العالم

سوريا تطوي صفحة عائلة الأسد

54 سنة.. الفترة قضتها عائلة الأسد سدة الحكم بسوريا، وخلال العقود الطويلة سيطرت العائلة وأتباعها مؤسسات الدولة، وكانت سببا مباشرا رسم تاريخها الحديث.

  • 44623
  • 3:02 دقيقة
سوريا تطوي صفحة عائلة الأسد
سوريا تطوي صفحة عائلة الأسد

54 سنة.. هي الفترة التي قضتها عائلة الأسد في سدة الحكم بسوريا، وخلال هذه العقود الطويلة سيطرت العائلة وأتباعها على مؤسسات الدولة، وكانت سببا مباشرا في رسم تاريخها الحديث والمعاصر بيد من حديد.

مع حلول فجر اليوم الأحد، 8 ديسمبر 2024، أعلن رسميا عن سقوط نظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد، وفرار الأخير إلى وجهة غير معلومة، بعد أن سبقته عائلته للخروج من البلاد، قبل نحو أسبوع من الآن، حسب مصادر إعلامية عديدة.

لمعرفة تاريخ هذه العائلة مع الحكم في سوريا، ينبغي العودة إلى الوراء قليلا، وبالضبط إلى سنة الاستقلال السوري عن الانتداب الفرنسي سنة 1946، حيث برزت الطائفة العلوية كقوة مهمة في مجالين رئيسيين، هما الحركات السياسية والقوات المسلحة، وهو التحول الذي أخرج الطائفة، الممثلة آنذاك لـ12 إلى 15 بالمائة من سكان سوريا، من دائرة التهميش، وتغلغلها في مقاليد الحكم.

وللإشارة هنا، فإن عائلة الأسد، التي كان لها الفضل في إعلاء شأن الطائفة العلوية، يعود أصلها إلى القرداحة في اللاذقية، والمنتمية لقبيلة الكلبية، أما عن اسم العائلة فيعود إلى عام 1927، عندما غيّر علي سليمان، الجد الأول لبشار، لقبه إلى الأسد.

بالعودة إلى مشهد استقلال سوريا عن السيطرة الفرنسية، تجدر الإشارة إلى حدث مهم في تاريخ الدولة الفتية، وهو تأسيس حزب البعث في 1947، والذي سعى إلى توحيد القومية العربية والاشتراكية والعلمانية ومناهضة الإمبريالية.

انقلاب بنكهة تصحيحية

في ذلك الوقت، كان الراحل حافظ الأسد، الرئيس السابق للجمهورية السورية، أحد أعضاء الحزب المؤسسين، يتدرج في سلّم المؤسسة العسكرية، فشغل منصب قائد القوات الجوية، ثم وزيرا للدفاع، ليساهم في رفع الأقلية العلوية في الجيش والحكومة.

وفي 13 نوفمبر 1970، قاد حافظ الأسد انقلابا في حزب البعث سمي بـ"الحركة التصحيحية"، ليتسلم السلطة، إيذانا ببداية حقبة جديدة في سوريا التي كانت تعيش حالة من اللااستقرار سياسيا وعسكريا.

على الصعيد العربي، يرتبط اسم الأسد بما عرف بجبهة الصمود والتصدي التي ضمّت كلا من سوريا وليبيا والجزائر، والعراق، ردا على زيارة الرئيس المصري محمد أنور السادات "لإسرائيل" ودخوله في مفاوضات سلام معها.

واستمر الأسد في دعم المقاومة اللبنانية المسلحة للاحتلال "الإسرائيلي" في جنوب لبنان، التي أجبرت إسرائيل على الانسحاب من لبنان في ماي 2000.

طبيب العيون لتوضيح الرؤية

في سنة 1994، لم تُحقق نية حافظ في توريث ابنه الأكبر باسل الحكم، وهو من بين أربعة ذكور وبنت، هم كل من بشرى، باسل، بشار، مجد، وماهر، إذ سبق الموت إلى ولي السلطة المحتمل في حادث سيارة مفاجئ في ذات السنة، ما اضطرّ الأب إلى اللجوء إلى ابنه الثاني طبيب العيون بلندن قليل الخبرة سياسيا، بشار الأسد، الذي كتبت عنه كبرى وسائل الإعلام حينها: "طبيب العيون لتوضيح الرؤية في سوريا"، وعندما توفي الأسد الأب عام 2000، تولّى بشار مقاليد الحكم، وقد تم تأكيده في منصبه من خلال استفتاء حصل فيه على 97% من الأصوات.

لقد اتسمت فترة حكم حافظ وبعده ابنه بشار، بعدة انتهاكات ومحطات دموية، على غرار مجزرة جسر الشغور في 1980، ومجزرة حي المشارقة، صبيحة عيد الفطر من ذات السنة، ومجزرة سجن تدمر كذلك، في خضم انتفاضات مناهضة للنظام.

وفي عز التهديد الذي كان يلازم الجو العام في سوريا آنذاك، تركزت القوة والهيمنة الاقتصادية في البلاد في أيدي عائلة الأسد ومقربيهم، ولعبت شخصيات مثل ماهر وبشرى الأسد وزوجها أصف شوكت أدوارا رئيسية في الجهاز الأمني والعسكري للنظام، فيما كشفت بعض التقارير عن سيطرة ابن عمهم رامي مخلوف على 60% من اقتصاد البلاد.

حرب أهلية

لعلّ عام 2011، هو العام المفصلي في تاريخ الجمهورية السورية، فبذلك التاريخ انطلقت شرارة الثورة باحتجاجات شعبية عفوية سلمية في جل المدن السورية، تطالب بالحرية والكرامة وإسقاط نظام الأسد، الأخير الذي قابل التهديد الذي يواجه سلطته بالسلاح الثقيل، فسقط مئات الآلاف من الضحايا، وتشرد الملايين نزوحا في الداخل السوري ولجوءا في مختلف بقاع العالم، وتحولت سوريا إلى ساحة للصراع بين القوى الإقليمية والدولية، إلى غاية تاريخ اليوم المشهود، والذي يخبئ حتما الكثير للشعب السوري الطامح إلى غد مشرق تلتئم فيه الجراح ويتوقف الدم عن النزيف من الأرض الطيبة.

التواصل الاجتماعي

Fermer
Fermer