+ -

شيء جميل أن تشن السلطة حملة ضد السرّاق.. ولكن الأجمل منه أن تقوم السلطة باستعادة الأموال المنهوبة.لسنا في حاجة إلى سجن السرّاق رغم أهمية العملية، بل نحن في حاجة إلى استرجاع ما سرقوه، حتى ولو بالتفاوض مع السرّاق؟!الملفات موجودة على مستوى البنوك وعلى مستوى الوزارات والحكومة والرئاسة ومصالح الأمن المختلفة.. لأن الأموال التي نهبت تم نهبها بالقانون وبإجراءات قانونية لها الآثار الوثائقية على مستوى مؤسسات الدولة المختلفة ومنها العدالة.العاجل هو حصر هذه السرقات وتحديد أصحابها وتوقيفهم تحفظيا... والعاجل أيضا أن يعرف الشعب حجم ما نهب من طرف كل واحد... ويعرف الرأي العام أيضا الطرائق التي استخدمت في نهب هذا المال العام.. والهدف هو أن لا تتكرر مثل هذه الأمور... لكن العاجل أكثر هو أن تتخذ السلطة قرارا سياسيا عاجلا وفعالا حكيما وهو أن تدعو كل واحد أخذ هذه الأموال بإعادتها إلى الخزينة العمومية ويذهب لحال سبيله.. لأن الشعب في حاجة إلى استعادة أمواله يستعين بها على مصائب الزمن وليس في حاجة إلى سجن هؤلاء مقابل ضياع أمواله... مثل هذا القرار يجعل لمسألة مكافحة الفساد معنى.. لأن سجن المفسدين مع ضياع الأموال ليس فيه فائدة للشعب والدولة أولا، وفيه فائدة للسرّاق ثانيا. وفوق هذا وذاك فيه تصالح حتى مع السرّاق لدفعهم لإعادة الأموال.يجب أن يتعاون مديرو البنوك والوزراء مع المحققين في الفساد، سواء على مستوى توفير الملفات الخاصة بهذه السرقات، أو على مستوى الجهات التي ذهبت إليها هذه الأموال... ويجب أن تقوم العدالة ومصالح الأمن بإفادة كل من يمكن التحقيق من المعلومات الدقيقة التي تمكن من استرجاع الأموال، بالظروف المخففة إذا كان متورطا ويمكن أن يكون حتى شاهدا.. لأن الهدف النبيل هو استرجاع الأموال وليس قمع السرّاق فقط!كما أن إعلام الرأي العام بتفاصيل كل ملف يمكن أن تكون له آثاره الإيجابية على محاربة الفساد وإيقافه.. المهمة يجب أن تكون وطنية ونبيلة وأن ترتفع فوق الحسابات السلطوية والخاصة... وأن تندرج في سياق إعادة الأمن المعنوي للشعب، كون العملية بهذه الطريقة تساهم حتى في تحضير الظروف المناسبة لبسط سلطات العدالة الحقة وسلطة الشعب على إنتاج ومراقبة ماله بواسطة رجاله المنتخبين شرعيا.

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات