+ -

 في الجمعة الثالثة عشرة، كنت بين الجموع في البريد المركزي، حين اقترب مني متظاهر تبدو عليه علامات واضحة أنه من عسس الحراك وليس من المتظاهرين، نظر إليّ حين عرفني ونظرت إليه وكدت أن أعرف مهمته بين الجموع... سألني لماذا أنت تلعب دور الذيل لأحمد بن بيتور! تفاجأت من السؤال، فلم أجد ما أجيب به غير أنني قلت له: ما تقوله شرف لا أدعيه.. ومع ذلك هزني هذا السؤال وبقيت عدة أيام أفكر في خلفية ما قاله هذا المتظاهر المحير.بن بيتور هذا يستحق بالفعل أن يكون الواحد ذيلا له... رغم أن أكره شيء لدي أن أكون ذيلا لأحد.1 - بن بيتور رجل كفء في الاقتصاد وهو عصب السياسة في العصر الحديث، رجل له مواقف تشرف الشعب في النضال الوطني الحديث خاصة في الـ20 سنة الأخيرة، فهو الذي لم يسكت طوال الـ20 سنة عما يفعله آل بوتفليقة بالاقتصاد وبالبلاد... ولا يكاد يمر شهر إلا ويلقي بن بيتور محاضرة أو مداخلة يحذر فيها مما وصلنا إليه اليوم، في وقت سكت فيه الجميع أو رفع البندير وراح يبندر أو يرقص!2 - هو فعلا رجل له أبعاد متساوية من كل التيارات السياسية المتصارعة على السلطة والسياسة في الجزائر.. يحبه الجميع لكفاءته ونظافته ومهنيته ووضوحه وعدم انتهازيته. وفوق هذا كله هو من منطقة تمثل قلب الجزائر النابض، لها أبعاد مسافتية من كل نواحي الجزائر الحبيبة، يمقت الجهوية ويقدس الكفاءة، يعشق دولة المؤسسات والقانون.3 - لاحظوا اقتراحات بن بيتور العملية لحل الأزمة السياسية والاقتصادية في البلاد وإرساء إرادة الشعب... وقارنوا ذلك بغيرها من المقترحات، ففي الوقت الذي يتواجد فيه بن بيتور مع الشعب فكرا ومحتوى وجسدا في ثورته، يتكبر غيره عن الشعب... حين كان الشعب متروكا لحاله ويبحث عن الضوء في الظلام الدامس.أتذكر حضوره الدائم في الاجتماعات مع شباب “مواطنة” ومساهمته في تحرير الوثيقة البرنامج لهذه الحركة وخاصة الرسالة التي دعت بوتفليقة إلى عدم الترشح لعهدة خامسة... وكان ذلك قبل سنة من انتهاء عهدته. وتم ذلك في وقت كانت الأحزاب والشخصيات التي تقدم نفسها اليوم ترقص للعهدة الخامسة أو في أحسن الحالات ساكتة.. بل وقالوا عن الذين وقعوا رسالة “مواطنة” أنهم مغامرون.. هذا هو بن بيتور..ومع ذلك أرفض أن أكون ذيلا له أو لغيره ولا أتورع في أن أكون خادما له أو لغيره مادام يخدم الجزائر.بن بيتور لم ييأس من الشعب وكان يعمل معه ولأجله بنشر الوعي والدعوة الهادئة إلى الانتفاضة، يحرض الشعب على الوعي بمصيره ولا ينتظر منه جزاء ولا شكورا، في وقت يئست حتى الأحزاب من حكاية تحرك الشارع، وراحت تستسلم لقدر الاستبداد وتشارك معه في زيادة محنة الشعب بانتشار الفساد.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات