في الوقت الذي تواصل فيه الآلة العسكرية الصهيونية قصفها الوحشي لقطاع غزة، أعلنت السلطات الصحية الفلسطينية في غزة، أمس، عن ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى 51266 شهيدا
و116991 جريحا، إذ يتكرر مشهد التقتيل يوميا، وسط منازل مدمّرة وخيام نزوح محرقة وممزقة وجثث متناثرة تحت الأنقاض، في حرب إبادة جماعية لا تستثني أي فلسطيني.
وارتقى عشرات الشهداء والجرحى في غارات صهيونية جديدة على قطاع غزة منذ فجر اليوم، حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد 26 مواطناً وإصابة 60 آخرين، بينما تواصل آلة الحرب الصهيونية ارتكاب المجازر بحق المدنيين العزل، في مشاهد تتكرر يومياً منذ أكثر من 18 شهراً.
ويواجه قطاع غزة انهيارا شاملا في المنظومة الصحية، حيث حذّرت وزارة الصحة من منع الاحتلال إدخال تطعيمات شلل الأطفال منذ 40 يوما، مما يعرّض 602 ألف طفل لخطر الإصابة بإعاقات دائمة، وطالبت المجتمع الدولي بالضغط لفتح معبر رفح وإدخال المساعدات. كما أشارت تقارير إلى معاناة 1.1 مليون طفل من سوء التغذية الحاد، في ظل حصار صهيوني متعمّد. ودعا مفوض الأونروا فيليب لازاريني إلى رفع الحصار فوراً عن غزة، وأشار في منشور عبر منصة "إكس"، إلى مرور 50 يوما على الحصار الصهيوني، متّهما تل أبيب باستخدام المساعدات أداة مساومة وسلاح حرب.
وأكد أن مليوني شخص، معظمهم نساء وأطفال، يواجهون عقابا جماعيا ممنهجا بينما ينتشر الجوع بشكل متعمّد، متسائلا: إلى متى تبقى الإدانات الجوفاء دون فعل حقيقي لإنقاذ ما تبقى من الإنسانية؟
ويمنع الاحتلال دخول الغذاء والماء إلى قطاع غزة منذ أوائل مارس الماضي، مما فاقم المجاعة وأدى إلى كارثة إنسانية في ظل حصار مستمر منذ 18 عاما.
ودمر الكيان منازل نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل 2.4 مليون، ودفع بالقطاع إلى حافة المجاعة. وأكد لازاريني أن الاحتلال يستخدم التجويع كسلاح حرب بعد قصفه 37 مركز إغاثة.
هذا، وكشفت تقارير عبرية، أن لواء غولاني فقد 114 جندياً في غزة، بينما يعاني 60 بالمائة من جنود الاحتياط من إرهاق شديد. وأكدت صحف عبرية أن الجيش يضطر إلى إرسال مجنّدين غير مدربين إلى القتال بسبب تهرب جنود الاحتياط من العودة إلى غزة تحت مبررات عديدة، في مؤشر على أزمة عميقة داخل جيش الاحتلال.
وبخصوص جديد جهود وقف الحرب في غزة، أشارت "بي بي سي"، نقلا عن مسؤول فلسطيني، قوله إن الوسطاء القطريين والمصريين اقترحوا خطة جديدة تشمل هدنة طويلة الأمد تتراوح بين 5 إلى 7 سنوات وإطلاق سراح جميع الأسرى الصهاينة مقابل إخلاء سبيل السجناء الفلسطينيين من السجون الصهيونية، بالإضافة إلى انسحاب صهيوني كامل من القطاع وإنهاء رسمي للحرب.
ومن المقرر أن يصل وفد رفيع المستوى من حركة حماس، بقيادة محمد درويش وخليل الحية، إلى القاهرة لبحث هذه المقترحات، بينما لم يردّ الكيان بعد عن هذا المقترح.
وأشار المصدر أن حماس أبدت مرونة غير مسبوقة، على غرار استعدادها لتسليم إدارة غزة لكيان فلسطيني يتفق عليه "على المستويين الوطني والإقليمي"، سواء كان السلطة الفلسطينية أو هيئة جديدة، إلا أن نتنياهو استبعد أي دور للسلطة الفلسطينية في حكم القطاع، مما يعرقل أي حل في الأفق.
هذا، ويستبعد مراقبون حضور نتنياهو جنازة البابا فرنسيس، بعد اتهامه إياه بـ"معاداة السامية" لانتقاده الحرب على غزة، حيث كان فرنسيس قد اتهم الكيان في نوفمبر الماضي بارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين. لذلك سيستغل نتنياهو الخلاف مع الفاتيكان لتجنّب المشاركة في جنازة البابا، ويتجنّب بذلك أي احتمال لإلقاء القبض عليه باعتبار أن الفاتيكان يعدّ موقّعا على نظام روما الأساسي المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت أمرا باعتقال نتنياهو بسبب ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في غزة.
يشار أن نتنياهو سبق وأن زار المجر -التي انسحبت من نظام روما الأساسي تضامناً مع الكيان- والولايات المتحدة -غير الموقّعة أصلاً على المحكمة الجنائية الدولية.
بالمقابل، يرى مراقبون أن الفاتيكان، رغم توقيعه على "نظام روما" المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، غير مرجّح أن ينفّذ مذكّرة الاعتقال ضد نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في غزة، حفاظاً على الحياد الديني وتجنّبا لإثارة خلافات عقدية مع الطائفة اليهودية.
إلى ذلك، تستمر المجازر في غزة، ويبقى العالم عاجزاً عن وقف آلة الإبادة الصهيونية، ويتسارع الانهيار الإنساني وتواصل المجاعة في التفشى، بينما تُكتب فصول جديدة لإحدى أكبر الجرائم في تاريخ الإنسانية، بدون أن يتحرك الضمير العالمي.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال