+ -

الهوشة السياسية بين سرايا الحكم زعزعت الحالة الأمنية في البلاد بصورة كادت تعصف بما تبقى من أمن واستقرار البلد، وكانت حادثة تيڤنتورين الجزء الظاهر من جبل الثلج.اليوم انتقلت الهوشة بين سرايا الحكم من الوضع الأمني إلى الوضع السياسي والاقتصادي.. وأدوات الهوشة في المجال السياسي (سعداني) هي نفسها التي كانت في المجال الأمني، وربما حتى المجال الاقتصادي.لكن الهوشة الاقتصادية أبطالها غير أبطال الهوشة الأمنية والسياسية. في الأمنية كان أبطال الهوشة جنرالات، وفي الهوشة السياسية أبطالها رؤساء أحزاب ووزراء، أما الهوشة الاقتصادية فأبطالها هم رجال أعمال.صحيح أن رجال الأعمال هم امتداد لأبطال الهوشة الأمنية والسياسية، فانتصار تحكوت على ربراب وافتكاك منه تمثيل عملاق الصناعة الكورية “هونداي” هو في النهاية امتداد لبقايا الهوشة الأمنية والسياسية بين الفاعلين الأساسيين في هذه القضية.كما أن افتكاك حداد فدرالية رجال المال والأعمال من سابقه هو الآخر يندرج في سياق الترتيب الاقتصادي لنتائج المعركة الأمنية والسياسية في سرايا الحكم.اللافت للانتباه هو أن المنتصر والمهزوم في هذه الهوشة المؤسفة انتهى بهما الأمر إلى أنهما أصبحا بمثابة المهزومين معا، فالرأي العام الذي يعتبر رجال السياسة فسدة، أصبح يعتبر أيضا رجال المال والأعمال هم أيضا الامتداد القذر لهذا الفساد.. وبالتالي، لا يوجد منتصر ومهزوم في هذه الواقعة، لأن الجميع أصبح مهزوما في نظر الشعب.هل يتصور عاقل أن قوائم المرشحين التي ستعج رؤوسها برجال المال والأعمال في التشريعيات القادمة سيصوت عليها الشعب؟! والحال أن نتائج (الحرب الدونكيشوطية) التي حدثت بين هؤلاء باسم السياسة واسم الاقتصاد وتحت عنوان النهب والفساد، قد شوهت الجميع (المنتصر والمهزوم)، حتى بات الرأي العام يعتبر لجوء رجال السياسة إلى رجال المال ليس بسبب الحاجة إلى إجراء انتخابات بالشكارة، بل الحاجة إلى حماية هؤلاء وأولئك بالحصانة البرلمانية من المتابعات القضائية هي التي أجبرت “المتعوس” السياسي على أن (يَتْلَم) على (تالف) الرأي الاقتصادي!في بلد كالجزائر عندما تصبح عملية إجراء الانتخابات أسوأ في نتائجها من عدم إجراء هذه الانتخابات أصلا.. عندما يحدث ذلك فإننا نكون قد أصبحنا أمام ظاهرة تتجاوز القول إن البلاد في أزمة، بل أصبح الأمر يتطلب أن نقول إن البلاد أصبحت في كارثة ولا مجال للبحث عن حلول سريعة لهذه الكارثة في المنظور القريب، لأن حالة البلاد أصبحت في حكم الميؤوس منها.

 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات