+ -

توقع صندوق النقد الدولي مستقبلا أسود للاقتصاد الجزائري، في ظل تراجع احتمال استعادة أسعار النفط عافيتها على الأقل في المنظور القريب. وفي وقت تتفاءل الحكومة بارتفاع معدل النمو للسنة المقبلة بنقطة واحدة، يظهر تقرير صندوق النقد الدولي العكس، حيث يرتقب تحقيق الجزائر نموا من إجمالي الناتج المحلي، مرة واحدةبحوالي 0,2 بالمائة، وتأخرا لثلاث فترات بأقل من 0,1 بالمائة. جاء التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي المعنون “آفاق الاقتصاد الإقليمي، منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى”، مغايرا لما يجري الترويج له من طرف الحكومة من خطابات “التفاؤل”، فكان آخرها خطاب الوزير الأول، عبد المالك سلال، في اجتماع الثلاثية، الأسبوع الماضي. ولاحظ التقرير في شق الارتباط بين نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي السنوي، والتغير السنوي في الاستثمارات العامة، أن الجزائر لا تملك فرص تحقيق نمو كبيرة، في ظل تزايد الإنفاق العمومي والتحويلات الاجتماعية.وضمن الاحتياطات المالية الوقائية وأسعار النفط التعادلية لسنة 2015، كشف التقرير أن احتياطي الصرف للجزائر قادر على الصمود لخمس سنوات فقط، وذلك في إطار التغير في الأرصدة الأولية غير النفطية، المتوقع انخفاضها بحوالي 15 بالمائة من 2014 إلى 2020، وأقل من 5 بالمائة بين 2014 إلى نهاية السنة الجارية 2015.وأفاد التقرير بأن وتيرة التضخم تسارعت في الجزائر، مدفوعة بالانخفاض الكبير في قيمة الدينار مقابل الدولار، مضيفا أن “وتيرة التصحيح المالي سينعكس سلبا وتميل المخاطر المحيطة بتوقعات النمو نحو الجانب السلبي، فمن الممكن أن تستمر الصراعات في العراق وليبيا واليمن لفترة أطول من المفترض في تلك التوقعات، ما يخفض النمو في هذه البلدان ويؤدي إلى انتقال التداعيات السلبية إلى البلدان المجاورة”. والجزائر من ضمنها بصفتها الجارة الشرقية لليبيا.وتقع الجزائر ضمن الدول المصدرة للنفط، حسب رسم بياني مرفق بالتقرير، التي سيكون “النمو فيها أقل مما هو مقدر في السيناريو الأساسي، بنسبة تتراوح بين 0,50 - 0,25 نقطة مئوية، وسيزداد هذا التباطؤ عمقا ليتراوح بين 1 – 0,5 نقطة مئوية من إجمالي الناتج المحلي خلال الفترة بين عامي 2017 – 2018، أما على المدى المتوسط، سيكون معدل النمو أقل بواقع 0,50 – 0,25 نقطة مئوية مقارنة بالسيناريو الأساسي، نظرا لأن تشديد سياسات المالية العامة يستمر في تقييد النمو”.ووضع التقرير أمام الجزائر “وصفة” للاستفادة من انخفاض مداخيل أسعار النفط، فطلب منها “ضبط أوضاع المالية العامة لتكون غير ضار بالنمو وتتسم بالإنصاف بقدر الإمكان، وأن ترتكز على إطار متوسط الأجل للمالية العامة”. وتشمل العناصر الرئيسية لهذه العملية: فرض ضرائب عادلة، وتوسيع الأوعية الضريبية، وزيادة تصاعدية لضريبة الدخل، والتوسع في اسـتخدام ضريبة القيمة المضافة، وزيادة ضرائب الملكيات العقارية”.كما دعا صندوق النقد الدولي الجزائر إلى “دراسة والتأكيد علـى خفض النفقات الجارية، وليس المتعقلة برؤوس الأموال، وإصلاح أسعار الطاقة”، إلى جانب “الأخذ بالإطار متوسـط الأجل في الحسبان لأجل اعتبارات المساواة بين الأجيال، وأن تصاحبه إصلاحات إضافية لزيادة نطاق تغطية وشفافية حسابات المالية العامة”.ويرى الصندوق أنه لتجاوز أزمة النفط الحالية، ينبغي على “الجزائر تقييد الإنفاق الجاري، بحيث أنه ثمة حيزا لخفض الإنفاق الجاري بالنظر إلى الزيادة التي تمـت على مدار العقد الماضي، في النفقات علـى الأجور والنفقات الإدارية والنفقات الأمنية، وغالبا ما تكون هذه البنود هـي الأصعب مـن حيث القدرة علـى اتخاذ القرار السياسي المطلوب، وقـد أدت إلى زيادة جمـود الميزانيات وصعوبة تصحيحها، وقد نمت الأجور بوتيرة سريعة مقارنة مع نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي في الجزائر”.ويتوقع التقرير بالنسبة لأسواق النفط “حدوث زيادة متواضعة في أسعار النفط على المدى المتوسط، ولكن دون تعافيها إلى مستويات الذروة المسجلة في 2014. فمن المتوقع أن يبلغ متوسط سعر برميل النفط 52 دولارا حتى نهاية 2015، ويزداد بعد ذلك تدريجيا حتى يصل إلى 63 دولارا بحلول عام 2020، غير أن هذه الأرقام محاطة بقدر كبير من عدم اليقين، فلا تزال مخاطر التطورات السلبية المحيطة بالنمو الاقتصادي العالمي هي الغالبة، وذلك لعدة أسباب ليس أقلها نوبة التقلبات الأخيرة في الأسواق المالية وأسعار الصرف”.وحسب التقرير، فإنه “تحسبا لهذه التخفيضات أو استجابة لها، من المرجح أن يلجأ المستهلكون والشركات إلى كبح مستويات الاستهلاك والاستثمار (الجزائر معنية وفقا للتقرير)”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات