سخرية الأقدار.. المغرب "يرافع" في حقوق الإنسان!

+ -

 من النكت والطرائف التي لن تنساها البشرية أن المغرب أراد الترشح في سنة 2023 لترؤس الدورة الـ18 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة العام المقبل، كما سيبقى خالدا في ذاكرة الأمة العربية أن الجامعة العربية دعمت بلدا يموت فيه مواطنوه من البرد والجوع، بلد يدخل فيه أشخاص السجون ويعذبون أشد العذاب بسبب "كلمة واحدة" على مواقع التواصل الاجتماعي.

"إذا لم تستح فاصنع ما شئت".. لقد أضحى نظام المخزن الذي لم يسلم من أذاه لا مواطنوه ولا جيرانه، بلا حياء ولا يخجل أمام انتهاكاته المتزايدة ساعة بعد ساعة، نظير حجم القهر والإرهاب وكل أنواع الإذلال والاستعباد، التي يتعامل بها الملك محمد السادس مع الشعب المغربي، فلا يمر يوم واحد إلا وترفع منظمات حقوق الإنسان عشرات الخروقات والانتهاكات التي تخدش الكرامة والإنسانية والدين.

 وحينما يذهب الحياء عن المرء أو حتى عن دولة، فلا تنتظر أن يكون الإدراك بالسلوك المشين والتصرف الخطير، متبوعا باعتراف أو توبة يتم من خلالها استدراك الأخطاء، بل إمعان وإصرار على "الرذيلة السياسية"، ومحاولة إقناع الغير بها على أنها الطريق الصحيح والمنهج السليم لقيادة أمة، وعلى هذا الأساس تجرأ المغرب وملكه، بسجلهما الحافل بالانتهاكات الخطيرة والدماء، وطلب أن يترأس الدورة الـ 18 لمجلس حقوق الإنسان لسنة 2024 بدعم "غريب" من مجلس جامعة الدول العربية.

 وكان مجلس جامعة الدول العربية، الذي يضم وزراء خارجية الدول الأعضاء، قد عبّر عن دعمه ترشيح المغرب لرئاسة الدورة الـ18 لمجلس حقوق الإنسان سنة 2024، حيث وافق المجلس خلال الاجتماع على التوصيات الصادرة خلال الدورة 52 للجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان، مسلطا الضوء على -ما يزعم- أنها "مبادرات" المغرب الرامية إلى تعزيز حقوق الإنسان في المنطقة العربية.

وأمام هذا الترشح الذي تحول إلى "أضحوكة القرن"، تطرح عشرات التساؤلات وترفع مئات الشهادات عن واقع حقوق الإنسان في بلاد "أمير المؤمنين" التي تعتبر مقبرة كبيرة لحقوق الإنسان، والأكيد أن ملف الترشح مسنود بالأكاذيب والأباطيل تزعم فيها "مملكة الحشيش" أنها بلد يحترم الحقوق، بينما الحقيقة الوحيدة الساطعة أنها بلد تنتهك فيه أبسط الحقوق وأدناها، بل بلد يموت فيه الفقراء من البرد والجوع، ويقتل فيه الأطفال جراء سوء التغذية وانعدام العلاج، ويحكم فيه على مواطن بسبب "تغريدة" بسيطة بـ20 سنة سجنا نافذا.

كيف لبلد يريد الترشح لقيادة الدورة الـ18 لمجلس حقوق الإنسان، ونظامه يقتل بدم بارد كل المدافعين عن حقوق الإنسان؟ عن أي حقوق إنسان يتحدث المغرب ونساؤه يشتغلن كالعبيد بلا رحمة ولا شفقة؟ هل يحق الحديث أصلا عن حقوق الإنسان في المغرب، وقد حوّل نظامه أراضيه إلى عاصمة للمخدرات والدعارة والانتهاكات الجنسية ضد الأطفال مثلما تؤكده التقارير الرسمية والدولية؟ كما يدفع ترشح المغرب لترؤس الدورة الـ18 للمجلس الأممي لحقوق الإنسان، إلى التساؤل عن فحوى سجل هذا البلد في المجال، حيث الحق في العلاج غير متاح ولا مضمون، الحق في السكن ممنوع، الحق في التعليم لميسوري الحال فقط، وحتى كبار السن في هذا البلد يعملون حتى الموت بسبب نظام التقاعد الهش، ويقمع فيه سكان الريف ويمنعون من الحديث بلهجتهم، والأدهى من كل هذا، كيف لبلد يتجرأ أن يرافع ويحاضر ويقدم الدروس والمبادرات في مجال حقوق الإنسان، وهو يحتل بلدا آخر ويستولي على خيراته ويستبيح ثرواته.

 تدهور مستمر وكان معهد "كارنيجي" قد أصدر تقريرا تطرق فيه إلى "التدهور المستمر لحقوق الإنسان في المغرب سنة 2023"، مشيرا إلى أنه مع "ضعف النخب المعارضة للنظام حيث صارت تتفادى المواجهة المباشرة مع القصر الملكي والأجهزة والأمنية، وشبه غياب للصحف الوطنية المستقلة بفعل القمع، وتراجع دور جمعيات المجتمع المدني، يستمر النظام المغربي في تطبيق وصفته القمعية لإسكات الأصوات الحرة ومراقبة المجتمع، لكنه في الوقت نفسه يبدو أنه يفعل ذلك لشعوره، أي النظام، بالضعف والهشاشة مع الانتقادات الشعبية الواسعة الموجهة ضده، خصوصا من لدن الشباب، على وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا، والتي زادت مع موجة ارتفاع الأسعار وتطبيع العلاقات مع إسرائيل"، يؤكد التقرير.

 ونقل التقرير عن مدير برنامج العلاقات الدولية في المعهد الأمريكي الجامعي في "إيكس أون بروفونس"، قوله إن "السلطوية المغربية أصبحت تراهن على ترهيب المغاربة من خلال استعمال أدوات قمعية جديدة تتعلق بالتجسس على الحياة الخاصة للصحفيين والسياسيين"، مشيرا إلى أن "التشهير الإعلامي لا يستهدف فقط النخب المعارضة أو المستقلة عن النظام، بل يؤثّر أيضا في نفسية الأشخاص المقربين من السلطة، حيث يسيطر الخوف على الجميع".

 ونبّه التقرير إلى "تدهور وضع حقوق الإنسان في المغرب تزامن مع تطبيع الرباط علاقاتها مع إسرائيل بوساطة أمريكية في إطار "اتفاقيات أبراهام" (Abraham Accords)، ومن الواضح أن النظام المغربي يراهن على دعم إسرائيل في التأثير على الحكومات الغربية، وخصوصا الإدارة الأمريكية، فيما يخص الصمت على انتهاكات حقوق الإنسان، وترويج الإعلام الموالي للنظام هذه الفكرة، معتبرا أن الطريق إلى واشنطن تمر عبر تل أبيب".