطرح صيغة واحدة للتعديل قدمها في 3 جرعات (تعديلات الدستور في 2002 و2008 و2016)، وقال في رسالته التي خاطب بها البرلمان بغرفتيه، إن جيله أدى ما عليه وأن الكرة اليوم في مرمى الجيل الذي سوف يستلم مقاليد إدارة الشأن الوطني، في الزمن المنظور سنة 2019.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات