جوابا على سؤال: لماذا تتوجه الجزائر نحو الاستثمار في مقدراتها الاقتصادية الكامنة، وماذا ستجني من ذلك؟ تتوجه الجزائر إلى ذلك تعزيزا للسيادة الوطنية على الثروات التي حباها بها الخالق، وجعلها رمزا للرخاء والقوة والريادة في المنطقة، وأبرز ما يستدل به في هذه السانحة هو منجم غارا جبيلات الذي يعد بلا منازع، وبحسب ما أوردته وكالة الأنباء الجزائرية أمس، "أحد أبرز معالم سياسة التحول العميق للجزائر في عهد الرئيس تبون".
بعد أن كان بمثابة حديث الجميع دون أن يرى النور، هاهو غارا جبيلات، تكتب وكالة الأنباء الجزائرية، هذا المنجم الذي تشكل منذ قرون، والذي تطلب العديد من الأعمال البحثية، حلم قديم يتحقق أخيرا.
كما أن مشاريع استغلال هذا المنجم الذي يزخر بثروات هائلة لا تنضب ظلت متوالية منذ أكثر من 60 سنة دون أن ترى النور..
لقد أخذ الرئيس تبون، حسب المصدر ذاته، زمام المبادرة وهو الذي يؤمن إيمانا راسخا أن الجزائر ستصبح قوة منجمية وقوة ناشئة، حيث قرر وضع حد للمشاريع المولودة ميتة لغارا جبيلات، ملبيا بذلك رغبة مواطني تندوف الذين يعلقون آمالا كبيرة على استغلال هذا المنجم "الثمين".
تابعونا على واتساب >> من هنا
وتبرز الوكالة أن دخول المنجم مرحلة الاستغلال أصبح حقيقة، بعد أن رسم تبون آفاق جزائر سنوات 2030 و2040، وقرر تزويد تندوف بخط سكة حديدية، إذ ما فتئ سكان تندوف يطالبون منذ عقود بربط ولايتهم بشبكة السكة الحديدية.
لقد وقعت تندوف في 30 نوفمبر 2023 دخولها إلى العالمية.. إنه حدث تاريخي كما هو الأمر بالنسبة لزيارة الرئيس تبون التي تعد الأولى لرئيس دولة إلى هذه الولاية التي لطالما عانت من التهميش.
وكان تبون قد زار تندوف ووقف على مدى تقدم مشروع المنجم، ووضع حجر أساس خط السكة الحديدية الذي سوف يربط تندوف وبشار، وهو مشروع ضخم يمتد على طول 950 كلم يخصص لنقل خام حديد منجم غارا جبيلات، ما من شأنه أن يساهم في تنمية مناطق الجنوب الغربي، سواء على صعيد منشآت السكك الحديدية، أو على المستوى الاجتماعي، حيث سيوفر ما لا يقل عن 3 آلاف منصب شغل مباشر، وأكثر من 12 ألف منصب غير مباشر.
هذه المشاريع، وفضلا عن أنها ستسمح بنقل حديد غارا جبيلات نحو بشار ووهران، تهدف أيضا إلى تطوير النقل بالسكك الحديدية للمسافرين مستقبلا بقطار الجنوب الغربي نحو الشمال ومن الشمال نحو الجنوب الغربي.
يُذكر أن تكلفة إنجاز المشروع الاستراتيجي قُدرت بحوالي مليار دولار أمريكي.
هذا من الجانب الاقتصادي والاجتماعي. أما بالنسبة للجانب الاستراتيجي، فإن غارا جبيلات ليس مجرد منجم للحديد، بل هو رمز من رموز السيادة الوطنية الذي ظل لعقود من الزمن محل أطماع قوى أجنبية إقليمية ودولية، عملت على الاستحواذ عليه في إطار التنافس على خيرات وثروات الجزائر.
وعلى مبدأ عدم التفريط في أرض ارتوت بدماء الشهداء إبان ثورة التحرير المجيدة، كان ديدن القيادات السياسية والعسكرية من جيل الثورة أن يقفوا في وجه جميع المحاولات التي استهدفت إغراء الجزائر بالدخول في شراكات مشبوهة.. وباءت محاولات وزير الطاقة والمناجم الأسبق شكيب خليل بالفشل.
ومع تسلم تبون رئاسة الجزائر في ديسمبر 2019، استهل حكمه بتحريك المياه الراكدة واتخذ قرارات بالشروع الفوري في استغلال مقدرات البلاد وثرواتها الباطنية، وكان منجما غارا جبيلات للحديد في تندوف والزنك في مدينة أميزور بولاية بجاية، باكورتي تلك القرارات التي دخلت حيز التنفيذ قبل أسابيع.
سيوفر استغلال منجم غارا جبيلات الاستراتيجي مزيدا من القوة الاقتصادية والسياسية، إضافة إلى الحضور على الساحة الإقليمية والدولية، باعتبار أن احتياطي هذا المنجم من الحديد خيالي، وسيكفي استغلاله حاجيات الجزائر والمنطقة قاطبة ويزيد..
ولا يختلف اثنان على أن هذا الحدث الاقتصادي الهام حرك مشاعر العداء والمؤامرات في المنطقة، وظهر ذلك جليا من خلال الاستقواء بأطراف معادية همها الوحيد تحقيق أطماع توسعية والاستحواذ على ثروات الشعوب الأخرى، في إطار أجندة مشبوهة تروّج لها أبواق أخطأت في العنوان، وحتما ستصطدم مراهناتهم بجدار الصد الجزائري الذي يتحكم في قواعد لعبة الأمم، مسلحا بعزيمة شعبه في رفض الرضوخ للضغوط والإملاءات الخارجية التي لا يستسلم أصحابها إلا لمنطق القوة والصمود.