38serv
منذ نصف عامٍ، ويواجه قطاع غزة حرب إبادة جماعية شنها الاحتلال الصهيوني، مرتكبًا ألاف المجاز في حق المدنيين نساء وأطفال ورجال، والمؤسسات الصحية والتعليمية والحكومية، والبنى التحتية ومراكز الإيواء ومنتظري المساعدات.
وفي تقرير لشبكة "قدس" الإخبارية الفلسطينية، قالت أن هذه الحرب هي الأعنف التي شهدتها فلسطين، والمدعومة بالسلاح والمال والدعم الأمريكي غير المشروط، والأسلحة الأوروبية، واتفاقيات التطبيع بين الصهاينة ودول عربية، وقد اجتمعوا جميعًا لبحث "إدارة غزة بعد الحرب"، في وقت تستمر فيه آلة الحرب الصهيونية بارتكاب المجازر.
وبين السابع من أكتوبر 2023 وحتى السابع من إفريل 2024، ودع قطاع غزة نحو 33175 شهيد ومئات المفقودين تحت الأنقاض، منهم 14,500 طفل و9500 سيدة، وفق المعطيات المعلنة من وزارة الصحة والمكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فيما أصيب 75886 فلسطينيًا عدا عن الأمراض والجوع.
وأكدت أن العدد الفعلي للشهداء هو أكبر بكثير من الرقم المعلن، بالنظر لوجود أعداد كبيرة من الضحايا وهم بالآلاف (بين 7-8 آلاف مفقود/ة) تحت الأنقاض أو في الشوارع، وفي كثير من الحالات يضطر الأهالي لدفنهم لتعذر نقلهم للمشافي. وضمن هؤلاء هناك أعداد كبيرة تحللت جثثهم، ما ينذر بانتشار الأمراض والأوبئة الصحية، فضلا عن انتهاك كرامة الميت.
مع نزوح أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، والتدمير الواسع والمتعمد الذي طال مباني القطاع وبنيته التحتية، واجه الفلسطينيون واقعًا بائسًا في الخيام أو يفترشون الأرض ويلتحفون السماء في الأراضي الزراعية وما تبقى من مدارس تستعمل كمراكز إيواء.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي، إن الاحتلال دمر أكثر من 70 ألف وحدة سكنية بشكل كلي، وإلحاق أضرار بليغة ومتوسطة بنحو 600 ألف أخرى، بما يعادل 70 بالمائة من الوحدات السكنية في القطاع.
خلال العدوان الصهيوني المستمر، كشف عن أبشع مجزرة ارتكبت الاحتلال الهمجي في تاريخ البشرية، وكان ساحتها مجمع الشفاء الطبي، مع حصار المرضى لأيام، وقتل أكثر من 400 فلسطيني في المستشفى من الكوادر الطبية والصحفيين والمرضى والنازحين، وأحرقت 1050 منزلا في محيط مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة.
كما عذب الجيش الصهيوني المئات من المرضى والنازحين والطواقم الطبية داخل مجمع الشفاء الطبي وفي محيطه، واعتقال أكثر من 500 فلسطيني لم يعرف مصيرهم حتى اللحظة.
واستهدف الاحتلال الصهيوني لـ155 مؤسسة صحية، وأدى ذلك إلى إخراج 32 مستشفى و53 مركزا صحيا عن الخدمة، وتدمير أكثر من 126 سيارة إسعاف.
من جهة أخرى، أوضحت الأمم المتحدة، أن هناك تقارير موثقة حول قيام همج بني صهيوني باستهداف النساء وتجريدهن من ملابسهن وتفتيشهن من قبل ضباط جيش المحتل المتخلف، وقد تعرضت معتقلتين فلسطينيتين للاغتصاب بينما ورد أن أخريات تعرضن للتهديد بالاغتصاب والعنف الجنسي.
وأشارت الأمم المتحدة إلى أن الصهاينة التقطوا صورا للمعتقلات في ظروف مهينة ونشرها على الإنترنت، وقد تعرضت نساء وفتيات فلسطينيات للإعدام تعسفياً في غزة، غالباً مع أفراد أسرهن، بما في ذلك أطفالهن.
واستهدف الاحتلال النساء في الأماكن التي لجأوا إليها، أو أثناء نزوحهم، بعضهم كان يحمل قطعا من القماش الأبيض عندما قتلهم جيش الاحتلال الصهيوني.
خلال نصف عامٍ من العدوان الهمجي، أسرت قوات الاحتلال الصهيوني وخلال توغلها البري آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة، أفرجت عن بعضهم بعد تعذيب قاسٍ، فيما لم يعرف مصير وأحوال بقية الأسرى الموجودين في معتقلات عسكرية أبرزها "سديه تمان" في النقب.
واستند الاحتلال إلى قانون سنّه الكنيست الصهيوني عام 2002 في اعتقال أسرى غزة، ويُعِدّ جميع المعتقلين من غزة "مقاتلين غير شرعيّين"، وفي حين يصعب حصر أعداد الأسرى من القطاع كونها تتداخل مع قضية المفقودين، اعترفت إدارة السجون الصهيونية بوجود قرابة 800 معتقل من غزة، تحت بند المقاتل غير الشرعي.
وكشفت المؤسسات الحقوقية تلقيها عشرات الشهادات من معتقلين مفرج عنهم تعرضوا لانتهاكات جسيمة وخطيرة وتكاد تكون غير مسبوقة، شملت التعرية والتحرش والتعذيب بالضرب حتى القتل، وتسببت الأصفاد الحديدية والبلاستيكية ببتر أطراف العديد من المعتقلين، وخرج بعضهم وهم يعانون من فقدان للذاكرة مع علامات وندوب لا تزال على أجساد غالبيتهم. ولم تسلم النساء أو الأطفال أو الأشخاص ذوي الإعاقة من هذه الأنماط القاسية من التعذيب.
فوفق معتقلين فلسطينيين سابقين لدى الاحتلال ، قالوا إنهم تعرضوا للضرب والإهانة وإجبارهم على الركوع لأكثر من 20 ساعة، وجردتهم قوات الاحتلال من ملابسهم لأوقات طويلة، وفي أثناء الاستجواب.
أما الصحافة، فكانت من إحدى بنوك أهداف الاحتلال الصهيوني الرئيسة خلال العدوان على غزة، وقد أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، استشهاد 140 منذ 7 أكتوبر 2023، آخرهم الصحفيين محمد السيد أبو سخيل وهو مذيع ومحرر في إذاعة صوت القدس، وقد وجدت جثمانهما في مستشفى الشفاء غرب مدينة غزة بعد الانسحاب الاحتلال الصهيوني منه.
وبحسب المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية مدى، فإن نسبة الانتهاكات بحق الصحفيين ارتفعت في عام 2023، بنسبة 72 بالمائة عن العام 2022.
وفق آخر تقرير مشترك للبنك الدولي والأمم المتحدة يقيّم الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الحيوية في الفترة بين أكتوبر وحتى نهاية يناير الماضيين، تقدَّر تكلفة هذه الأضرار بنحو 18.5 مليار دولار.
وبحسب التقرير نفسه، تعادل هذه الخسائر 97 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي للضفة الغربية وقطاع غزة معا عام 2022، وتشمل البنيةُ التحتية المدمرة المنازل السكنية، والمياه، والمرافق الصحية، والطاقة، والطرق والمواصلات، والاتصالات والتكنولوجيا، والخدمات البلدية، والصناعة والزراعة، وقطاعات حياتية أخرى.
وتشير أرقام المكتب الإعلامي الحكومي إلى أن الاحتلال دمّر - بالإضافة لتجريفه الشوارع على امتداد القطاع - 168 مقرا حكوميا، بينها وزارات ومؤسسات مدنية ومقار أمنية وشرطية ومحاكم، ودمّر 223 مسجدا بشكل كلي و289 لحق بها دمار جزئي، إضافة إلى تدمير 3 كنائس.
ولم يكن الموروث الثقافي خارج دائرة الاستهداف الصهيوني وحرب الإبادة، فدمر قرابة 200 موقع أثري ومبان تاريخية، من بينها مراكز ثقافية، ومساجد وكنائس تاريخية، ودور نشر ومطابع وأستوديوهات وشركات إنتاج إعلامي وفني ومقار مؤسسات إعلامية. ولحقت أضرار متفاوتة بأكثر من 146 بيتا لها قيمة تاريخية في البلدة القديمة بمدينة غزة.
وفي القطاع الفندقي والترفيهي، دمّر الاحتلال الصهيوني بشكل واسع المتنزهات وفنادق ومدن ترفيهية، وملاهي وألعاب إلكترونية.
أما عن المنشآت الاقتصادية والزراعية والتجارية، فدمر الاحتلال آلاف المنشآت شملت مصانع ومصارف ومحال تجارية، ومخابز ومزارع ومخازن، ومكاتب خدمية، وشركات ومراكب الصيد.
وتشير البيانات الأولية إلى تدمير نصف المساحة الزراعية في القطاع خاصة في مدينة غزة وشمالها، مما أدى إلى توقف قرابة نصف مليون عامل عن مهنهم في غزة، وخسائر مالية كارثية، عدا عن رفع نسبة الفقر إلى 90 بالمائة.
وفي النقل والمواصلات، دمر الاحتلال على نطاق واسع أسواق ومعارض بيع السيارات، وتشير التقديرات الأولية إلى أن دمارا كليا وجزئيا لحق بأكثر من 10 آلاف سيارة، وتخريب كبير للشوارع والمفترقات الرئيسية وتغيير معالمها كليا.
ولم تسلم شبكات الكهرباء والاتصالات والإنترنت لحق بها تدمير واسع وأدى إلى تردي خدمات الاتصالات والإنترنت، وقطع الكهرباء كليا عن القطاع، وتعمد الاحتلال تعميقها بتدمير الخلايا الشمسية، وسجل قطاع غزة قطع الاتصالات بشكل كامل أكثر من 13 مرة خلال العدوان.
وانعكس ذلك إلى تسجيل الأمراض المختلفة، حتى 25 مارس، سجّلت منظمة الصحة العالمية 586,402 إصابة بالتهابات الجهاز التنفسي الحادة، و81,259 حالة من الجرب والقمل، و46,195 حالة من الطفح الجلدي، و19,117 حالة يرقان، و7,037 إصابة بجدري الماء.
خلال نصف عامٍ من العدوان الهمجي، ارتقى 5994 طالبًا في قطاع غزة والذين أصيبوا إلى 9890 طالبًا وطالبة، في قطاع غزة منذ بدء الإبادة الجماعية، كما تشير بيانات وزارة التربية والتعليم.
ولفتت الوزارة إلى أن 351 مدرسة، بينها 65 تابعة لوكالة الأونروا، تعرضت للقصف والتخريب في قطاع غزة، ما أدى إلى تدمير 40 منها بالكامل وإلحاق أضرار بالغة بـ 111 مدرسة، بينما تعرضت 57 مدرسة في الضفة للاقتحام والتخريب.
وأكدت الوزارة، أن 620 ألف طالب في القطاع ما زالوا محرومين من الالتحاق بمدارسهم منذ بدء العدوان، فيما يعاني معظم الطلبة صدمات نفسية ويواجهون ظروفًا صحية صعبة.
ونقل المرصد الأورومتوسطي عن صندوق النقد الدولي، أن خسائر قطاع التعليم في قطاع غزة جراء الهدم والتدمير وتضرر 70 بالمائة من المدارس والجامعات فيه تفوق 720 مليون دولار، لكنَّ المرصد الحقوقي قدّر أن الخسائر المادية فقط التي لحقت بالجامعات تفوق 200 مليون دولار.
وقد استشهد ثلاثة من رؤساء الجامعات في غارات صهيونية، إلى جانب أكثر من 95 من عمداء وأساتذة الجامعات، من بينهم 17 شخصية تحمل درجة البروفيسور، و59 شخصية تحمل درجة الدكتوراه، و18 شخصية تحمل الماجستير، وفق آخر حصيلة معلنة.
ودمّر الاحتلال 5 من أصل 6 جامعات في القطاع 3 منها بشكل كامل، إذ تعرضت جامعة الإسراء لتدمير كامل بعد تفجير مقرها ونسف جميع مبانيها ومرافقها في 17 يناير الماضي، وحوّلوا الصهاينة جامعة الإسراء إلى ثكنات عسكرية ومركز اعتقال لأكثر من شهرين.