إن هذا الشوق لو يتم استثماره والمحافظة على جذوته متقدة في قلب الحاج، سيكون كفيلا بإذن الله على إحداث التغيير الإيجابي في النفس والمجتمع، غير أن المعارك التي يخوضها الحاج في حجه وحتى قبل سفره كفيلة باقتلاع ذلك الشوق أو إخماد جذوته، إلا من ثبّته الله وعصمه.ثاني المعارك التي تنتظر الحاجّ من استطاع حجز تذكرة الطائرة، انتقل إلى حجز غرفة جماعية، وقبل أن ينهي إدخال المرافقين انقطعت الإنترنت، ولما عادت وجد أنَّ الغرفة امتلأت بآخرين غير المرافقين وهو لا يعلم!! فلما وصل مكة المكرمة سقط مغشيا عليه، وبقي تحت العناية الطبية طيلة اليوم! يضاف إلى ذلك عدم احتمال البوّابة لطلبات الحجّاج الذين لا يزيد عددهم عن 18000 حاج العام الماضي فما بالك هذا العام، حيث يبلغ عدد الحجاج 42300 حاج، في حين أنّ البوّابات الإلكترونيّة المتطوِّرة تستطيع تحمّل الملايين من الطّلبات دون توقّف أو عطب، فلماذا لم تطوَّر البوّابة حتى تستطيع إجراء كافة الإجراءات بسلاسة وسرعة، ودون إدخال المشقّة على الحجاج؟وثالث المعارك التي تنتظر الحاج بعد سفره هي معركة المصاعد الكهربائية، معركة يخوضها خمس مرات في اليوم ذهابا وإيابا، كلما همّ بالخروج من الفندق، إن لم يخرج بساعة ونصف على الأقل قبل موعد الصلاة، فإنه سيضطر إلى الانتظار أكثر من نصف ساعة حتى يحصل على مكان في المصعد، ويكون موعد الصلاة في الحرم قد فات، وأكثر من ذلك بعد العودة إلى الفندق، فما أن يلج الحاج بهو الفندق حتى يندهش ويولي مدبرا من هول المتجمّعين حول المصاعد رجالا ونساء، يصل تجمّعهم أحيانا إلى خارج الفندق، الأمر الذي يوقع العنت الشديد لتكرّره عند كل دخول أو خروج، ما يدفع بعض الحجاج للدخول في مشاجرات كلامية مع بعضهم البعض، فأي نفسية ستصمد أمام هذا الوضع لمدة ثلاثين يوما متتابعة؟ حتى إن أحد الحجاج دعا على من كان سببا في حجز هذا الفندق لحجاج البعثة الجزائرية: (اللي جابنا هذا الفندق الله لا يسمحلو...)، وما ذاك إلا لقلة المصاعد بالفنادق، فتجد الفندق من 16 طابقا في كل طابق 15 غرفة، وكل غرفة يقيم فيها خمسة (05) حجاج، بما يجعل عدد الحجاج فيه يقارب 1200 حاج. ورغم ذلك، فإن الفندق لا يتوفر إلا على 05 مصاعد!!! وكثيرا ما يتعطل بعضها!!! كما هو الحال بالنسبة لفندق جوهرة المجد، ونفس الشيء ينطبق على بقية الفنادق في مكة، عدا مقر البعثة في مكة (فندق سيف المجد) فهو بناية من 17 طابقا، في كل طابق 49 غرفة، وله 18 مصعدا كهربائيا؟!! ونفس المعركة يخوضها الحاج في المدينة المنورة، في فندق أودست المدينة، زوّار العالمي، الريتز، دار النعيم وغيرها.ورابع هذه المعارك معركة الإعاشة، فهي تقتصر على وجبتي فطور الصباح ووجبة العشاء، دون الحديث عن نوعية الوجبة التي حساؤها وشربتها إلا كما يقال عندنا: “الزغلي والما يغلي”، وسلطتها في المدينة خيار ثابت حتى أن أحد الحجاج قال لعضو البعثة: هل سنتقوى على الحج بالخيار؟ وعصيرها لا فاكهة فيه ولا فائدة، مع ملاحظة تحسنها في مكة مقارنة مع المدينة، ومع الاختلاف بين ما تقدمه الإسناد الماسي وذوق النبلاء ودالكو، فإن الحديث عن كميتها مؤسف جدا، وكأنها موجهة للبراعم في رياض الأطفال، وقد لا تشبعهم، ما اضطر بعض الحجاج للتنازل عنها نهائيا، بينما البعض القليل يعاود الوجبة مرتين، شعارهم في ذلك المثل القائل: (أنت عليك بترقيق الكسرة وأنا عليّ نعاود العَشا مرتين)! لنجد أنفسنا أمام سؤال: ما الهدف من هذه الإعاشة، هل هو التغذية الصحية أم تقديم جرعات من الحقنة المغذية (السيروم)؟!رئيس المجلس الوطني المستقل للأئمة
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات