عالمنا اليوم بحاجة إلى ثقافة الرّوح!

+ -

 هناك شبهات وجّهها خصوم الإسلام إليه، منها أنّ الإسلام تنقصه الناحية الرّوحية، وأنّه دين مادي، وأنّ الإسلام نظام شرعي أكثر منه نظامًا أخلاقيًا روحيًا.والحقّ أنّه ليس هناك شبهة أبعد في الخطأ من هذين الزّعمين، فالإسلام قد اشتمل على مبادئ روحية لا يوجد لها نظير في سموّها وسرعة استجابة النّفس لها في أيّ دين من الأديان.. وهذا ما سنراه إنّ شاء الله في هذا الموضوع:الإنسان يتكون من روح ومادة: يتكوّن الإنسان من عنصرين: عنصر مادي ينمو ويتحرّك، وآخر بريء من المادة، له تلك المظاهر الخاصة من تفكير وعلم وإرادة، وحبّ وبغض وخُلُق كريم أو ذميم.ولكلّ من هذين العنصرين رغائب يتوقّ صاحبها إلى تحصيلها في أقصى حدودها. فللجسم رغائب من الطّعام والشّراب والجنس وغير ذلك، وللرّوح مدارج في الرّقي يمكن أن تنال منها حظوظًا متفاوتة حسب سعيها ومجاهدتها.اتّصلت الرّوح بالبدن، وفي هذا الاتصال ألوان من البلاء، فصار كثير من النّاس عبيدًا لشهواتهم، وانحطّت بشريتهم إلى درجة الحيوانية المحضة لا يرغبون من الحياة إلاّ ألوان الطّعام والشّراب وسائر أنواع الشّهوات، بل ربّما انحدروا إلى ما وراء الحيوانية المعتادة بما وهبوا من التّفكير... والكثير من المكلّفين هم هؤلاء.قال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلّ أُولَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ} الأعراف:179.فهؤلاء لم يفتحوا القلوب الّتي أعطوها ليفقهوا، ودلائل الإيمان والهدى حاضرة في الوجود وفي الرّسالات تدركها القلوب المفتوحة والبصائر المكشوفة، وهم لم يفتحوا أعينهم ليبصروا آيات الله الكونية، ولم يفتحوا آذانهم ليسمعوا آيات الله المتلوة، لقد عطّلوا هذه الأجهزة الّتي وهبوها ولم يستخدموها، لقد عاشوا غافلين لا يتدبّرون..

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات