تعرضت البناية المشكلة من قاعة سينما الأطلس “كازينو” ومسرح الهواء الطلق الواقعة في قلب عاصمة ولاية بسكرة، مؤخرا، إلى عملية هدم طالت جزءا من هذا المعلم التاريخي الذي يشكل ذاكرة “عروس الزيبان”؛ من أجل تحويل إحدى القاعات إلى مطعم مدرسي يتبع مدرسة نصري محمد، وهو الإجراء الذي أثار تذمر واستياء الطبقة المثقفة التي تحركت في كل الاتجاهات لوقف العملية.
سارعت جمعية “موزاييك” للفنون والثقافة والمحافظة على التراث إلى توجيه شكاوى إلى السلطات المحلية ووزارة الثقافة، أكدت من خلالها “تتعرض عديد البناءات المعمارية ذات الطابع التاريخي لعمليات هدم ممنهجة؛ حيث لاحظنا مؤخرا بداية عملية هدم بعض أجزاء من مبنى قاعة الأطلس (كازينو سابقا) التي يعود تاريخ انجازها إلى القرن التاسع الميلادي، وقد باشرت البلدية عملية تغيرات داخل وخارج المبنى من أجل تحويله إلى مطعم مدرسي”.
وحسب جمعية “موزاييك”؛ فإن عمليات الهدم وتغيير هندسة المبنى تهدده بالانهيار، خاصة وأن البناية المذكورة كانت محل ملف قدم للمجلس الشعبي الولائي بلدية بسكرة بغلاف مالي لا يتعدى 400 مليون من أجل إعادة ترميمه، لكنه لم يجسد.. كما أن هناك ملفا لتصنيفه وفق المنشور الوزاري المشترك رقم 02 المؤرخ في 1 أكتوبر 2023 المتضمن إدراج قاعات العرض السينمائي التابعة للبلديات، ضمن الأملاك الخاصة للدولة.. وإسناد تسييرها لوزارة الثقافة والفنون، مما يعني عدم قانونية ما تقوم به بلدية بسكرة من تغييرات تمس الطبيعة العمرانية والتاريخية لهذا المعلم.
وحسب الجمعية ذاتها؛ فإن القيام بالأشغال يتطلب رخصة من مصالح مديرية الثقافة والفنون عملا بالقانون رقم 04/98 المؤرخ في 15 جوان 1998 المتعلق بحماية التراث الثقافي.
وأكد رئيس جمعية “موزاييك”، سليماني محمد، في حديثه لـ“الخبر”، أن البناية عبارة عن مجمع يتكون من دار الثقافة والمسرح وقاعة الأطلس التي بها قاعة مغطاة وأخرى في الهواء الطلق، وصممها المهندس “بالي”، وهي فريدة من نوعها في الجزائر ومستوحاة من الهندسة المعمارية العثمانية الإسلامية، كقصر الباي ذات الطابع الموريسكي.. وذكر أنه من المفروض أن تتكفل بتسييرها وزارة الثقافة من أجل إعادة بعث الصناعة السينمائية، حيث يحرص رئيس الجمهورية على ترقية هذا القطاع الذي ظل مهمشا لسنوات.
صرح المتحدث ذاته بأنهم كجمعية لا يقفون ضد تخصيص القاعة مؤقتا كمطعم مدرسي، كما هو الحال في مدرسة الفنون الجميلة: “لكن نحن ضد عمليات التخريب وهدم المعالم التاريخية”. وانتقدت جمعية “موزاييك” عمليات الهدم العشوائي التي تطال المباني التاريخية، كهدم فندق الصحراء، وما تتعرض له بناية إقامة الدائرة القديمة من هدم، وغيرها من المعالم التاريخية التي تزخر بها مدينة بسكرة التي تتعرض للإهمال مثل مقر بلدية بسكرة سابقا ودار بن ڤانة.
للتذكير؛ فإن معاينتنا لما يجري في قاعة سينما “الأطلس” صادف تواجد مدير الثقافة غرسي رضا الذي أكد أن مصالحه تلقت إرسالية بطابع الاستعجال من مديرية الحماية القانونية للممتلكات الثقافية بوزارة الثقافة؛ من أجل القيام بمعاينة ميدانية وإعداد تقرير حول وضعية المعلم الذي تملكه حاليا البلدية، في انتظار تحويل تسييره لمديرية الثقافة.
وبشأن الأشغال الجارية، فقد سجلنا هدم وتخريب حائط يعد دعامة أساسية للبناية من أجل انجاز باب، ناهيك عن تحويل قاعات صغيرة ودورات المياه إلى مطبخ، رغم أنه كان بالإمكان استغلال إحدى قاعات البناية كمطعم دون اللجوء إلى عملية الهدم التي استهدفت جزءا من تاريخ بسكرة.
وفي هذا الصدد، أوضح نائب رئيس بلدية بسكرة عبد القادر حرزلي أنه تم إعادة الجدار إلى طبيعته بعد ترميمه، وذكر أن الحائط لوحظت عليه تشققات، مما يشكل خطرا على التلاميذ، مشيرا إلى أنه ستخصص إحدى القاعات مؤقتا كمطعم دون المساس بالبناية.