تتوجه أنظار العالم المسيحي، بداية من اليوم الإثنين، نحو كنيسة القديس بطرس في روما، عاصمة دولة الفاتيكان، التي ستشهد "فترة الانتقال البابوية"، عقب الإعلان عن وفاة البابا فرانسيس، بعد 12 سنة من توليه زعامة المؤسسة الكنسية الكاثوليكية.
لقد بدأت مع وفاة البابا فرانسيس، صبيحة هذا اليوم، فترة الانتقال في الكنيسة الكاثوليكية - تمتدّ من الإعلان عن وفاة زعيم الباباوات وانتخاب آخر - وهي العملية التي استمرت لآلاف السنين مع تحديثات طرأت عليها مع مرور السنين لضمان تماشيها مع العالم الحديث.
ولعلّ التفكير في خليفة البابا فرانسيس، قد بدأ فعليا داخل كنيسة بطرس، وفي عموم المجتمع المسيحي، قبل وفاته، هو الذي كان في وضع صحي "حرج" ينبئ بدنو أجله في وقت مبكر.
من يدير شؤون الفاتيكان في هذه الفترة؟
بمجرد الإعلان عن الوفاة، يتولى الكاردينال "الكاميرلينغو" مسؤولية التحقق رسميا من وفاة البابا، وختم شقته البابوية، وإدارة ممتلكات وحقوق الكرسي الرسولي خلال هذه الفترة.
وخلال فترة "الكرسي الشاغر" لا يملك مجمع الكرادلة سلطة إصدار المراسيم أو القرارات التي تخص البابا، حيث يقتصر دورهم على الإدارة العادية والتحضير لانتخاب البابا الجديد.
كما تؤكد المادة الأولى من الدستور نفسه على أنه "خلال فترة شغور الكرسي الرسولي، لا يمتلك مجمع الكرادلة أي سلطة أو ولاية قضائية على المسائل التي تخص البابا".
جنازة مهيبة
يتعين على الكرادلة الآن تحديد موعد الجنازة بدقة، وبعد ذلك موعد بدء المجمع المغلق، لكن معظم الجدول الزمني مُحدد مسبقًا، فقد أدت وفاة البابا إلى بدء 9 أيام من الحداد تُعرف باسم " نوفندياليس"، ويجب دفن البابا بين اليوم الرابع والسادس بعد الوفاة. وسيُعرض جثمان البابا أيضًا في كاتدرائية القديس بطرس للعزاء، وسيُقام قداسٌ في كل يوم.
للتذكير فقد اصطفّ المعزون في طوابير طويلة لرؤية جثمان البابا يوحنا بولس الثاني، آخر بابا يُتوفى أثناء خدمته، عام 2005.
ومن المرجح أن تُقام فعاليات غير رسمية بالتزامن في بوينس آيرس، حيث عاش البابا فرنسيس قبل أن يصبح أسقف روما، وهو أول زعيم أمريكي لاتيني في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية.
بعد ذلك، في نهاية فترة الحداد، سيُقام قداس جنازة حاشد في كنيسة القديس بطرس. ويُعد هذا الحدث ضخمًا في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، ويتوقع حضور شخصيات مرموقة من جميع أنحاء العالم.
وقد حضر جنازة يوحنا بولس الثاني الرئيس الأمريكي آنذاك، جورج دبليو بوش، وسلفاه بيل كلينتون وجورج بوش الأب.
هل هناك نائب للبابا؟
في دولة الفاتيكان، لا يوجد نائب للبابا أو أي شخصية تتولى تلقائيا منصبه في حال وفاته أو استقالته. وخلال فترة "الكرسي الرسولي الشاغر" تُدار الكنيسة الكاثوليكية من قبل مجمع الكرادلة، حيث يلعب الكاردينال "الكاميرلينغو" دورا رئيسيا في إدارة الشؤون الزمنية لهذا الكرسي إلى حين انتخاب البابا الجديد.
وفي 14 فيفري، كانت وكالة الأنباء الكاثوليكية قد أعلنت عن تسمية البابا فرانشيسكو، للكاردينال الإيرلندي الأمريكي، كيفين جوزيف فاريل، في منصب الكاميرلينغو (رئيس دائرة العلمانيين والأسرة والحياة، والأسقف السابق لمدينة دالاس) والذي يبقى المرشح المباشر لتفعيل مجمع الكرادلة.
كيف يتم اختيار البابا الجديد؟
يتوجب على الكرادلة من جميع أنحاء العالم أن يستجيبوا لبلاغ "الكاميرلينغو" بخصوص "الكرسي الرسولي الشاغر"، بحيث يدعوهم لحضور الاجتماع المغلق (الكونكلاف)، والذي يجب أن يبدأ بين اليوم الـ15 والـ20 بعد وفاة أو استقالة البابا.
وتكون الدعوة لاختيار البابا الجديد لجميع الكرادلة الذين تقل أعمارهم عن 80 عاما، وذلك عبر انتخابات تجري في سرية تامة، ويستغرق اختيار البابا عادةً ما بين أسبوعين وثلاثة أسابيع من وفاة سابقه، مع أن الأمر قد يمتد لفترة أطول قليلًا إذا عجز الكرادلة عن الاتفاق على مرشح.
وخلال هذه الفترة، تقام قداسات خاصة وجلسات صلاة وتأمل لطلب الهداية الإلهية في اختيار البابا المناسب. فيجتمع الكرادلة الناخبون داخل كنيسة السيستين، حيث تجرى الانتخابات باختيار البابا الجديد، ويلتزم الكرادلة بالسرية التامة أثناء هذه العملية، معزولين عن العالم الخارجي، حتى انتهاء الاقتراع.
وتُجرى 4 جولات اقتراع يوميا (اثنتان صباحا واثنتان بعد الظهر)، ويتم حرق أوراق الاقتراع بعد كل جولة، ويشير الدخان الأسود إلى أن التصويت لم يُحسم، بينما يشير الدخان الأبيض إلى انتخاب البابا الجديد، ويستمر المجمع المغلق حتى يحصل مرشح على أغلبية الثلثين.
وبمجرد انتخاب البابا الجديد، يوافق على تولي المنصب ويختار اسما بابويا، ثم يُعلن عن انتخابه للعالم باستخدام الصيغة التقليدية "هابيموس بابام" (لدينا بابا).
ماذا إذا لم يتم انتخاب البابا؟
إذا طال أمد المجمع دون انتخاب البابا، فإنه بعد عدد معين من جولات التصويت الفاشلة، يمكن اتخاذ تدابير لتسهيل القرار، مثل تقليص عدد المرشحين أو تغيير نسبة الأغلبية المطلوبة.
ما هي معايير انتخاب البابا؟
من الناحية النظرية، يمكن انتخاب أي شخص معمّد وغير متزوج لمنصب البابا، حتى لو لم يكن كاردينالا، ولا توجد معايير رسمية تفرض انتخاب البابا من الكرادلة فقط، لكن التقاليد والممارسات الحالية تميل إلى اختيار البابا من بين أعضاء مجمع الكرادلة.
وإذا تم انتخاب شخص غير كاردينالي، فيجب أن يُرسّم فورا أسقفا (أي قائدا دينيا مسؤولا عن منطقة كنسية "أبرشية") لأن الكاردينال هو أسقف يتم تعيينه من قبل البابا، ويصبح جزءا من مجمع الكرادلة.
ماهي الواجبات الرئيسية للبابا؟
يقوم البابا بمهام يومية على رأسها إقامة القداس، والاجتماع بالقادة الدينيين والسياسيين، والإشراف على شؤون الكنيسة والفاتيكان، وإلقاء المواعظ، وإصدار الرسائل البابوية، بالإضافة إلى إدارة القضايا اللاهوتية والإدارية. ويتمتع البابا، وفق نظام الفاتيكان، بصفة الحبر الأعظم للكنيسة الكاثوليكية.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال