الوطن

روتايو الصغير..هوس كبير

الجزائر يراها والدي ماتت. نفهم ذلك، سنموت معها".. العبارة الشهيرة قالها شارل ديغول عام 1959. وُلد برونو روتايو سنة الجملة، 1960، لكنه يزال.

  • 33583
  • 2:15 دقيقة
روتايو الصغير..هوس كبير
روتايو الصغير..هوس كبير

الجزائر التي كان يراها والدي قد ماتت. إذا لم نفهم ذلك، سنموت معها".. هذه هي العبارة الشهيرة التي قالها شارل ديغول في عام 1959. وُلد برونو روتايو بعد سنة من هذه الجملة، أي في 1960، لكنه لا يزال يواصل تحدي الجزائر الكبيرة عليه وعلى أمثاله الباحثين عن الشهرة والزعامة ومشهد سياسي فرنسي يتدهور يوما بعد يوم.

خرج هذا الشيء المدعو "برونو روتايو"، من المجهول قبل 150 يوما فقط، بعد أن أصبح وزيرا للداخلية في حكومة فرنسية هشة تنخرها التناقضات وانعدام الرؤية، ناتجة عن أزمة سياسية عميقة في فرنسا، هذا الشخص المحبط الذي جعل من الجزائر برنامجه اليومي، ينبغي عليه أن يقيّم حجم مسؤولياته كوزير للداخلية في دولة كبيرة. كان عليه أن يعتبر نفسه محظوظًا للوصول إلى هذا المنصب الذي أتاحته له الأقدار والفوضى السياسية في فرنسا فجأة.

بيجو، لامورزييير، بوسكيه، مونتانيك، أو سانت آرنو، هي أسماء لقتلة فرنسيين، سعوا بلا هوادة إلى إبادة الشعب الجزائري واجتثاثه من جذوره ومسح أثر وجود شعب وأمة، وانتهوا جميعهم في خانة مجرمي الحرب.

تلاهم شوفالييه، سوزيني، لاغايارد، سالان، بابون، بيريز، لو بان، أوساريس، جوهو وزيلار، وغيرهم من الذين أراقوا دماء الجزائريين حتى لحقتهم لعنة التاريخ، لكنهم انتهوا في خانة الجلادين والقتلة أو المرتزقة. تاريخ السياسات والعسكريين الفرنسيين مع الجزائر كان دائمًا ينتهي بطريقة دراماتيكية لأولئك الذين حاولوا جعل الجزائر فريسة لهم.

مغمور في بعض استطلاعات الرأي، يسلك روتايو طريق أسلافه المشؤومين، مدفوعًا بكراهية غريزية، يسعى جاهدًا، بالتعاون مع صديقه ومستشاره، كزافيي دريانكور، الفاشل في الدبلوماسية والمطرود من الجزائر، إلى إعادة استخدام أساليب قوات المنظمة الخاصة "لاصاص"، وطرق جهاز المخابرات العسكري الفرنسي سيء السمعة أثناء الاستعمار.

المشكلة في أسلوب روتايو أنه يعرض المصالح الجيوسياسية الفرنسية للخطر ويضر بالمصالح الأساسية لبلاده، في سعيه للتمسك بالمواجهة. يعد هذا الأسلوب الأناني مزيجًا من الانتقام البدائي والكراهية القهرية تجاه الهوية الجزائرية. حتى "الطفل المدلل"، جوردان بارديلا، يلومه على "الإفراط في التواصل"، وهو أمر يثير الاستغراب.

كان يجب على روتايو أن يواجه الواقع، لأنه لا يوجد أي فرنسي يفهم أسلوب الحكم الذي يسود الدولة الفرنسية حاليًا. 75% من الفرنسيين يعتقدون، حتى، أن الجزائر "ليست مشكلتهم"، لأن الفرنسيين فهموا ببساطة أن سياساتهم تستخدم قضية الجزائر كستار لإخفاء العجز العام والفشل في مواجهة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والغذائية التي تغرق الفرنسيين في البؤس والفقر المزمن. لا يمكن، مع ذلك، إخفاء 3600 مليار أورو من الديون خلف اثني عشر أمر ترحيل و"مؤثر جزائري"، إنه بحق أمر سخيف!

وبالتالي، فإن روتايو ليس إلا ظاهرة عابرة في الطبخة السياسية الفرنسية. طرد الجزائريين هو تهديد سخيف في وجه شعب عاش أسوأ استعمار في تاريخ البشرية، الإبادة، والتصفية والتعذيب والمجازر.

لن يكون روتايو حتى مجرد بقايا في التاريخ، الانحراف الاستعماري الفرنسي هو لعنة السياسات الفرنسية، والجزائر تمتلك صمود أمة عاتية، فقد سحقَت مئات الطغاة والغزاة المتحمسين والأباطرة، لدرجة أنها أصبحت هوسًا لكل من قابلها في طريقه، والدليل هو أنك لا تتحدث إلا عنها يا "مسيو روتايو".

التواصل الاجتماعي

Fermer
Fermer