38serv
قرر قاضي محكمة الجنايات بمجلس قضاء عنابة، بعد ساعات من الجدل والنقاش مع المتهمين والدفاع والتشاور مع هيئة المحكمة، إلى تأجيل الفصل إلى وقت لاحق، في قضية عصابة الأحياء المعروفة في أوساط المواطنين ومصالح الأمن، بالتسمية الشهيرة للمسلسل التركي عصابة "الحفرة"، التي يتزعمها كل من الشقيقين "دعدوعة" الموقوف حاليا بسجن البويرة، وشقيقه الذي يعتبر الأب الروحي لهذه العصابة المدعو "الشيبة" المتواجد حاليا في حالة فرار.
والمعروف عن هذه العصابة الخطيرة؛ التي زرعت الرعب في أوساط المواطنين، وخاصة بحي سيدي سالم الشعبي، وكان عناصرها محل بحث وتتبع من طرف مختلف مصالح الأمن، منذ فترة طويلة، قبل أن يتم الإيقاع بحوالي 100 فرد منهم، على خلفية تورطهم والمشاركة والدعم في قضية الاعتداء الجماعي الخطير، شهر ماي 2022 ، على مقر الأمن الخارجي بسيدي سالم.
وقد تم ذلك باستخدام مختلف الأسلحة البيضاء، على غرار السيوف وبنادق الصيد والشماريخ من أجل مساعدة الرأس الثاني في العصابة، المدعو "دعدوعة" على الفرار من داخل مقر الأمن الخارجي، بعدما تم وضعه تحت النظر في ملف شكوى تقدمت بها زوجته، حول تعرضها للاعتداء والضرب من طرف هذا العنصر الخطير.
وجاء قرار تأجيل محاكمة هؤلاء المتهمين في القضية، التي تم عرضها للفصل، على مستوى محكمة الجنايات، والمتعلقة بجناية محاولة القتل العمدي من طرف عناصر عصابة "الحفرة"، لمجموعة من الشباب، كانوا في حالة سمر بالقرب من السوق الأسبوعي بحي سيدي سالم، باستعمال بنادق الصيد والمسدسات والسيوف، وتسببت في إصابة العديد منهم، بسبب رفض جماعي لهؤلاء المتهمين، سير جلسة المحاكمة عن بعد، باستعمال تقنية "السكايب".
وطالب المتهمون ودفاعهم بتأجيل المحاكمة ورفض استعمال تقنية السكايب، والسماح لهم بمجريات محاكمة "وجاهية"، والحضور الشخصي لجميع الأطراف، من متهمين وضحايا وشهود إلى قاعة الجلسات بمحكمة الجنايات بمجلس قضاء عنابة، لتكون، حسب رأيهم، محاكمة عادلة ويمكن مواجهة جميع الأطراف بالأقوال والاعترافات من داخل الجلسة، وليس عن طريق "سكايب"، الذين يرون فيه هضما لحقوق المتهم والدفاع".
وأمام هذا التعنت والإصرار من طرف المتهمين الحاضرين في الجلسة والمتهم الرئيسي المدعو "دعدوعة"، الذي كان يخاطب هيئة المحكمة عن طريق تقنية "سكايب" من داخل سجن ولاية البويرة، ارتأى القاضي تأجيل الفصل إلى دورة جنائية قادمة، على الرغم من المحاولات المتكررة لقاضي الجلسة والنائب العام المساعد التوصل إلى اتفاق أجرائي وفق ما يمليه القانون، لمباشرة إجراءات المحاكمة وإخطار المتهمين ودفاعهم، بأن هذا الإجراء القانوني "المحاكمة عن بعد" سكايب".
وقد وضعت الوزارة الوصية هذا الإجراء ليتم التعامل به على مستوي مختلف محاكم الجمهورية، منذ قرابة الخمس سنوات، ولم يسجل عليه أي اعتراض، بل بالعكس، يعتبر وسيلة محاكمة مساعدة للعمل القضائي دون إهدار لحقوق المتاخصمين من متهمين أو ضحايا.
وهو ما يطرح تساؤلات كثيرة حول الخلفيات والأسباب التي جعلت المتهمين يصرون جماعيا وعلى رأسهم زعيم هذه العصابة، رفض المحاكمة عن بعد، والحضور في الجلسة، رغم توفر جميع الظروف القانونية لإجراء محاكمة عادلة.
والمعروف عن هذه العصابة الخطيرة، التي يفوق عدد المنخرطين فيها والمتعاطفين معها من شباب حي سيدي سالم الشعبي، حوالي 300 فرد، بأنها تأسست على يد الأب الروحي لهذه العصابة، المدعو "الشيبة"، والمتأثرين في تأسيس هذا التنظيم الإجرامي على شخصيات المسلسل التركي المعروف بعنوان "الحفرة".
ويتضح ذلك من حيث تقسيم المهام القيادية والالتزام بالتخطيط والتنفيذ لمختلف التعليمات والعمليات الإجرامية المرتكبة، على غرار الحماية الدائمة للحي من الاعتداءات الخارجية من طرف الغرباء وعصابات أخرى، والمحافظة على سلامة الأشخاص والممتلكات الخاصة والعمومية داخل الحي، والمشاركة في عمليات خارجية، على غرار السرقة والاعتداء والمتاجرة بمختلف المواد المحظورة .
وافتقدت هذه العصابة بريقها ونشاطها طوال سنوات من النشاط الإجرامي، والذي تورط فيه أفرادها في ارتكاب العشرات من الجرائم لها علاقة المتاجرة بالمخدرات والأسلحة والاعتداءات ومحاولات القتل وغيرها، بعدما وقع مجموعة منهم في المحظور، عند ارتكابهم جريمة الاعتداء والهجوم الجماعي باستعمال مختلف الأسلحة البيضاء، على مقر الأمن بسيدي سالم.
وقد كلف ذلك هذه العصابة الملاحقة الأمنية المكثفة والتي أسفرت عن الإطاحة بالعشرات منهم وتوقيف رؤوس هذه العصابة على غرار الزعمين الثاني والثالث لهذه العصابة، المدعوين "دعدوعة وفوفو"، المتورطين في حادث الاعتداء على مقر الأمن بسيدي سالم.