+ -

صنّف تقرير دولي الجزائر ضمن قائمة الدول التي تضطهد المسيحيين في العالم، بسبب عدم تمتعهم بالحرية لممارسة شعائرهم وتنظيم أمورهم الدينية. وجاءت الجزائر في المرتبة 42 من أصل 50 بلدا، تم ترتيبها بشكل تصاعدي، ضمن سلم يبدأ من الأكثر اضطهادا إلى الأقل.أصدرت منظمة "أبواب مفتوحة" التي تنتشر في نحو 60 دولة وترصد أوضاع المسيحيين البروتستانت بالخصوص، تقريرها السنوي لـ2018 المعنون "المؤشر العالمي لاضطهاد المسيحيين". وتضمن هذا التقرير انتقادات حادة للسلطات الجزائرية، حتى وإن كان التصنيف الذي منح للجزائر أقل سوءا من دول أخرى، حيث تقدمت على العديد من الدول العربية، على غرار تونس (المرتبة 30)، وقطر (27) والإمارات (40). وأُدرجت الجزائر في خانة الدول الملونة بالأصفر، وهي الأقل حدة من حيث درجة الاضطهاد، في حين يشتمل التصنيف على اللون الأحمر الذي يضم درجة الاضطهاد القصوى ويليه اللون البرتقالي.وفي الحالة الجزائرية، أبرز التقرير أن "الاضطهاد هو بالأساس نتيجة التطرف الديني، ثم بدرجة أقل شمولية السلطة والفساد". وذكر في تفصيل ذلك أن "الحركات الإسلامية المتطرفة، تقوم بالضغط على الحكومة والمجتمع. أما العائلات، فتمارس الضغط هي الأخرى على المسيحيين الذين كانوا في الأصل مسلمين، من أجل أن يعودوا عن مسيحيتهم". ولاحظ التقرير أن في الجزائر، "يمنع القانون التجمعات العامة التي يكون محلها ممارسة شعائر أخرى غير الإسلامية"، بينما ذكر أن "التطرف الإسلامي حاضر في المناطق وهو يلقي بثقله على الحياة الخاصة العائلية والمجتمعية والمدنية والروحية بالنسبة للمسيحيين".وحول وضع الكنائس في الجزائر، قال التقرير إنه "منذ دخول الأمرية 06-03 الصادرة في فيفري 2006، التي تحد من الحرية الدينية، لم تمنح السلطات الجزائرية ترخيصا ببناء أي كنيسة جديدة". ونتيجة لذلك، أوضح "بأن الكثير من المسيحيين يتجمعون في أماكن خاصة في المنازل والمكاتب، ومنهم من أنشأ كنائس داخل المنازل، رغم أن ذلك غير قانوني". وأبرز "أن بعض المجموعات تجتمع علانية، بينما آخرون يفعلون ذلك سرا".وأضاف تقرير "أبواب مفتوحة"، أن "الكنيسة البروتستنتية الجزائرية، انتظرت حتى سنة 2011 من أجل الحصول على الاعتماد الرسمي الذي كان يظهر على أنه تطور إيجابي، إلا أنه سرعان ما تحول إلى خيبة أمل". كما شكك "في نوايا السلطات الجزائرية من وراء منح هذا الاعتماد"، مشيرا إلى أن ذلك "كان على ما يبدو من أجل إعطاء السلطات الجزائرية انطباعا جيدا عنها في الخارج". أما سبب الخيبة بعد قرار الاعتماد، فهو راجع، حسب التقرير، إلى أن ذلك لم ينجر عنه مزيد من الحرية على المستوى المحلي، لأن كل كنيسة عليها أن تحارب من أجل الحصول على ترخيص العمل الخاص بها.وبحسب التقرير، فإن عدد البروتستانت في الجزائر، يتراوح بين 30 ألفا و35 ألفا، في حين يبلغ عدد الكاثوليك 5 آلاف. وأشار إلى أن الكنيسة البروتستنتية في الجزائر، تم تأسيسها قبل 40 سنة، وهي اليوم تضم 39 كنيسة، بينما يوجد العشرات من الكنائس البروتستنتية المستقلة، أغلبية مرتاديها من الجزائريين.ويرى نور الدين بن يسعد، رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، في تصريح لـ"الخبر"، أن مثل هذه التقارير أصبحت تقدم نفس الملاحظات سنويا، بسبب عدم قيام السلطات الجزائرية بمجهود لتغيير الوضع، لأن المنظومة القانونية التي تحكم ممارسة الأنشطة الدينية تعود لـ2006، لا تتطابق مع الدستور الذي يكفل هذه الحريات، أو مع المواثيق الدولية التي صادقت عليها الجزائر. من جانب آخر، لاحظ الحقوقي، في تصريح لـ"الخبر"، بأن المجتمع في الجزائر لا يتسامح كثيرا مع المغايرين في الديانة، حيث يسود خطاب ديني مهيمن باتجاه واحد في هذا الجانب.وعادة ما ترد السلطات الجزائرية على كل التقارير التي تتناولها في هذا المجال، على أن حرية الديانة والعقيدة مكفولة لجميع المواطنين والوافدين إلى الجزائر. وفي هذا الشأن، ردّ محمد عيسى، وزير الشؤون الدينية، على الملاحظات التي قدمها تقرير كتابة الدولة الأمريكية حول الحريات الدينية، قبل سنة، بأن "نقاط الخلل المسجلة في التقرير تتعلق أساسا بعدم فهم ثقافة الشعب الجزائري الذي ما زال في ذاكرته بأن المسيحية مرتبطة بالاستعمار واليهودية وبالصهيونية وذلك مساندة للقضية الفلسطينية". وأكد الوزير أن هذا الموضوع "يحتاج إلى سنوات لتغيير الذهنيات ولا يمكن محاكمة الجزائر على ثقافة شعبها، بل يستدعي الأمر بذل الجهود لفهم الماضي الثوري والتاريخي لشعبنا ومدى وقوفه إلى جانب القضايا العادلة في العالم".

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات