الفنان عبد القادر جريو يتحدث لـ "الخبر" عن مشاريعه

+ -

تحدث الفنان والمخرج المتألق عبد القادر جريو عن نشاطاته في المسرح والسينما، وقدم جريو، في حواره لـ"الخبر"، جديده لعام 2024، حيث كشف بأنه بصدد العمل على مسلسل اجتماعي من 22 حلقة سيعرض خلال الشهر الفضيل، كما أنه يشتغل على مشروع فيلم سينمائي حول موسيقى الراي خصصه للفنان أحمد زرقي. كما عاد جريو إلى تتويج مسرحية "ثورة" خلال مهرجان المسرح المحترف، وكذا تتويجات مسرح سيدي بلعباس، وقال إن الاشتغال على الفرقة سر نجاح التجارب الفنية المسرحية.

 

توّجت مسرحية "ثورة" لمسرح سيدي بلعباس في مهرجان المسرح المحترف مؤخرا، وكانت لك تجربة مع نصوص كاتب ياسين، كيف كان العمل فيها ولماذا اخترتم كاتب ياسين؟

عرفت كاتب ياسين في مسرح سيدي بلعباس، بحكم أنني اشتغلت كممثل سنة 2007 على مسرحية "غبرة الفهامة" لياسين، وكان حسان عسوس مدير المسرح، وأحد رفقاء كاتب ياسين الذي كان سابقا مديرا لمسرح سيدي بلعباس. إذن، علاقتي بكاتب ياسين راجعة إلى كون هذا الأخير كان مديرا لمسرح سيدي بلعباس. وفي سنة 2010، اشتغلت على مسرحية أخرى بعنوان "شظايا" مقتبسة من رواية "نجمة" لكاتب ياسين، كما اشتغلنا على "الأجداد يزدادون ضراوية" بمسرحنا، وأردت الآن الاشتغال على حوصلة لكل هذه التجارب، في مسرحية "ثورة" كل نصوص ياسين، بالإضافة إلى تصريحاته وكتاباته حول مفهوم الثورة ومفهوم المثالية فيها والزعامة، كل هذه الأمور حاولت أن أوظفها في مسرحية "ثورة". وقد اشتغلت مع يوسف ميلة الذي اشتغل كثيرا على نصوص كاتب ياسين، وهو الذي ترجم "غبرة الفهامة"، كما تعاملت مع الكاتب هشام بوسهلة، لأن "ثورة" فيها مزج بين الدارجة والعربية الفصحى والفرنسية.

 

مسرح بلعباس معروف بتتويجاته الكثيرة، هل كنتم تتوقعون أن تتوّج مسرحية "ثورة" في مهرجان المسرح المحترف هذه المرة؟

صراحة، أنا لا أدخل المنافسة من أجل الجوائز، بالنسبة لي المسرح ليس جوائز، ومسرح بلعباس هو المسرح الأكثر تتويجا في المسارح الوطنية، والتتويج ليس جديدا على مسرحنا، وأجد هذا فخرا لنا. فمنذ بداية المهرجان في 2006، نجد أن مسرح بلعباس عنده شأن بين المسارح، وكلما يحضر مسرحنا الجمهور يتوقع التتويج، دائما لدينا تجارب جديدة، فمسرحية "غبرة الفهامة" شاركت في دورة كانت فيها لجنة التحكيم عربية، منها الفنانة منى واصف وكبار الفنانين، وتوّجت كذلك بالنسبة لمسرحية "فالصو" كان القدير سيد أحمد أڤومي في لجنة التحكيم، وأخذ العرض أكبر جائزة، وكذلك مسرحية "شظايا". إذن، التتويج ليس جديدا على مسرح سيدي بلعباس، وتتويج "ثورة" ليس مجهودات السنة فقط. وإذا كان مسرح سيدي بلعباس الأكثر تتويجا فهناك سر واحد، وهو أن هناك فرقة في بلعباس دائمة، ومن هنا يمكن أن نخلق تجربة فنية. أشتغل مع هذا الفريق منذ أكثر من 18 سنة، ونحن الفرقة الوحيدة التي بقيت متحدة، ومنها يمكن أن تكون هناك تجارب فنية ناجحة والفنيات تتطور. إذن، سر نجاحنا أننا متحدون، وهذا يرجع لحسان عسوس، رحمه الله، الذي كان يدافع عن الفرقة الدائمة في المسرح، كما أن كاتب ياسين كانت له فرقة مسرحية تعرف كل أعماله، وكاكي وعلولة أيضا لهما فرق خاصة، ومسرح القلعة مع مجوبي، صونيا، بن ڤطاف وزياني شريف عياد، كانوا أيضا فرقة موحدة. إذن، تجارب الفرق وتواصلها يخلق أعمالا فنية مميزة، بدون أن ننسى تجربة يوسف ميلة الذي يشتغل من 2005 معنا، لدينا كاتب الفرقة ومخرجها ومصممين وتقنيين، اشتغالنا كفرقة هو سر نجاحنا. لذلك، فمسرح سيدي بلعباس ليس فقط مسرحا بل مخبر بحث.

 

عرفت الطبعة الأخيرة لمهرجان المسرح المحترف مشاركة قوية، ما رأيك في الأعمال المقدمة؟

لم أتابع كل العروض لكن شاهدت بعضها، هناك أعمال متفاوتة هذا العام، مثلا الشيء الذي أثار انتباهي حضور السينوغرافيا وبطريقة مميزة، هناك الاشتغال على التراث، وهذا أمر مهم أيضا، منها مسرحية "ايشو" و"ثورة"، هناك شباب يبحث في التراث وهذا أمر جميل، كما أن هناك من لا يتعب نفسه، وهذه التجارب الهجينة بالنسبة لي وهي إحضار ممثلين من مناطق مختلفة وتشتغل معهم 15 يوما لإنجاز مسرحية، فهذا لا يأتيك بتجربة فنية كبيرة، أنا أؤمن بالتجارب الفنية للفرق، لأن المسرح مبني على الفرقة، فمسرح بيتر بروك كانت له فرقة، وستانسلافسكي، مايرهولد أيضا، كل هذه التجارب المسرحية المهمة كانت مبنية على الفرق، وأتمنى أن يكون في المسارح إقامات لثلاث سنوات، نحضر مخرجا متمكنا ونقدم له تجربة فنية يشتغل عليها. الشيء الجميل أيضا في دورة المحترف لهذا العام عودة دعم وزارة الثقافة والفنون، على رأسها السيدة مولوجي التي أعادت دعم المسارح الجهوية في عدة تظاهرات، وعودة مهرجانات المسرح بقوة، حيث أن الوزارة قدمت إعانات مالية للفرق. كما أن المسرح ليس فيه "لجنة مراقبة" أو "لجنة تنقية العروض"، وهذين الأمرين جد مهمين، وأفتخر بوجودهما في الجزائر، عكس الدول العربية. ونحن، مثلا، في مسرحية "ثورة" قدمنا المسرح الملتزم، وفي مسرح الدولة وبأموال الدولة، لاأن المسرح يبقى فن الكلمة وفيه نقاش سياسي، بدون أن نلغي الجانب الجمالي والفرجوي.

 

بحكم تجربتك الطويلة في المسرح، كيف تجد المسرح الجزائري حاليا، خاصة مع صعود نخبة من الفنانين والمخرجين الشباب؟

لا يمكن فصل المسرح عن المجتمع، فلما كان المسرح الجزائري عنده هيبة وقيمة، كانت الجزائر لها مشروع مجتمع واضح، لكن لما تسقط هذه المثالية، المسرح يتأثر بما يتأثر به المجتمع. الآن، هناك مجموعة من الفنانين الشباب عندهم أدواتهم الفنية التي تطابق التطور الاجتماعي الآن، لهم لغتهم وأسلوبهم وهم أحرار في تجاربهم الفنية. كما أعتقد أن الجيل الجديد يمكن أن يقدم إضافات، فهناك مخرجين شباب لهم نفس فني مميز. لكن أعتقد أن التكوين الحقيقي مهم، وهو التكوين الميداني، لم أتعلم في مدرسة التكوين أو معهد بل قرأت في الجامعة، لكن لما دخلت للمسرح، قمت بتكوين ميداني. إذن، الخبرة في التكوين الميداني. جميل أن تكون مدارس التعليم، لكن جميل أيضا أن يكون التكوين غير تقليدي، أرى أنه ليس هناك أفضل من إحضار مخرج مهم صاحب تجربة عالمية لتكوين شبابنا، في إقامة مع الفنانين ليكون هناك تكوين حقيقي. أتمنى أن تتفتح مسارحنا على الخارج، وتحضر تجارب مختلفة ومعروفة، دون أن ننسى بأن الجزائر تملك مخرجين كبار، يجب الاستفادة منهم في مجال التكوين التطبيقي.

 

عبد القادر جريو نجده في المسرح والسينما، لكن أكيد لديك جانب تفضله على الآخر؟

المسرح حبي الأول ولا يمكن الاستغناء عنه، في المسرح، تخرج كل رغباتك عكس السينما والتلفزيون، أفضل المسرح لأن الفنان يكون فيه حرا والمسرح ليس فيه حدود ولا رقابة، فيه هامش أكبر من الحرية. وحتى في الجانب التقني، المسرح عمل حرفي وليس فيه تقنيات كثيرة، فيه فن الممثل، وليس محدودا من الناحية الإبداعية، لكن السينما تتطلب إمكانيات كثيرة في أغلب الأعمال.

 

ما هي مشاريعك وهل من جديد للشهر الفضيل؟

نعم، لدي مسلسل جديد لرمضان مع المخرج المصري محمود كامل، في 22 حلقة، هو قصة اجتماعية لرجل دخل السجن ظلما ويخرج ويحاول الانتقام، هو نفس الجو الاجتماعي لمسلسل "أولاد الحلال" و"بابور اللوح"، لكن الطبقة الاجتماعية مختلفة، حيث اشتغلت على الطبقة الميسورة هذه المرة، تعاملت مع مدير تصوير فرنسي، ومخرج مصري، والعمل هذه المرة سيكون مع فرقة جديدة وتجربة جديدة، وفنانين جزائريين دائما، المسلسل سيدبلج إلى اللهجة السورية. ولدي مشروع فيلم ينجز خلال سنتي 2024/2025 حول موسيقى الراي، فضلت تسليط الضوء على مغنٍّ لم يأخذ حقه في تاريخ فن الراي، وهو الفنان "أحمد زرقي"، فيلم خيالي مقتبس من حياته وأعماله.