في آية من القرآن الكريم، يقول الله عز وجل: {المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا} الكهف:46. الدنيا زينتها بالمال والبنين، تصوّر مالا من دون بنين، أو بنينا من دونِ مال، كلاهما شرط لازم غير كاف، لكن الله عز وجل يقول: {والباقيات الصالحات}، إذا المال والبنون فانيات، لما عرّف الباقيات عرّف بشكلٍ ضمنيٍ الفانيات: {والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا}.
إذا الإنسان تفوّق في الدنيا فجمع أموالا طائلة، وأنجب أولادا كبراء في نظر المجتمع، وهذا مجد الدنيا، يقول لك: عندي ثلاثة أولاد، واحد طبيب، وواحد مهندس، وواحد معاون وزير، الأب يفتخر بذلك، وقد يجمّع ثروة طائلة، وقد ينجب أولادا كبارا بالمفهوم العام، لكن الإنسان إن لم يكن مع الله، وإن لم يكن مستقيما على أمرِ الله، وإن لم يعمل للآخرة، مجد الدنيا لا قيمة له يوم القيامة، قال: {إن الذين كفروا لن تُغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} آل عمران:116. لذلك، يقول الإمام علي كرم الله وجهه: “يا بني، ما خير بعدَهُ النار بخير -لو جُمِعت لإنسان كنوز الدنيا وانتهى بهِ المآل إلى النار ليس هذا خيرا- وما شر بعدَهُ الجنة بِشرّ”.
ولو سيقت كل مصائب الدنيا لإنسان واحد وانتهى بِهِ المآل إلى الجنة ليس هذا شرا، الشر والخير ما كان يوم القيامة إلى أبد الآبدين، من عرفها لم يفرح لرخاء لأنه مؤقت، ولم يحزن لشقاء لأنه مؤقت، قد جعلها الله دار بلوى، وجعل الآخرة دار عُقبى، فلذلك “ما خيرٌ بعدَهُ النارُ بخير، وما شرٌ بعدَهُ الجنةُ بِشرّ، وكل نعيم دون الجنة محقور، وكل بلاء دون النارِ عافية”، وقد قال أيضا رضي اللهُ عنه: “فلينظر ناظر بعقله أن الله أكرم محمدا أم أهانه حين زوى عنه الدنيا؟ فإن قال: أهانَهُ، فقد كذب، وإن قال: أكرمَهُ، فلقد أهان غيرَه حيث أعطاه الدنيا”.
الخبر
04/03/2025 - 23:22

الخبر
04/03/2025 - 23:22
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال