على عكس تصريحات النظام المغربي بخصوص مستقبل النزاع في الصحراء الغربية، والتي تتقاطع عند فكرة أن النزاع طوي لصالحه بعد تأكيد إدارة ترامب اعترافها بسيادة المغرب على الإقليم، إلى جانب مواقف كل من فرنسا وإسبانيا، لكن المعطيات على الأرض تناقض ما يروّج له المخزن، وهو ما كشفت عنه تصريحات مسعد بولس، مستشار ترامب وكذا إحاطة المبعوث الأمم دي ميستورا أمام مجلس الأمن وكذا قيادة "الأفريكوم".
عاد الحديث بقوة خلال الأيام القليلة الماضية عن مستقبل النزاع في الصحراء الغربية، خاصة بعد الإحاطة التي قدمها المبعوث الأممي إلى الصحراء الغربية ستيفان دي ميستورا حول المستجدات التي عرفها النزاع، وكذا تجديد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو التأكيد على دعم إدارة الرئيس دونالد ترامب السيادة للمغرب على الصحراء الغربية، وهي التصريحات التي اعتبرها الطرف المغربي انتصارا حققه وبأن الملف، وفق تقديره، قد طوي بشكل نهائي، مستندا أيضا على مواقف كل من إسبانيا وفرنسا.
لكن فرحة المغرب لم تدم طويلا، خاصة بعد التصريحات التي أعلن عنها مسعد بولس صهر ومستشار الرئيس الأمريكي ومبعوثه الخاص لشؤون الشرق الأوسط وإفريقيا، والتي أكد فيها أن إعلان ترامب في 2020 صحيح أنه "منح السيادة للمغرب، ولكنه تضمّن كلامًا مهمًا جدًا يتعلق بالحوار والتوصل لحل مرضٍ لجميع الفرقاء، لم يكن إعلانًا مطلقًا بشكل مقفل، بل تُرك الباب للحوار للتوصل لحل يرضي الطرفين"، وهو ما يعني أن ترامب لم يمنح صكا على بياض للمغرب، ويبرز تأكيدا أمريكيا أن الحل النهائي يبقى مرتبط بما ستسفر عليه المفاوضات بين طرفي النزاع المغرب وجبهة البوليساريو.
- العالم
- 21-04-2025
- 10:35
"تصريحات مستشار ترامب أصابت الرباط بالخيبة"
المحلل السياسي والباحث الأكاديمي، محمد بشير لحسن، يقدم قراءة لتصريحات مسعد بولس.
تصريحات بولس أعقبتها إشارة قوية من واشنطن جاءت على لسان قائد في الأفريكوم، الذي أكد أن مناورات الأسد الإفريقي التي ستجرى في المغرب "لا تشمل أراضي الصحراء الغربية"، وأوضح أن "كل التمارين التي ستقام ستكون في شمال المغرب، وأبعد نقطة ستصلها المناورات ستكون منطقة طنطان (جنوبي المغرب)، كما ستقام أغلب المناورات على الساحل المغربي، تجنبا لإثارة أي توترات". تصريحات تعزز التأكيد من جديد، أن الموقف الأمريكي يبقى مرحلي ويأخذ بجدية المعطيات على الأرض والتي كلها تدفع نحو ضرورة أن يمكّن الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير، والتي تبقى المخرج الوحيد لإنهاء النزاع من جهة، ومن جهة أخرى الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة.
ليس بعيدا عن واشنطن وبالتحديد بمبنى الأمم المتحدة بنيويورك، كان المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا، قد قدّم إحاطته أمام مجلس الأمن، منتصف الشهر الجاري، وأهم ما أكد عليه هو أن الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب يجب "أن يكون جادا" وهو ما يعني أن المقترح شكلا ومضمونا لم يصل إلى مستوى أن يكون ذو ثقة ويبقى مبهما في تفاصيله، وما دفع دي ميستورا أن يطلب من المغرب أن يكون جادا في مقترحه، ولهذا السبب دعّم الموقف الأمريكي المطالب بتوضيحات أكثر حول "الحكم الذاتي"، ما يعني أن هذا المقترح يبقى مبهما وغير معروف حتى بالنسبة للذين دعّموا المغرب، وهو ما يقودنا إلى استنتاج آخر، أن هذا الدعم لا يعدو أن يكون حملة علاقات عامة أكثر منها موقف يرتكز على أسس صلبة.
كما يشدد دي ميستورا، وهو نفس المطلب الأمريكي، بأن تتعلق بضرورة التوصل إلى "حل مقبول للطرفين"، ويضيف "وتُذكرنا بأن المفاوضات الفعلية بين الأطراف المعنية، لا بد أن تُجرى من أجل التوصل إلى حل – وهو ما يتطلب أيضاً، في الوقت المناسب، نوعاً ما من الآلية الموثوقة لتقرير المصير"، وهي كلها معطيات، على المستوى الأممي، تناقض في الشكل والمضمون ما يروّج له المغرب بأن الملف طوي.
وعلى المستوى الأممي دائما، فمن بين 15 عضوا داخل مجلس الأمن، توجد 10 دول من بينها بريطانيا وروسيا والصين يدعمون حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، مقابل 3 دول وهي فرنسا والولايات المتحدة وسيراليون، تدعم الحكم الذاتي المغربي، وتبقى دولتان موقفها لا يناقض الشرعية الدولية.
انطلاقا من المعطيات السالفة الذكر والمرتبطة بحقائق على أرض الواقع، تشير كلها إلى أن المغرب لم يحسم النزاع لصالحه، وأنه حتى الدول التي تدعمه، لا تثق في جديته وجدية مبادراته التي تبقى مبهمة حتى بعد 17 سنة من تقديمها والترويج لها، وإعلاناته كل مرة بأنه طوى الملف، مثلما صرح به بعد الاعتراف الإسباني وبعده المغرب وبعده الأمريكي، إلا أن الواقع يناقض هذه التصريحات، والملف يبقى مفتوحا وموهونا بقبول الشعب الصحراوي وممثله جبهة البوليساريو بالحل الذي يلبي طموحاتهم.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال