قال رئيس مجلس الأمة، المجاهد صالح قوجيل، إن "ثورة أول نوفمبر انطلقت بالكلمة والعلم، من خلال بيان قرأه ملايين الجرائريات والجزائريين ببصرهم وبصيرتهم، وأدركوا مقاصده وطبقوا تعليماته واتخذوه من يومها منهاجا وخارطة طريق، ليس فقط نحو الاستقلال والتخلص من نير الاستعمار نحو جزائر مستقلة مستقرة قوية مزدهرة ودوما منتصرة". وأكد قوجيل أن الجزائر "وفي سبعينيتها التي نحتفل بها منذ سبعة أيام، نتأكد أن إرثها باق تستحضره الأجيال المتعاقبة بنفس الدهشة والإلهام ونفس المقدار من بهجة النصر". فيما ذكر المجاهد عيسى قاسمي، أن بيان أول نوفمبر يمثل عبقرية الرجال، لأن من وقف على تجسيده رجال ذوو مستوى محدود، لكنهم استطاعوا أن يغيروا مجرى التاريخ بوسائل بسيطة وسلاحهم الإيمان بالوطن والشعب.
أوضح قوجيل في كلمة ألقاها نيابة عنه نائب رئيس مجلس الأمة، أحمد خرشي، خلال ندوة "روح ثورة نوفمبر.. إرث الأجيال"، والتي احتضنتها قاعة المحاضرات الكبرى بمعرض الجزائر الدولي للكتاب في طبعته الـ 27 وأدارها الدكتور جمال يحياوي، أن ثورة نوفمبر أعادت بهجة الانتصارات لوجدان الشعوب المستضعفة والمستعمرة، وأعادت ترتيب موازين القوى وفقا لسلّم القيم الإنسانية والشرعية الدولية، ودفعت في ملحمة تاريخية غير مسبوقة أكثر من خمسة ملايين شهيد من أجل الحرية. وأضاف قوجيل بأن شعار "نقرأ لننتصر"، الذي يرفع في المعرض اليوم، كان رسالة مفجري الثورة إلى الشعب الذي قرأ أسطر البيان الخالد وانتصر فعلا على قوة استعمارية جبارة لم تقرأ حتمية التاريخ والمآل الحتمي للظلم والاستبداد والإبادة عبر آلاف السنين".
وحسب قوجيل، فإنه "في الفاتح نوفمبر قرأ العالم أجمع ومعه سلطات الاستعمار رسالة الشعب الجزائري التي حملها البيان وترجمتها تفجيرات عمت كل مناطق البلاد... لكنه لم يستوعب جديتها وعزمها على تحقيق الهدف مهما كان الثمن ... فالاستعمار تلميذ غبي، لا يجيد قراءة التاريخ ولا يحسن استنباط الدروس ولا يقرأ إلا لينهزم".
واسترسل رئيس مجلس الأمة قائلا "إنه في الجزائر المنتصرة بقيادة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، يقرأ الناس ومُعلمهم التاريخ، ينهلون منه الحقائق ويحيلون عليه المعارف ويستقون منه العبر والسير.. سير الأبطال الأولين وشجعان ثورة التحرير الذين فجّروا أعظم ثورة في التاريخ المعاصر، بعد أن وحّدوا الشعب تحت راية واحدة وصهروا كل الانتماءات في انتماء واحد للوطن، واختزلوا كل الأهداف التي توزعت على مدى سنوات بين فواعل الحركة الوطنية، إلى هدف وحيد هو الاستقلال".
من جهة أخرى، أشاد قوجيل بمعرض الجزائر الدولي للكتاب لعام 2024، وأكد بأنه يشكل تقليدا ثقافيا دوليا متجددا، يحتضن بين أروقته ورفوفه جوامع العلوم والفنون والمعارف والمهارات ودور الإبداع الفكري الإنساني، ويشكل كل عام ملتقى حضاريا للكتّاب والقراء ودور النشر من مختلف دول العالم". كما وجه تحية للقائمين على هذه التظاهرة الهامة، كما نوه بتخصيص محاور للذاكرة الوطنية في برنامجه الثقافي الثري بعنوان: "محور التاريخ والذاكرة، موعد مع التاريخ"، الذي يتماشى، حسبه، والزخم التاريخي الذي تعيشه الجزائر بمناسبة الاحتفال بسبعينية ثورة نوفمبر 1954. وصرح "في الجزائر المنتصرة ماضيا على استعمارها الاستيطاني الشرس وحاضرا على أعدائها وعلى تحدياتها، يقرأ فيها المرء لينتصر على نفسه وعلى كل ما يمنع تطوره وتقدمه في مجالات الحياة، وكل ما يشتّته عن طموحاته ويثبط عزيمته ويثنيه عن واجبه تجاه وطنه ومجتمعه".
بيان أول نوفمبر يمثل عبقرية الرجال
تحدّث، من جهته، المجاهد عيسة قاسمي عن بيان، أول نوفمبر، وقال إنه يمثل عبقرية الرجال، رجال كان مستواهم محدودا، لكن تطلعاتهم كانت غير محدودة، وهو ما يترجمه البيان الذي يحمل، حسبه، رسالة قوية، صالحة لكل زمان ومكان، ودعا الشباب لضرورة التمسك برسالة أول نوفمبر 1954. ويكون ذلك من خلال جمع شهادات من تبقى على قيد الحياة من جيل نوفمبر وتسليمها للأجيال الصاعدة.
وقال الدكتور والسيناريست، صادق بخوش، في مداخلته "إذا كان جسد الثورة هو الشعب والطلائع المقاتلة بكل التضحيات التي قدمتها، فإن روح هذه الثورة كانت أفكارا، وبفضل هذه الأفكار المؤسسة لمنظومة القيم، استطاع الشعب أن يتحصّن ويبقى في صموده ويصبر على الأذى بكل ما أوتي إلى أن قهر بضعفه قوة العدو". وأكد بخوش أن القيم الأخلاقية والروحية والدينية والثقافية والوطنية، يجب أن نترجمها خلال الإبداع والأعمال الفنية السمعية البصرية، وفي سلوكنا اليومي والوحدة الوطنية والجبهة الداخلية وفي تماسك هذا الشعب، بحيث أن هذه الثورة لا تبقى حكايات وإنما تصبح مشروعا سلوكيا.