دخلت دولة الاحتلال الصهيوني مرحلة غير مسبوقة من التشظي الداخلي مرفوقة بضغوط وعزلة دوليتين لم يعشها الصهاينة منذ قيام الكيان، وعقدت الخسارة العسكرية التي يتكبّدها الجيش "الذي لا يقهر" أمام المقاومة الفلسطينية بغزة، من موقف الحكومة المتطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو تعرف انقسامات حادة، وزادت التكهنات حول مستقبل الكيان في البقاء ككل.
وأبرز مظاهر الانقسامات التي تعرفها دولة الكيان، تظهر حدة الانقسامات بين الحكومة الائتلافية بسبب مسار الحرب، وقدرة الجيش على مواصلة حرب لم يحقق منها ولا هدف، حيث هدد وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، الإثنين، بإسقاط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في حال أنهى الحرب المتواصلة على غزة منذ 6 أشهر دون شن هجوم عسكري واسع على مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
وقال بن غفير عبر منصة "إكس": "إذا قرر رئيس الوزراء إنهاء الحرب دون شنّ هجوم واسع النطاق على رفح لهزيمة (حركة) حماس، فلن يكون لديه تفويض لمواصلة عمله كرئيس للوزراء".
من جهته، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائيرلابيد، في منشور له عبر منصة "إكس"، إن حزبه "هناك مستقبل" مستعدّ لتوفير "شبكة أمان كاملة" لأي اتفاق محتمل بين تل أبيب وحركة حماس بشأن تبادل الأسرى بين الطرفين.
وأضاف لابيد أن "24 مقعدا (يملكها حزبه) هي أكثر بكثير مما يملكه بن غفير وسموتريتش"، وتابع زعيم المعارضة الإسرائيلية: "أذكر رئيس الوزراء أمام شركائه المتطرفين (حزب) هناك مستقبل مستعدّ لتوفير شبكة أمان كاملة في أي لحظة لاتفاق حول المختطفين"، وأكد أنه "حان الوقت لإعادتهم (الأسرى) إلى المنزل الآن".
ويأتي تهديد بن غفير بإسقاط حكومة نتنياهو على وقع تقارير عن احتمال حدوث اختراق في مفاوضات إسرائيل غير المباشرة مع حركة "حماس" للتوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار التي ما زالت مستمرة في القاهرة.
خلال الأشهر الماضية، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش منعا نتنياهو من التوصل إلى اتفاق مع "حماس" تحت تهديد الانسحاب من الحكومة.
في حال انسحاب حزبي بن غفير وسموتريتش، وهما "القوة اليهودية" و"الصهيونية الدينية" على الترتيب، فستسقط الحكومة الائتلافية القائمة منذ ديسمبر 2022.
الانقسامات حول مسار الحرب ليست بؤرة الأزمة الوحيدة التي تغرق في وحلها حكومة نتنياهو، بل أيضا ضغط عائلات الأسرى التي تطالب بالإسراع في إنهاء صفقة التبادل، خاصة مع مقتل أسير جديد بغزة، ووسعت عائلات الأسرى من احتجاجاتها أمام منزل نتنياهو ومبنى الكنيست وهدّدت بحرق إسرائيل.
وأظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه هيئة البث العبرية الرسمية، الأحد، إلى أن "68 بالمئة من الإسرائيليين يعتقدون أن نتنياهو لا يدير الحرب على غزة بشكل جيد"، مما يبرز أن تصريحات نتنياهو حول النتائج التي زعم تحقيقها على مدار الستة أشهر الماضية، لم تقنع الجمهور الصهيوني، كما كانت مصدر تندّر على الحكومة الصهيونية عالميا، خاصة وأن لا واحد من الأهداف التي تحدّث عنها تم تحقيقها.
وذكر الاستطلاع أن 45 بالمئة من الصهاينة يُحمّلون نتنياهو مسؤولية أحداث السابع من أكتوبر، بينما يُحمّل 35 بالمئة منهم قيادة الجيش المسؤولية، و3 بالمئة وزير الدفاع يوآفغالانت، أما الباقون فرفضوا الإجابة.
وبحسب استطلاع الرأي، طالب 42 بالمئة من الإسرائيليين، نتنياهو بالاستقالة فورًا نتيجة أحداث السابع من أكتوبر، فيما قال 29 بالمئة إنه عليه الاستقالة لكن بعد انتهاء الحرب، بينما قال 21 بالمئة فقط، إن عليه الاستمرار بمنصبه رغم الأحداث.
وعلى الصعيد العالمي، تتوالى الانتكاسات التي تراكمها دولة الاحتلال، فبعد جرها إلى محكمة العدل الدولية بسبب ارتكابها إبادة مكتملة الأركان في قطاع غزة وقيام العديد من الدول بقطع علاقاتها معها، وتتجه التحركات إلى حظر تصدير الأسلحة للكيان نتيجة المجازر المرتكبة في القطاع في حق الفلسطينيين والتي لم تستثن حتى عمال الإغاثة الأجانب، ناهيك عن انقلاب الرأي العام خاصة في الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، بعد انكشاف كذب السردية الصهيوينة وبروز حقيقة الكيان التي لا تختلف عن النازية.