+ -

قضية الكوكايين ”صرعت” أجهزة الدولة فأصبحت تتخذ القرارات الحاسمة وهي تتمايل ترنحا بفحل المخدرات:1- هل كانت السلطات في البلاد لا تعرف المصائب الثلاث التي ذكرها وزير العدل إلى جانب مصيبة المخدرات؟ مصيبة الفساد العقاري، ومصيبة تبييض الأموال، ومصيبة الرشوة واستغلال النفوذ. لا أبدا، كل هذه الأمراض كانت معروفة لدى العام والخاص، وبالتحديد معروفة لدى المسؤولين في دوائر الأمن والعدالة والإدارة والمسؤولين السياسيين.2- تتذكرون أن الرئيس بوتفليقة له حساسية ضد من يتحدث عن الفساد دون الرجوع إليه أولا وأخيرا. تتذكرون كيف بطش سياسيا بالحليف السياسي الاستراتيجي لـ«حمس” أبوجرة سلطاني عندما أطلق مبادرة ”فساد قف”! وهي مبادرة قال بأنه بناها على ملفات ومعلومات بحوزته وهدد بأنه سيقدمها إلى العدالة دون أن يعود في ذلك إلى الرئيس.. وبوجرة كان زعيم حزب حليف للرئيس في التحالف الرئاسي، وفي نفس الوقت وزير دولة في حكومة هذا التحالف... ورأينا كيف كانت نهايته إلى درجة أنه أبوجرة عقد ندوة صحفية وقال بأنه تخلى عن حكاية ملفات الفساد التي تحدث عنها، وقال: ”إن الموضوع عولج على أعلى مستوى!”.3- الرئيس بوتفليقة أيضا سحب من مصالح الـ«دي آر آس” صفة الضبطية القضائية، لأن هذه المصلحة قامت بتقديم ملف شكيب خليل سوناطراك إلى العدالة دون الرجوع إليه في هذا الأمر! فالرئيس هو الذي يملك صلاحيات تحويل ملفات المسؤولين الكبار إلى العدالة عبر المحكمة العليا، وعبر نظرية ازدواجية القضاء، لذلك لا يريد من أي مسؤول في أجهزة الدولة الأمنية وغير الأمنية أن يتجاوز هذه المسألة ويضع السلطة والرئيس أمام الأمر الواقع بتحويل ملفات إلى العدالة مباشرة.4- قضية الكوكايين اتخذت أبعادا أخرى غير الملف الأصلي (الكوكايين) ليس بسبب انغماس المتهم الرئيسي في مسائل حساسة كالرشاوي العقارية والتعسف في استخدام السلطة و«الشنطجة” وتبييض الأموال، بل تدخلت في الموضوع مسألة تتعلق بصلاحيات الأجهزة الأمنية وأجهزة العدالة. وقد وصل الأمر حتى إلى استخدام التعبير الذي استخدمه بومدين، رحمه الله، في 1964 في مؤتمر الجزائر عندما خاطب الرئيس بن بلة الذي كان يرفع شعار ”تطهير الثورة”، فقال له بومدين في خطابه ”من هو الطاهر بن طاهر الذي بإمكانه أن يطهر الآخرين؟”، وبعدها بشهور وقع ما وقع يوم 19 جوان 1965.قضية الكوكايين تجاوزت مسألة صراع الأجهزة الأمنية في موضوع الفساد إلى المسائل الأخلاقية فدخل في القضية حتى عقوق الأبناء لآبائهم ودخلت الخيانة الزوجية والغيرة النسائية في موضوع ملفات الفساد.

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات