المحامية بن براهم تدعو لإحياء مقترح تجريم الاستعمار

+ -

جددت المحامية فاطمة الزهراء بن براهم، أمس، الدعوة لبعث مشروع قانون تجريم الاستعمار، وبتخصيص موارد إضافية لتوثيق الجرائم التي ارتكبت في عهد الاحتلال الفرنسي على مدى 132 عام في سبيل مطالبة الجانب الفرنسي بالاعتراف وتعويض الضحايا.

وقالت المحامية التي تنشط في مجال كشف جرائم المرحلة الاستعمارية وتعويض الضحايا في منتدى جريدة المجاهد اليومي، إنه يمكن بعث وتحيين مقترح تجريم الاستعمار الذي أطلق قبل حوالي عشرين عاما ردا على قانون 2025 حول 5 فيفري 2005 الصادر عن البرلمان الفرنسي.

ووصفن المتحدثة في محاضرة بالمجلس الشعبي الوطني، حول مجازر 17 أكتوبر 1961 إنشاء لجنة الخبراء الجزائية الفرنسية حول الذاكرة، بالشيء الجيد، لكنه غير كاف لتسليط الضوء على الماضي الاستعماري في الجزائر وقالت إنه يجب إنشاء فريق كبير من الباحثين واستحداث مخبر متخصص مستقل لتجهيز ملف كامل ومجابهة فرنسا به.

 

تشريعات باريس تعرقل توثيق الجرائم النووية

 

وتوقفت الباحثة عند الصعوبات التي تواجه جهود تسليط الضوء على الجرائم الاستعمارية بسبب العراقيل والقيود التي يضعها الجانب الفرنسي ومن ذلك تشريعات حجب الوثائق بمن فيها وثائق تتعلق بالتجارب النووية وجريمة 17 أكتوبر 1961، وقالت إن حديث رئيس الجمهورية في حواره التلفزيوني الأخير عن عدم رضاه عن التقدم المسجل في اللجنة الجزائرية الفرنسية المعنية بالذاكرة، إشارة إلى أن الجانب الفرنسي لا يتفاعل بالشكل الإيجابي مع القضية.

وللدلالة على عدم تعاون الجانب الفرنسي، ذكرت بن براهم بملف الإشعاعات النووية المتروكة في رقان وان اكر بأقصى الجنوب، وأشارت إلى أن الجانب الفرنسي كان في كل مرة يرفض نتائج الخبرة ويطلب كل مرة خبرة جديدة وعينات جديدة من الأتربة المشعة بالبولونيوم.

وقالت المتحدثة إن مذكرات وشهادات الضباط الفرنسيين خلال السنوات الأولى لغزو الجزائر أو خلال فترة حرب التحرير، توفر بيانات وأدلة عن الأفعال الفظيعة المرتكبة من قبل الجيوش الغازية ومنها مذكرات الجنرال بيجو، وفي السياق ذاته فإن كل هذه الأعمال كانت تحظى بغطاء قانوني وسياسي من الحكومات الفرنسية المتتالية.

 

غطاء قانوني لممارسة التعذيب على أسلافنا

 

كما أشارت إلى أن التشريعات التي صدرت ومنها القانون الذي صادق عليه البرلمان ويبيح استعمال التعذيب لانتزاع اعترافات من الموقوفين دليل آخر يدين الاستعمار.

وقالت ان الجانب الفرنسي الذي يملك سجلا من الجرائم ضد الإنسانية بمن فيها جريدة الإبادة خائف من تابعات من الإقرار بمسؤولياته عن هذه الجرائم حتى لا يدفع التعويضات للضحايا وعائلاتهم.

كما اعتبرت أن هذه الجرائم التي ارتكبت وضمت قتل آلاف الضحايا وتسميم آبار المياه وتدمير المحاصيل الفلاحية بغرض تجويع السكان الأصليين، لا تذهب بالتقادم. وشددت في تعليلها أن الأمر يتعلق فعلا بجريمة دولة، باعتراف التشريعات التي صدرت عن الدولة الفرنسية نفسها في شكل قانون موران لعام 2010 حول تعويض ضحايا التجارب النووية ونظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية الصادر في 1998 المصادق عليه من قبل الحكومة الفرنسية والذي أقر مبدأ عدم تقادم جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية.

 

باريس تريد تقزيم وقائع 17 أكتوبر 

 

وقالت المحامية إنه رغم إنكار الجانب الفرنسي ومحاولة السلطات الفرنسية تقزيم الوقائع فإن ما جرى ليلة 17 أكتوبر 1961 يرقى لجريمة حرب، وقالت إن البيانات التي تم جمعها من بلاغات المحامين وعائلات الضحايا وسجلات الشرطة النهرية والمقابر، تفضح تلك الأفعال التي حاول الاستعمار إخفاءها في ذلك الحين عبر رمي الجثث بعيدا عن موقع الحادث.

وتابعت أن الأبحاث المنجزة من قبل محامي الضحايا والمؤرخين أظهرت بأن ما جرى في 17 أكتوبر مخطط له من قبل الشرطة الفرنسي وبدعم الرئيس الفرنسي في تلك الفترة الجنرال ديغول الذي منح تفويضا لرئيس شرطة باريس موريس بابون.

وحسب تحقيق لصحيفة ميديا بارت، فإن مذكرة بتاريخ 28 أكتوبر 1961 موجهة إلى رئيس الجمهورية كتبها مستشار الجنرال ديغول للشؤون الجزائرية، برنار تريكو، تحدّثت عن "احتمال وجود 54 قتيلا"، موضحاً أن "بعضهم أُغرقَ وآخرين خُنقوا وآخرين قُتلوا بالرصاص. وقد فُتحت تحقيقات قضائية، وللأسف من المحتمل أن تفضي هذه التحقيقات إلى اتهام بعض ضباط الشرطة"، حسب ذات المصدر.

وفي مذكرة ثانية بتاريخ 6 نوفمبر 1961، كشف تريكو لشارل ديغول "مسألة تتعلق بالعمل الحكومي، وهي معرفة ما إذا كنا سنترك الأمور تسير بلا تدخل، وفي هذه الحالة من المحتمل أن المسألة ستتعقد، أو إذا كان على وزير العدل (برنارد شينو حينها) وكذلك وزير الداخلية (روجيه فري) إبلاغ القضاة وضباط الشرطة القضائية المختصة أن الحكومة تريد أن يُجلى الضوء عما حدث". غير أنه لم يُلاحَق أي شرطي في إطار هذه المجزرة، كما ثُبّت وزيرا الداخلية والعدل في منصبيهما، وكذلك بقي موريس بابون محافظا لباريس، وهو الذي طالما نفى أن تكون الشرطة ضالعة في أعمال عنف على الإطلاق.