المعارضة تستعد لما بعـد رحيل بوتفليـقة

+ -

 اتفقت أحزاب معارضة، في اجتماع ضم قياداتها بمقر جبهة العدالة والتنمية، لرئيسها عبد الله جاب الله، على وضع تصور مشترك يقدم الغطاء السياسي والحزبي للحراك الشعبي الرافض لتمديد حكم الرئيس بوتفليقة وخريطة الطريق التي يقترحها من أجل الانتقال إلى جمهورية ثانية.اجتماع أمس الذي غاب عنه كل من أحمد بن بيتور وعبد العزيز رحابي وعبد الرزاق مقري ولويزة حنون وكريم طابو، خلص إلى نقطة هامة للغاية تتمثل في مرافقة الحراك من خلال الدفاع عن مطالب التغيير التي لخصتها الشعارات التي رفعها المتظاهرون في المسيرات الخمس الأخيرة.بالنسبة إلى النائب ورئيس المجلس الشوري لجبهة العدالة والتنمية، لخضر بن خلاف، فإن التصور الذي طرحته الجبهة في الاجتماع على الحاضرين تمثل في مبادرة من أجل التكتل للدفاع عن مطالب الحراك الشعبي، والوقوف ضد الالتفاف المبرمج والمخطط له من طرف الموالاة التي أعلنت مساندتها له من مؤخرا.ويفسر هذا الموقف على أنه إعلان صريح من جانب المعارضة عن القبول بأي مفاوضات مع “النظام” الذي سيكون ممثلا، بعد انقضاء أيام العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة يوم 28 أفريل القادم، بمؤسسة الجيش الوطني الشعبي، الذي وللمرة الأخرى سيكون أمام اختبار مصيري لإنقاذ الدولة من الانهيار، خاصة في ظل تواتر الأخبار والتسريبات حول وصول الرئيس بوتفليقة ومحيطه إلى قناعة بالانسحاب من المشهد السياسي بحسب المسار الدستوري.وإن فضلت أحزب المعارضة أن يستقيل الرئيس بوتفليقة لتجنيب البلاد الفراغ الدستوري، والتمكين من انتقال السلطة سلميا وطبقا للمسار الدستوري، أي بتولي عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة إدارة شؤون الدولة لمدة 90 يوما للإشراف على تنظيم انتخابات رئاسية، إلا أن احتمال رفض المحيط الرئاسي هذا المطلب دليل على انسداد واحتقان بين أجنحة سرايا النظام، التي لم يعد لها من سبيل سوى الزج بالبلاد في دوامة أزمة دستورية حقيقية، ستضع الجميع أمام مسؤولية تاريخية في القبول بأي حل تقترحه مؤسسة الجيش الوطني الشعبي، التي يبدو أنها جاهزة لمثل هذه التخريجات “المخيفة”، وهو ما دلت عليه خطابات رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد ڤايد صالح، الذي دأب على “طمأنة” الرأي العام الوطني من أن الجيش “هو الحصن الحصين للشعب الجزائري وللجزائر”، وأيضا أنه “لا يوجد أي مشكل بلا حل أو حلول”.وما يؤشر على وجود توافق لدى قطاع واسع من المعارضة على ضرورة “الدفاع عن مطالب التغيير المرفوعة في الحراك الشعبي”، ترجمته تصريحات بعض رموزها وفي مقدمتهم رئيس حزب طلائع الحريات رئيس الحكومة السابق علي بن فليس، الذي “يستبعد أن يقف الجيش ضد شعبه”، وأيضا الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم عبد المجيد مناصرة الذي أكد قائلا: “من المستحيل أن يدخل الجيش في مواجهة مع الجزائريين لترقيع الأخطاء السياسية لأنهم يعتبرونه بمثابة الشقيق الأكبر”. وأكد عبد الله جاب الله رئيس حزب العدالة والتنمية، أمس السبت، أنه لا يركب الموجة وأنه منذ البداية مع الشعب ويسانده في الحراك.حماية الحراك والمؤسساتوفي افتتاح اجتماع أمس، أكد عبد الله جاب الله أن “الشعب عبر بصراحة ووضوح عن إرادته بمسيرات سلمية التي يعترف بها الدستور”، مضيفا: “الجزائريون قرروا مصيرهم ومن حقهم ممارسة سيادتهم كاملة غير منقوصة”.ولفت رئيس جبهة العدالة والتنمية أن “الشعب من حقه رفض الوصاية من الرئيس، وهو الداعي لتغيير النظام ورموزه، لزاما على الجهة التي تقدر وتحترم الشعب أن تتبنى مطالبه”، مؤكدا “اصطفاف” أحزاب المعارضة منذ اجتماعها الأول وأنها تتخندق مع الشعب، وحذرت من محاولة الالتفاف على مطالبه. وأوضح أن مسألة إيجاد حل في إطار الدستور رفضها “النظام” ولم يبق أمام الشعب وأمامنا إلا البحث عن حلول سياسية خارج الدستور، وذلك بعد انقضاء عهدة الرئيس بوتفليقة في 28 أفريل القادم، وهو ما يعني أن المعارضة تتوقع بشكل كبير انسحاب الرئيس بوتفليقة دون استقالة، ما يتوجب التفكير بجدية من الآن في “إيجاد الحلول السياسية” المناسبة للتعامل مع حالة الشغور التي ينجم عنها فراغ مؤسساتي شبيه بما وقع بعد تنحي الرئيس الراحل الشادلي بن جديد في 11 جانفي 1992، بعد حل البرلمان، ما أدى إلى استحداث المجلس الأعلى للدولة والمجلس الاستشاري لتعويض الفراغ في رئاسة الدولة والبرلمان، لفترة انتقالية استمرت إلى نهاية جانفي 1994، حيث تولى وزير الدفاع السابق ليامين زروال مهام رئيس الدولة الى غاية نوفمبر 1995، ليتم انتخابه رئيسا للجمهورية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات