تتجه الجزائر ضمن مخطط التطوير المعتمد من قبل مجمع سونارام إلى استغلال مادة الليثيوم، كأحد أهم المواد المنجمية التي تدرج ضمن الأتربة النادرة.
ويندرج هذا التوجه في سياق التوجهات الجزائرية لتوسيع دائرة الاستغلال والتطوير للقطاع المنجمي، فضلا عن تثمين الثروة المنجمية، بداية بالحديد والفوسفات والرصاص والزنك، إلى تثمين الأتربة النادرة التي تحوز الجزائر منها احتياطات مهمة.
وسيكون على عاتق مجمع سونارام الذي استخلف مجمع مناجم الجزائر "منال" منذ 2023، تطوير المجال المنجمي، وهو الذي يجمع عدة مؤسسات وشركات على غرار سوميفوس وسوميفار وفيرال وايناماربر والمؤسسة الوطنية للحصى، والمؤسسة الوطنية للملح "ايناسال"، والمؤسسة الوطنية للذهب "اينور"، والوكالة الوطنية لتحويل وتوزيع الذهب والمعادن الثمينة الأخرى "أجنور".
كما يتضمن مخطط التنمية والتطوير للمجمع استغلال الليثيوم، وهو من الأتربة النادرة، آفاق 2030، علما أن الجزائر تحوز على قدرات منجمية معتبرة.
ويتواجد الليثيوم بالخصوص حسب المؤشرات الأولية في مناطق مثل الهقار وورقلة وتنمراست وإن قزام، وقد سبق لوزارة الطاقة والمناجم أن أعلنت في ماي الماضي أن نتائج عمليات الاستكشاف الأولية لمعدن الليثيوم في ولايتي تمنراست وإن قزام، أبان عن نتائج إيجابية، إضافة إلى تأكيد تواجد العديد من الموارد المنجمية المعدنية والأتربة النادرة مثل "الولفرام والتنغستان ونوبيليوم والتانتال".
وقد أشارت الوزارة إلى أن عمليات الاستكشاف قام بها خبراء منجميون تابعون للمجمع الصيني "غانفونغ ليثيوم غروب"، إلى جانب فنيين وإطارات من قطاع الطاقة والمجمع الصناعي المنجمي "سونارام" والوكالة الوطنية للنشاطات المنجمية والديوان الوطني للبحث الجيولوجي والمنجمي ووكالة الخدمات الجيولوجية.
خارطة وطنية للمكامن والمناجم
وبمعية وزارة الطاقة والمناجم، تم إعداد الخريطة الوطنية للمكامن والمناجم القابلة للاستغلال كجزء من برنامج البحث والاستكشاف، بهدف توفير الموارد المنجمية اللازمة لتطوير الصناعات التحويلية للمنتجات المنجمية التي تقدر بنحو 30%.
وترتكز توجهات قطاع الطاقة والمناجم على تثمين أهم الأقطاب وهي منجم غار جبيلات الذي يعد قطبا واعدا في منطقة الجنوب الغربي للبلاد، والذي تقدر احتياطاته بأكثر من 3 مليار طن من خام الحديد، منها 1.7 مليار طن قابلة للاستغلال.
أما القطب الثاني، فيخص منجم واد أميزور الذي يحوز احتياطي بـ54 مليون طن من بينها 34 مليون طن خام اقتصادي موجه للإنتاج، يمنح البلاد 170 ألف طن من الزنك المركز، و130 ألف طن من الرصاص المركز.
بالمقابل، فإن القطب الثالث الذي يمثل الجنوب الشرقي، يخص منجم الفوسفات بمنطقة الحدبة في ولاية تبسة، والذي تبلغ احتياطياته نحو 2,8 مليار طن من الفوسفات، الأمر الذي يقرب من 5,4 مليون طن من الأسمدة كل عام، ويتيح استغلال وتحويل هذه المادة الأولية (الفوسفات) على مستوى منطقة تبسة، ثم سوق أهراس وسكيكدة والتوجه نحو تصديره عبر ميناء عنابة.
وإلى جانب هذه المناجم، فإن الجزائر تمتلك مكامن من المنغنيز "قطارة" بمخزون يفوق 2.9 مليون طن، ومناجم مواد مثل الـ"بنتونيت" و"الباريت".
و تتوفر الجزائر على ثروات معدنية يقدرها الخبراء ما بين 900 و1000 مورد معدني جوفي، منها الحديد، الفوسفات، الزنك، الذهب، المنغنيز، والرصاص وكذا الكوبالت والذهب، وتعول الجزائر على الموارد الطبيعية والاحتياطات المنجمية لكسب رهان تنويع الاقتصاد، حيث يمثل هذا المخزون ورقة رابحة.
وقد وقّعت فروع المنجم المنجمي "سوناريم" ثلاث اتفاقيات هامة ضمن مسار تطوير القطاع وتجسيد أهم المشاريع المرتبطة به في بداية ماي الجاري، وفي مقدمتها منجم غار الجبيلات للحديد ومنجم واد أميزور باستخراج وإنتاج مدتي الزنك والرصاص، لتكون بذلك الخطوات العملية لتحقيق الدفعة المرجوة في القطاع باعتباره أحد البدائل للمحروقات.
التوقيع على الاتفاقيات كان بمناسبة الاحتفالية المزدوجة بالذكرى الـ58 لتأميم المناجم والـ57 لتأسيس شركة سوناريم، الذي حضره وزير الطاقة والمناجم ووفد وزاري مهم وكذا مسؤولي القطاع المنجمي وشركاته.
وقعت الاتفاقية الأولى بين شركة فيرال فرع سوناريم والشركة الصينية "سينو ستيل" لبناء أول وحدة لمعالجة خام الحديد، بقدرة معالجة تصل إلى 4 مليون طن، وتتعلق الاتفاقية الثانية بتلك الموقعة بين مصنع معالجة الزنك والرصاص ببجاية بواد اميزور تالة حمزة مع الشركة الأسترالية تيرامين، فيما تخص الاتفاقية الثالثة بإنشاء شركة مشتركة لبناء وحدة لمركزات خام الحديد بين شركة توسيالي وشركة فيرال.
أما فيما يتعلق بإنتاج المحروقات، فمن المقرر الوصول إلى 250 مليون طن من مكافئ النفط بحلول عام 2040، وهو ما سيجعل من الممكن أيضا تعزيز تحويل المنتجات النفطية، في إطار الأهداف المسطرة من قبل السلطات العمومية التي تعتزم زيادة الإنتاج الأولي بنسبة 2 بالمائة سنوياً.
وجدير بالإشارة أن قدرات التكرير التي تحوزها الجزائر حاليا تقدر بنحو 677 ألف برميل يوميا، أي قرابة 70 بالمائة من الإنتاج.