+ -

بالفعل، مذكرات اللواء خالد نزار قد تميط اللثام عن العديد من المسائل التي ما يزال الخوف من الخوض فيها هو السائد:1- يجب أن نعترف بأن نزار يملك الشجاعة الأدبية الكافية ليقول للناس ما يخاف غيره من قوله. نقول هذا رغم اختلافنا معه في كثير من القضايا.2- الرجل أشار في مذكراته بكل شجاعة، ولأول مرة، إلى أنه من رجال الباءات الثلاث.! وبالتحديد من رجال كريم بلقاسم، وأن الباءات الثلاث، كريم بلقاسم وبن طوبال وبوصوف، وهم على التوالي وزير الدفاع ووزير الداخلية ووزير الاستعلامات والتسليح في الحكومة المؤقتة... هؤلاء هم الحكومة المؤقتة وأن أقواهم على الإطلاق هو كريم بلقاسم الذي قاد المفاوضات بصفته أحد الستة الذين فجروا الثورة وبقي في قيادة الثورة وأن رفاقه الآخرين إما توفوا مثل ابن المهيدي وبن بوالعيد وديدوش مراد، أو سجنوا مثل بوضياف وبيطاط. فكريم هو الذي يملك شرعية التفاوض مع فرنسا على الاستقلال، رغم أنه لم يكن من بين جماعة (22) الذين خططوا للثورة، وضمه بن بوالعيد إلى الستة الذين قادوا الثروة حتى لا تنطلق هذه الثورة بدون منطقة القبائل.. وقد أخر بن بوالعيد انطلاق الثورة بستة أشهر خصصها للاتصال بكريم وإقناعه بالثورة وهو ما كان بالفعل.. وقد سأل كريم بن بوالعيد سؤالين كانا أساس اقتناعه بالثورة، وهو الذي كان يمارس الثورة قبل الثورة.! سأله: من أين تحصل على السلاح؟! فأجابه بن بوالعيد من الثكنات التي نهجم عليها، وقال له ومن أين تحصل على التمويل، فقال له بن بوالعيد من اشتراكات المواطنين، فقال له كريم على بركة الله.. لأنه لو قلت لي سأحصل على التمويل والسلاح من العرب لقلت لك لا.. فأنت تعرف حالة العرب في فلسطين وكيف مارسوا الخيانات وأضاعوها.! فالعرب لا يعول عليهم لتحرير الجزائر.3- لاحظوا أيضا أن كريم هو الذي نقل قيادة الثورة من القاهرة إلى تونس لتقليص تأثير المصريين على مسار الثورة.. وأن كريم هو الذي كان وراء محاكمة العقداء الأربعة في الحدود التونسية والحكم عليهم بالإعدام وتنفيذ الإعدام فيهم بتهمة الولاء للمصريين في الثورة.. وأن الذي ترأس المحكمة هو العقيد بومدين قائد الأركان بأمر من وزير الدفاع، وأن “غراق الشرع” كان الكومندان منجلي والمحامي لا أتذكر اسمه... والجميع عينهم كريم وزير الدفاع.4- نزار في كتابه أشار إلى حقيقة وهي أن مجموعة “ضباط فرنسا” التحقوا بالجيش في الحدود للتدريب بأمر من وزير الدفاع كريم بلقاسم وليس بومدين... وبومدين كان المنفذ... بومدين كان بالفعل عامل التوازن بين الاتجاه الفرنسي في الثورة الجزائرية والاتجاه العروبي الذي يمثله بن بلة. أنا أعرف أن هناك حقائق في هذا السياق يعرفها نزار بإمكانه أن يكشفها وله الشجاعة الكافية لفعل ذلك. نزار يعرف تفاصيل رحلة بوتفليقة إلى سجن الزعماء الخمسة، ويعرف السبب الذي من أجله اتصل بوتفليقة ببن بلة في السجن ولم يتصل بغيره، ويعرف أيضا لماذا تخلى الجنرال ديغول عن بند دخول جيش الحدود من دون سلاح كما تنص عليه اتفاقية إيفيان... نزار فعلا من الضباط الفارين من الجيش الفرنسي، لكنه قاد معارك ضد الجيش الفرنسي قبل الاستقلال، وبهذه الصفة بإمكانه أن يتحدث عن هذه المرحلة بأريحية ولا يتهم بما يتهم به.

 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات