صرح سفير بوروندي بباريس، ديودوني أنداباروشيمانا، في حوار مع “الخبر”، بأن الرئيس بيير نكورونزيزا لم يُخلْ باتفاق “أروشا”، وأن العهدة الحالية لرئاسيات 2015 تعد عهدة ثانية فقط، وفقا لما أقره المجلس الدستوري، باعتبار العهدة الأولى استثنائية بعد انتخابه في 2005 من البرلمان، بينما انتخب في 2010 من الشعب، عكس ما تروج له روايات المعارضة التي تقول إنها عهدة ثالثة، ما تسبب في خلق موجة من الاضطرابات. وعبر السفير البوروندي عن استعداد الحكومة الجديدة المزمع تشكيلها مستقبلا لضم أحزاب المعارضة بما فيها الأحزاب التي شاركتفي الاحتجاجات الرافضة لترشح الرئيس نكورونزيزا لعهدة ثالثة برأيها. لا يمكن احتساب العهدة التي انتخب فيها الرئيس من البرلمان الحكومة ستحتضن الجميع حتى الأحزاب التي ساهمت في الفوضى بوروندي ليست الصومال ولا إفريقيا الوسطى ولا ماليما هو موقف الحكومة البوروندية من دعوة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الدخول في حوار جاد مع المعارضة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة؟ أولا موقف بوروندي لم يتغير منذ البداية، إنه موقف الحوار والانفتاح على المعارضة، ولمن يتتبع الأحداث فالحكومة لم تتوقف عن مد يدها للمعارضة وإلى المجتمع المدني، إذن موقف الحكومة هو نفسه يمد اليد للمعارضة من أجل حوار، ولا يخفى على أحد أنه تم استعمال كل الطرق لعرقلة ومنع هذه الاستحقاقات، ومع ذلك هناك عملية انتخابية جرت، ولدينا حكومة انتقالية، وبالنسبة لنا التفاوض هو الخيار الأفضل، لأنه منذ فترة طويلة لم تعرف الديمقراطية انطلاقة جديدة في بلادنا وذلك منذ 1992، وبعد اغتيال الرئيس البوروندي سنة 1993، إلى غاية 2005، استمرت بوروندي في المسار السياسي، وكل الطبقة السياسية تلوثت، ولا أحد منها يريد الدخول في معركة سياسية وإقناع الشعب بأنه قادر على تحقيق مشاريع أو إنجاز منافع للشعب وتقديم البديل، فالديمقراطية لا يعلن عنها كمرسوم، وإنما تبنى، وهذا ما أقوله دائما للناس، فالديمقراطية لم تكن مبنية في بلدي بوروندي وهي ديمقراطية بـ«مرسوم”، الأمر الذي عجز عن فهمه الشعب، ونحن نتمنى أن نسلك مسارا سلسا ثريا بالتفاوض والحوار، لكن للأسف هنالك من لا يرغب في أن تأخذ الدولة هذا المنحى، وذلك خوفا على أحزابهم من الاندثار، والحكومة تجنبت ما كان يجب تفاديه وهو دخول الدولة في فوضى عارمة كانت ستؤدي ببوروندي إلى الكارثة، وشكرا لله أننا تمكنا من تنظيم الانتخابات الرئاسية ذات مصداقية.هل ستكون الحكومة القادمة حكومة توافق وطني أم حكومة تكنوقراط أم حكومة من لون واحد؟ لا، لن تكون حكومة من لون واحد، ففي الانتخابات التي جرت في بداية أفريل لم تقم أحزاب المعارضة بمراقبة معظم مراكز الاقتراع، وهي غائبة تماما في الكثير من كاتب الاقتراع الموزعة على التراب البوروندي، لكن بعد إجراء الانتخابات البلدية والبرلمانية فالمشهد السياسي في بوروندي أصبح مشكلا من ثلاثة ألوان سياسية وسيضم ثلاث تركيبات حزبية على رأسها الحزب الحاكم “الاتحاد من أجل التقدم الوطني” (أوبونا)، ولكن هناك حزبين آخرين لم يتمكنا من الظفر بنتائج كبيرة في الانتخابات الأخيرة، ولكن سنحاول ضمهما إلى الحكومة، وما يمكن قوله إن كل التكتلات السياسية التي تستحق أن تكون في الحكم ستجد مكانتها في الحكومة الجديدة، بالرغم من أن البعض منهم أخل بالنظام العام وتسبب في انتشار الفوضى، ومع ذلك سيتم احتضانهم، وأعتقد أن الحكومة البوروندية ستعمل على إشراك الجميع من أجل خلق ترابط سياسي مستمر، وهذه مبادرة حسنة من الحكومة لدعوة الجميع للمشاركة معها من أجل بناء المجتمع.ما هو موقف دول شرق إفريقيا خاصة وأن مراقبين دوليين صرحوا بأن الانتخابات لم تكن نزيهة ولم تخضع للمعايير المعمول بها في انتخابات ديمقراطية في ظل عدم احترام الرئيس نكورونزيزا لاتفاقية أروشا التي لا تسمح له بالترشح لعهدة ثالثة؟لقد تلقينا كل المساعدة والتضامن من دول شرق إفريقيا، وبفضل مساهمة هذه الدول تمكنا من إجراء الانتخابات، وهم على دراية تامة بما يجري في بوروندي، ولقد قامت بكل ما يلزم لتحقيق هذه الانتخابات الرئاسية وإنقاذ الدولة من الفوضى العارمة، وهناك تفهم جيد للوضع في بوروندي، ومسؤولوها واعون تماما بالتحسن الذي تعرفه البلاد، وبالنسبة لاتفاق أروشا فأصدقكم القول إن هذا الاتفاق يفقد قيمته أمام الهيئة الدستورية التي أقرت بنص دستوري في 2005 أنه مادام تم تعيين الرئيس من قبل البرلمان بصفة استثنائية، ثم تم انتخابه من قبل الشعب مرة واحدة سنة 2010، فهي عهدة أولى ومن حقه أن يتقدم إلى الثانية في انتخابات 2015 لأنها ليست ثالثة، الأمر الذي أدى إلى حدوث مشاكل وأدخل البلد في موجة من الاضطرابات، لسوء فهم العديد هذه المسألة، ما أكثر الحديث عن عهدة ثالثة، وأعتقد أن ذلك ليس خطأ الحكومة أو خطأ الرئيس نكورونزيزا، ولكنه خطأ كل الطبقة السياسية البوروندية التي تقع على عاتقها المسؤولية وعليها تحمل ذلك، وهذا ما تسبب في تدهور الوضع والخلط وسوء فهم ما أقرت به الهيئة الدستورية.ما هو موقف فرنسا من كل ما يحدث حاليا في بوروندي؟ موقف فرنسا بقي على حاله ولم يتغير، ففرنسا لا ترغب في خلق المزيد من الأقاويل حول عهدة الرئيس مقارنة بالمعارضة والمجتمع المدني، لكنني أظن أن المعارضة أخلطت بين عهدة رئيس عُين من قبل البرلمان وبين رئيس تم انتخابه من قبل الشعب، وهذا الخلط سينتهي مع مطلع سنة 2020، ومن ثمة لن نسمع أحدا يخلط بين هذه الأمور ويقول عهدة ثالثة أو ما شابه، والأمر يختلف بكثير في بوروندي عن الدول الأخرى، فهناك بعض الدول من تسمح بالترشح لعهدة واحدة فقط، وهناك من تعرف تعدد العهدات، لكن الوضع الذي تعيشه البلاد ينصب في النمط السياسي البوروندي، وهناك أيضا بعض الجهات الدولية من أغلقت عينيها عن بعض التجاوزات ورغبت في أن تشهد بوروندي نفس ما حدث في الدول الإفريقية الأخرى كبوركينافاسو، ولكن أنا أقول دائما إن بوروندي ليست بوركينافاسو وليست مالي وليست إفريقيا الوسطى وليست الصومال، والرئيس البوروندي لم يترشح إلا لعهدتين اثنتين، وأعيد وأقول، فقط عهدتين اثنتين مع رئاسيات 2015.ما هو موقف الاتحاد الإفريقي من الأزمة السياسية في بوروندي؟دول الاتحاد الإفريقي وقفت إلى جانب بوروندي، ولقد ساعدتنا على التوصل وتنفيذ اتفاق أروشا على مختلف المستويات، وكل الأسئلة المتعلقة بالأمن والتي تهدد السلام والأمن الوطني من أجل الرؤية الحسنة لوضع بوروندي، وكما تتبعتم تصريحات الأمين العام المكلف بمراقبة الانتخابات الذي قال إن هذه الأخيرة “تمت بصفة مجملة بطريقة سلمية”، والأمم المتحدة أوفدت ممثلها الذي تمكن من إيجاد حل وسطي، والاتحاد الإفريقي يلاحظ وجاهز للتباحث في كل ما يتعلق ببوروندي، ولقد قرر الاتحاد الإفريقي جملة من القرارات، أهمها السماح بوصول الشباب إلى الحكم، ولقد تم تعيين ملاحظين من أجل إرسالهم إلى بوروندي أثناء هذه الفترة لمراقبة الوضع بعد النتائج الانتخابية، وكل المنطقة ساهمت من أجل السير الحسن للانتخابات وإيجاد حلول، وكما قلت لكم فإن الشعب في الآونة الأخيرة تم تهييجه أمام سوء إعلامه كما ينبغي، وإنما تم تحريف المعلومات التي تصل إليه في ظل نقص الاتصال، لكن نحن نتمنى الآن، بما أنه تم إنجاز الأهم، أن تتبنى الحكومة دبلوماسية أكثر نجاعة وديناميكية من أجل توعية الشعب البوروندي بحقيقة الوضع، وردود فعل المجموعة الوطنية هي ردود فعل سلمية مقارنة بما يحدث في الصومال الذي لا يمر يوم دون قتل وسفك للدماء، وعلى الشعب أن يعي أن بوروندي ليس بلدا يعاني فقط وإنما يساهم في مساعي إحلال السلام في الصومال وإفريقيا الوسطى، ولا يجب تحميل كل شيء على ظهر الحكومة، بل لا بد من تفهم الوضع الحقيقي بكل تعقيداته.هل تقبل الشعب البوروندي نتائج الانتخابات رغم مقاطعة أبرز المرشحين لها؟ هناك آلة تحرك جملة من الأعمال داخل وطني، تم من خلالها تخويف الرأي العام وزعزعته، كما تمت شيطنة الشباب (الموالون للحكومة)، وكل يوم نسمع أن الشباب الموالي للحكومة يرمون قنابل يدوية، وأؤكد لكم أنه لم يحدث شيء من هذا القبيل، لست واثقا أن شبابا من الحكومة يقومون بفعل ذلك، وإنما هي تخيلات من أجل هز صورة الحكومة وتشويهها، وكل هذا هراء وافتراء ولا أساس له من الصحة، لكن المعارضة ترغب في تغيير جذري، فعندما رأت نفسها مهمشة وغير مرغوب فيها من قبل المواطنين، قامت بخلق هذا الخلط، وزرع هذه الوساوس، غير أن هناك من وصل بهم الأمر إلى الاعتداء على الشرطة من أجل تهويل الرأي العام الداخلي والخارجي، لكن البورونديين اليوم متمسكون بالانتخابات، وهم متيقنون بوجود ديمقراطية للتقدم بالوطن في مسار السلم والأمان، متجنبين وقوع البلاد في فوضى، وأعتقد أن الرأي العام فهم بأن كل شيء ممكن لتحقيق الديمقراطية بالحوار بناء.زعيم المعارضة أغاثون آرواسا دعا إلى عدم الاعتراف بنتائج هذه الانتخابات الرئاسية وإلى إعادة تنظيم انتخابات حرة وديمقراطية شفافة، فكيف تعلقون على تصريحاته؟ هذا هو دور المعارضة، التشكيك في صحة النتائج الانتخابية، ليكن في علمكم أن أغاثون آرواسا لم يتحصل على نتيجة مماثلة في رئاسيات 2010 كتلك التي تحصل عليها في رئاسيات 2015، ولقد تعثر حزبه سنة 2010، ثم اضطر إلى مغادرة الوطن، وتم تغليطه وخيانته، ثم رجع كمرشح حر، ولو بقي في 2010 وقبل الدخول في الحكومة كان سيكون القوة الثانية في البلد بعد الحزب الحاكم، ولكن أعتقد أن ما قاله عن النتائج الانتخابية الحالية، سيجعله وحيدا، وقد يغتنم أصدقاؤه ومنافسوه الفرصة من أجل أخذ مقاعده، لكنه غير جاهز لهذا التمرين السياسي وبإمكانه رفض الأمور السياسية، لكنه لن يعيد سيناريو 2010، وإذا فعل ذلك فسيوقع على موته السياسي.هل سيقبل الرئيس نكورونزيزا بفترة انتقالية وتنظيم انتخابات جديدة لضمان استقرار بوروندي؟ أعتقد أن الحكومة ستحتل مكانها، والبرلمان سيأخذ مقاعده، ومجلس الشيوخ سيكون جاهزا، وستستلم كل هيئة مهامها، والهدف الوحيد تم بلوغه، وهو تجنب وقوع بوروندي في الفوضى، من خلال إعادة ملء الفراغ القانوني بالحوار البناء، وبرأس مرتاحة سيتم المضي ببوروندي إلى الأمام.هل تعتقدون أن الرئيس نكورونزيزا سيترشح لرئاسيات 2020 أم أنها ستكون العهدة الأخيرة حتى ولو تعرض إلى ضغوط من قبل الشعب “تحثه” على الترشح مرة أخرى؟ لست أنا الرئيس، وهذا السؤال يجب طرحه على الرئيس نكورونزيزا، لكن ما أستطيع قوله هو أن سنة 2020 ستكون نهاية لهذه الروايات المتعلقة بعهدة ثالثة، ومع مطلع 2020 سيتم اعتماد النظام العالمي للترشح الانتخابي، وتعدد العهدات لن يطرح مشكلا، أظن أن هذا التمرين بعهدتين الذي سبق وأن فصلت فيه المحكمة الدستورية لم يهضمه البعض، بالرغم من أن هذه الأخيرة أعطته الحق بما أنه عين استثنائيا من قبل البرلمان ثم تم انتخابه مرة واحدة من قبل الشعب سنة 2010، فإنه من حقه أن يتقدم للانتخابات مرة ثانية في 2015، لا أدري إذا كان سيترشح أم لا في 2020، يجب ترك الإجابة للمستقبل، وعلينا التقدم نحو الأمام لتحقيق دولة بوروندية ديمقراطية سلمية.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات