زراعة القمح "البليوني" تتراجع من التصدير إلى "العولة"

+ -

يعدد الفلاحون بالسهل الجنوبي لولاية قالمة، الذي يضم وادي الزناتي وتملوكة وعين رقادة وعين مخلوف، ثلة من أنواع القمح الصلب التي اشتهرت بها المنطقة وسهول بايلك الشمال القسنطيي، بين القمح البليوني والهذبة ومحمد بلبشير، شتلات أصيلة ونادرة كانت تزرع على مساحات واسعة تقدر بمئات الهكتارات، لكنها انحسرت اليوم لدرجة أن القمح البليوني أصبح يمثل زراعة “معاشية” أو “عولة”، وهي شتلات تم نقلها من الجزائر إلى أوروبا عن طريق فرنسا، وإلى الولايات المتحدة الأمريكية، إذ تمثل مئونة لكبار المسؤولين في “الكونغرس”. ولعل القيمة الغذائية العالية لهذه الأنواع، والتي تفطن الغرب لأهميتها باكرا، كانت سببا في شهرتها محليا، لدرجة ترسخت في الذاكرة الجماعية عبر أغنية “يا صالح يا القمح البليوني” التي اشتهرت في الأربعينيات، وأرّخت للقمح ولصالح باي.

عندما سعينا لإعداد هذا الموضوع، توجهنا إلى بلدية تاملوكة ومنها إلى وادي الزناتي، وبينهما 18كلم، فلم يكن من اليسير العثور على فلاح عايش فترة زراعة القمح “البليوني”، وتفاجأنا بالتراجع الكبير لزراعة هذا النوع من القمح إضافة إلى “الهذبة” في قالمة خاصة في سهل تاملوكة وعين رقادة ووادي الزناتي، حيث مطامر القمح في “الدوك” الذي امتدت منه خطوط السكة الحديدية نحو المملكة المتحدة انطلاقا من عين رقادة، ما يؤكد أهمية السهل الجنوبي بقالمة سابقا، وهو حال ينسحب على الهضاب العليا التي عرفت بخزان “روما”، مع تسجيل تواصل زراعة نوع قمح “محمد بلبشير” بها، رغم تراجع مساحته بشكل كبير. مقابل العوائق الكثيرة التي تحدث عنها الفلاحون والعاملون بتعاونيات الحبوب والبقول والجافة، والتي تسببت في تراجع القمح الصلب بأنواعه، وهي خسارة كبيرة يتحمل حسرتها الفلاحون، لكنهم يقرون مع ذلك بأهمية هذا المنتج الغذائي العالي، وبالمكانة الكبيرة التي كانت تحتلها مزارع القمح بأراضيها الخصبة زمن “الكولون”، وحتى السنوات الأولى من الاستقلال.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات