+ -

تمثل الأزمة التي حاول وفد نهضة بركان افتعالها في مطار هواري بومدين الجمعة الماضي، قبل مواجهة اتحاد الجزائر في ذهاب نصف نهائي كأس الكونفدرالية، "قطرة في محيط"، بالنظر إلى الماضي الأسود المليء بالفضائح الذي يبقى يطارد المغرب.

ويشهد التاريخ أن "جار السوء" لا يعترف بأخلاقيات الرياضة ولا بمنطق "رابح خاسر"، بدليل لجوئه دائما إلى أساليب دنيئة ومقيتة من أجل تحقيق أهدافه ضاربا عرض الحائط بمبادئ الرياضة وحسن الجوار، كما يحاول في كل فرصة المناورة سياسيا تحت غطاء الرياضة.

والمتصفح للتاريخ الرياضي للمغرب يكتشف مدى "الجرم" الذي ارتكبه القائمون على الرياضة المغربية بإيعاز من "المخزن"، وعلى سبيل الذكر لا الحصر قام ظلما وعدوانا عميل "المخزن" ورئيس الجامعة الملكية المغربية، فوزي لقجع، بحرمان الصحراء الغربية من الحصول على العضوية في الاتحاد الإفريقي خلال الجمعية العامة للكاف يوم 21 مارس 2021 في الرباط، عندما صوت الأعضاء على عدم منح العضوية لبلد لا يملك العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

وكان حينها لقجع قد اشترى ذمم أعضاء الاتحادات الأفارقة ووسع نفوذه في الهيئة القارية إلى أن صار الآمر الناهي وكأن "الكاف مختطفة"، بدليل حرمان الجزائر من تنظيم نهائيات كأس أمم إفريقيا 2025 ومنحها للمغرب. والأغرب من هذا كله أن لقجع الملزم بواجب التحفظ والحيادية كعضو في اللجنة التنفيذية للكاف والفيفا، أعلن في تصريحه للبرلمان المغربي خبر احتضان المغرب نهائيات كأس أمم إفريقيا 2025 قبل إعلان الاتحاد الإفريقي عن النتائج.

ويسعى المغرب في كل فرصة إلى إقحام الرياضة في السياسة لتحقيق أهدافه ونواياه الخبيثة، من خلال إحداث توترات وافتعال الأزمات وكأنه يتغذى من حالة اللااستقرار لضمان بقائه.

فبعد استفزازه للجزائر ورد فعل صارم من الدولة الجزائرية التي أقدمت على غلق المجال الجوي أمام الطيران المغربي، راح المغرب عشية انطلاق البطولة الإفريقية للمحليين جانفي 2023 يشوش على الجزائر، البلد المنظم للتظاهرة، بمقاطعة الدورة، متحججا بعدم حصوله على الموافقة الجزائرية من أجل التنقل عبر الخطوط الملكية المغربية إلى الجزائر مباشرة، ولم يفسد هذا الانسحاب العرس الكروي الجزائري الذي نال ثناء وإشادة كل المشاركين. وما يؤكد تخوف المغرب من فشل كروي في الجزائر في دورة "الشان" هو قبولهم المشاركة في البطولة الإفريقية لفئة أقل من 17 سنة التي احتضنتها الجزائر دون افتعال المشاكل والأزمات، كون منتخبهم كان متأهلا للمونديال ولم يكن مستعدا للمغامرة به باتخاذ قرار المقاطعة.

ويجيد المغرب سياسة "الكيل بمكيالين" لأن ما عاشه فريق نهضة بركان سبق لممثل الجزائر شبيبة القبائل أن عاشه في نهائي كأس الكونفدرالية سنة 2021 في العاصمة البينينية كوتونو، عندما حرمت الشبيبة من اللعب بقميص مكتوب باللغة الأمازيغية رغم أنها لغة رسمية في الجزائر إلى جانب العربية. 

المغرب كلما حل رياضيا إلا وكانت الفضائح والأزمات حاضرة، ولم يقتصر الأمر على المواجهات التي تجمعه بالأندية الجزائرية فحسب وإنما حتى مع الطرف المصري. ويبقى نهائي رابطة أبطال إفريقيا بين الوداد البيضاوي والأهلي المصري في نسخة 2022 خير دليل، حيث كان النهائي في بادئ الأمر مبرمجا في السنغال، قبل تحويله إلى المغرب بتواطؤ فاضح من مسؤولي الاتحاد الإفريقي للعبة، الذين صاروا جميعا "خدما" بين يدي فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. ومثلما كان مخططا مسبقا، ضيع الأهلي المصري اللقب القاري أمام الوداد بتواطؤ "الكاف".

وإذا كان فوزي لقجع قد تحاشى الدخول في حرب كلامية مع المسؤولين الجزائريين حول حادثة القميص المحتجز من طرف السلطات الجزائرية والذي يتضمن رسالة سياسية، فإن تاريخه مليء بالخرجات المخزية، على غرار ما قاله للحكم القطري جاسم عندما خسر منتخب بلده المباراة الترتيبية أمام كرواتيا، حيث التقطته عدسات الكاميرات العالمية وهو يصف الحكم بـ"اللقيط".

واستمرت مهازل الكرة المغربية في نهائيات كأس أمم إفريقيا 2023 التي احتضنتها كوت ديفوار شهر جانفي الماضي، عندما اعتدى مدرب المنتخب المغربي وليد الرغراغي رفقة لاعبيه على لاعبي منتخب الكونغو الديمقراطية واستعملوا ألفاظا عنصرية، وبما أن فوزي لقجع صار الآمر الناهي في "الكاف" جاءت عقوبات لجنة الانضباط في الاتحاد الإفريقي مخففة على "المغاربة" مثلما كان عليه الحال بالنسبة للحكم المغربي رضوان جيد الذي احتج لعدم إدارته نهائي كأس أمم إفريقيا بكوت ديفوار، رافضا إدارة النهائي المصغر.