الوطن

حلقة مفقودة في قضية الموظف القنصلي الجزائري في فرنسا

"تأخر تحريك الدعوى العمومية بعام كامل، ومباشرة الإجراءات القضائية في هذا التوقيت بالضبط، تنبعث منه رائحة السياسة"

  • 16302
  • 1:51 دقيقة
الصورة: ح.م
الصورة: ح.م

بعيدا عن الإجراءات التي اتخذها النائب العام لدى القطب المتخصص في الإرهاب بفرنسا، ضد الموظف القنصلي في البعثة الدبلوماسية الجزائرية، ومسوغاتها الإجرائية والجنائية، تبرز عناصر تتعلق بالتحقيق الأمني وجمع الأدلة والعناصر التي تسمح بالاشتباه في الموظف القنصلي، من الناحية الزمنية والواقعية، بناء على ادعاءات الشاكي المسمى أمير بوخرص، وهو جزائري مقيم في باريس.

 وبالعودة إلى العامل الزمني، فإن أول ما يثير الانتباه، هو المدة الفاصلة بين الوقائع والشكوى والتحريات الأمنية التي عادة ما تتم تحت إشراف النيابة العامة أو وكلاء الجمهورية من جهة وتحريك الدعوى العمومية بتوقيف المشتبه بهم والتحقيق معهم وتوجيه لهم الاتهام، ثم الأمر بإيداعهم الحبس المؤقت من جهة أخرى، التي ستبلغ في تاريخ 24 افريل الجاري عاما بالضبط.

 هذه المدة بين الوقائع وتحريك المتابعة القضائية، وفق خبراء قانون تحدثت إليهم "الخبر"، رفضوا ذكر أسمائهم، لا تشكل عيبا قانونيا ولا تؤدي إلى بطلان الإجراءات أو المحاكمات، غير أن تأخر تحريك الدعوى العمومية بعام كامل، ومباشرة الإجراءات القضائية في هذا التوقيت بالضبط، تنبعث منه رائحة السياسة، بتعبير المتحدثين، مشيرين إلى أن هذه القضايا تستوجب السرعة في جمع الأدلة وتحديد الشهود ورصد معالم الأحداث والاتصالات التي تؤكد الوقائع، قبل أن تتلاشى أو تختفي أو يتم تدميرها عمدا من قبل الأطراف التي لا تخدمها.

 وينطلق الخبراء في قراءتهم من المبدأ المعروف والقائل "حق يراد به باطل"، في إشارة إلى أنه من حق القضاء الفرنسي مباشرة إجراءات المتابعة بعد عام من الوقائع ولا يشكل ذلك تقادما لها، غير أن ما هو غير عادي، هو "تايمينغ" تحريك الإجراءات المشوب بالشكوك، كونه جاء متزامنا مع واحدة من أكبر الأزمات التي تشهدها العلاقات بين الجزائر وباريس.

 وما يعزز هذه القراءة أيضا، أن القضية تكفل بها القطب المتخصص في قضايا الإرهاب في فرنسا، بما يشكله الوصف الجنائي والتكييف القانوني لها من خطورة على المجتمع برمته، ما يعني أنه كان على النيابة العامة أخذ القضية على محمل الجد وتسريع وتيرة الوصول إلى الفاعلين بسرعة قياسية، وإلا صار المشتبه بهم يشكلون خطرا محدقا.

 كل هذه المآخذ في المعالجة القضائية للقضية، أدخلت الشك في جدية القضاء الفرنسي، الذي يقال بأنه مستقل تماما عن السلطات الأخرى وعن السياسية.

التواصل الاجتماعي

Fermer
Fermer