+ -

أفرجت وزارة المالية عن مذكرة تخص "الترشيد والتحكم في النفقات العمومية"، شددت فيها على اعتماد ممارسات تسيير أكثر نجاعة لمكافحة الهدر وتحسين الشفافية وتوجيه الاستثمارات وفقا للحاجيات الحقيقية والأولويات الوطنية، من خلال تسيير الموارد المخصصة لتمويل النفقات العمومية "بشكل رشيد واستخدامها بشكل عقلاني لضمان فعاليتها ونجاعتها مع تحسين أدائها".

أشارت المذكرة رقم 246، إلى الطلب المتزايد على الخدمات العمومية ذات الجودة، وهو ما يستلزم اعتماد ممارسات تسيير أكثر نجاعة، وتسيير الموارد المخصصة لتمويل النفقات العمومية بشكل رشيد. وأقرت المذكرة خمسة تدابير أساسية، تهدف في مجملها إلى تحديد المبادئ التوجيهية والتدابير الفعلية التي يتعين تنفيذها لتعزيز الانضباط الميزانياتي، مع الحفاظ على فعالية السياسات العمومية وتلبية حاجيات المواطنين.

ومن أجل التحكم في تزايد الأعباء المرتبطة بنفقات المستخدمين ذات الطابع الدائم وصعبة التقليص، أمرت وزارة المالية باتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق هدف التحكم في تزايد نفقات المستخدمين، على المدى المتوسط، وذلك باللجوء إلى قرارات تهدف إلى الاستعمال الأكثر اقتصادا والأمثل للمورد البشري.

وأشارت بالمقابل، إلى أن الطبيعة الدائمة والمتكررة لنفقات تسيير المصالح تتطلب اعتماد نهج الترشيد والحذر، وهذا، من ناحية، للاستجابة مع منطق الخدمة العمومية بأقل تكلفة، ومن ناحية أخرى، لتخفيف، في نهاية المطاف، أعباء تسيير المصالح.

وفي هذا الإطار يتم التحكم وتخفيض نفقات تسيير المصالح من خلال المصاريف المتعلقة بالتكاليف الملحقة، لاسيما استهلاك الكهرباء والماء والهاتف والاشتراكات. ومن الضروري، في هذا الإطار، أن يسهر مسؤولو محافظ برامج ميزانية الدولة على تخفيض استهلاك الكهرباء والغاز والماء، من خلال العمل وفق مقاربة اقتصادية وبيئية، ومراقبة مستوى الاستهلاك الطاقوي، وترشيد الاعتمادات المفتوحة، وتقدير ميزانياتي أفضل وحقيقي، من أجل تفادي الوضعية المتكررة المتعلقة بالديون غير المسددة للتكاليف الملحقة.

ولا بد أيضا، ضمان التطبيق الصارم للنصوص القانونية التي تحكم السكنات الوظيفية، بالسهر لاسيما، على أن يتم تحمل النفقات المرتبطة بالتكاليف الملحقة المتعلقة بالسكنات الوظيفية من طرف شاغليها وليس الإدارة، وهذا في ظل احترام النصوص التي تحكمها. وأضافت أنه يجب أن يكون استخدام الخطوط الهاتفية الثابتة والمحمولة الموضوعة تحت التصرف من طرف الإدارة، مخصصة بشكل صارم وحتمي لاحتياجات مصالح الإدارة.

وشددت مذكرة وزارة المالية على ضرورة إيلاء اهتمام خاص لترشيد نفقات تسيير المصالح الأخرى، لاسيما من خلال التخفيض من استهلاك اللوازم والمستهلكات المكتبية، مثل الوراقة، من خلال تفضيل وتشجيع استخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصالات الجديدة لإرسال الوثائق والمراسلات، مع الاهتمام أكثر باللجوء للتوقيع الالكتروني، إضافة إلى ترشيد وتخفيض المصاريف المتعلقة بتنظيم المؤتمرات والندوات والأيام الدراسية واللقاءات الوطنية و/أو الدولية، من خلال اللجوء إلى استخدام منشآت الاستقبال الملائمة باستعمال المنشآت التابعة للإدارة.

ويجب أيضا، استغلال المركز الدولي للمؤتمرات، وفقا للمذكرة رقم 288 وأ، المؤرخة في 19 ماي 2024 الصادرة عن الوزير الأول، مع تقليص تشكيلة الوفود المتنقلة إلى الحد الضروري، وتفضيل وسائل النقل الجماعي والاقتصادي، واللجوء، في ظل احترام ما ينص عليه التنظيم الساري المفعول، إلى تذاكر سفر الدرجة الاقتصادية.

كما تضمنت المذكرة أوامر بتقليل التنقلات في إطار المهمات المطلوبة للموظفين وأعوان الإدارة، وجعلها تقتصر على الحالات التي تتطلب ضروريا هذه التنقلات، مع تفضيل استعمال وسائل الاتصال عن بعد، عن طريق تقنية التحاضر المرئي عن بعد، كما يوصى اللجوء للمنشآت التابعة للإدارة، لاسيما لإيوائهم، مع التطبيق الصارم للنصوص القانونية التي تنظم حظائر السيارات الإدارية، بالسهر على تخصيص وتوزيع أفضل للسيارات الإدارية واستعمالها الأمثل.

وأمرت المذكرة بإيلاء اهتمام خاص للتسيير الفعال لحظيرة السيارات، حيث سيتم تخفيض التكاليف المرتبطة باستهلاك الوقود وقطع الغيار، على أن يتوافق مع الإجراء الذي يهدف إلى ضمان استخدام المستفيدين من المنحة التعويضية الشهرية، المنصوص عليها بموجب المرسوم التنفيذي رقم 03-178 المؤرخ في 15 أفريل 2003 الذي يحدد شروط اقتناء واستعمال المركبات الشخصية لحاجات المصلحة لسياراتهم الشخصية، مما سيسمح بتحرير وترشيد حظائر السيارات الإدارية.

وألزمت مصالح المالية مسؤولي محافظ برامج ميزانية الدولة بعدم اللجوء إلى إنشاء مؤسسات عمومية، ذات طابع إداري والمؤسسات المماثلة، التي يترتب عنها، على المستوى المجمع عبر التراب الوطني، نفقات استثمار وصيانة وتسيير مصالح ونفقات مستخدمين، كبيرة جدا على ميزانية الدولة، إلا بعد الموافقة المسبقة للوزير الأول، وفقا للتعليمة رقم 108 والمؤرخة في 5 جانفي 2021.

ويمر هذا التحكم، أولاً، عبر تفادي الزيادة في عدد المؤسسات العمومية الموجودة، يتبعها بعد ذلك السعي إلى التوفيق بين اقتصاد الميزانية والفعالية الإقليمية والمصلحة العمومية النوعية، وذلك من خلال تجميع المؤسسات التي تكون مهامها متماثلة ومتشابهة في مؤسسة عمومية واحدة، مع تفضيل إعادة انتشار التعداد المتواجد والمستخدمين الذين يكون عددهم زائدا، لاسيما في إطار التجميع المذكور سابقا، أو الذين تم تحويل المهام الموكلة إليهم سابقاً، إلى مؤسسات أخرى تحت الوصاية.

كما أمرت بتقييم الأداءات المالية للمؤسسات العمومية ذات الطابع الاداري أو المؤسسات العمومية المماثلة، من خلال تشجيعها، بشرط عدم المساس بنوعية الخدمات التي تقدمها كنشاط رئيسي، على تحقيق مداخيل ناتجة عن نشاطات زيادة عن نشاطها الرئيسي، الذي يمكن أن يساهم توزيعها في تغطية جزء من نفقات التسيير، إضافة إلى إيلاء أهمية خاصة لمستوى واستخدام الإعانات والمساهمات الممنوحة للمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري، والمؤسسات العمومية الاقتصادية تحت الوصاية، لاسيما تلك الموجهة لتمويل تنفيذ تبعات الخدمة العمومية المفروضة على المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري.

وحذرت مصالح المالية من استخدام و"بأي حال من الأحوال" هذه النفقات العمومية للدولة المقيدة بتخصيص خاص، بأي شكل من الأشكال، لأغراض سياسة الأجور على مستوى هذه المؤسسات. ودعت في سياق ذي صلة إلى التحكم في نمط حياة المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري والمؤسسات المماثلة، والممولة كليا أو بالأغلبية من ميزانية الدولة.

وتضمنت المذكرة أحكاما نصت على تأطير مكافأة التقاعد للإطارات المسيرة لهذه المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري والمؤسسات المماثلة من طرف القطاعات المعنية، على ألا تتعدى سقفا معقولا، مطالبة مسؤولي محافظ برامج ميزانية الدولة بإعداد ورقة طريق لتحسين تحصيل الإيرادات، ومتابعة وتقييم تنفيذها بصفة دورية بالتنسيق مع وزير المالية.

وأكدت وزارة المالية بأن التنفيذ الفعلي لهذه التوصيات سيساهم في تحقيق الأهداف المحددة بعنوان كل برنامج، الذي سيتم تقييمه الفعلي، في إطار عقد الأهداف والأداء الذي تدعو كل مسؤول محفظة برامج لإعداده ووضعه حيز التنفيذ.